-
كازاخستان الدولة الوحيدة في أسيا الوسطى التي تقيم معرض ” اكسبو 2017 ” ومصر تشارك بأكبر جناح.
-
أدعوا الشعب المصري والعربي لزيارة كازاخستان …ويؤكد تسهيلات وفرص غير مسبوق للرجال الأعمال للاستثمار.
حوار خاص – مازن الشاذلي – القاهرة
عندما تقابله للوهلة الأولى ، ينتابك شعورا أنك أمام سفير فوق العادة ، فالرجل شديد الثقافة والتواضع ، فهو ليس سفيرا دبلوماسيا لدولته فحسب ، بل سفيرا حقيقا لكل ما يتعلق بتاريخ وحضارة بلده كازاخستان ، أنه معالي السفير أرمان إيساغالييف سفير كازاخستان بالقاهرة والذي أكد أن مصر من أوائل الدول التي تحرص كازاخستان للتعاون معها ، مؤكدا أن مصر أيضا من أوائل الدول التي اعترفت وأقامت علاقات دبلوماسية مع كازاخستان ، كما أشاد معالي السفير أرمان إيساغالييف بدور الأزهر الشريف في مجابهة والتصدي للأفكار المتطرفة ولكافة أشكال الإرهاب ، لافتا إلى أن الأزهر الشريف له مكانته الكبيرة في كازاخستان كونه أكبر قلعة إسلامية في العالم لتبنيها الإسلام الوسطي الحقيقي ، كما أوضح معالي السفير الكازاخستاني على حرص بلاده لتوطيد العلاقات مع مصر في مختلف المجالات ، كما دعا كل الشعوب العربية لزيارة كازاخستان ، وأن كان معاليه أخص الشعب المصري بزيارة كازاخستان لحضور فعاليان معرض اكسبوالذي تنظمة كازاخستان مشيرا إلى جناح مصر في المعرض يعد من أكبر الأجنحة داخل المعرض العالمي ، ولكي نتعرف عن قرب عن دولة كازاخستان فكان لنا هذا الحوار الخاص بمعالي السفير أرمان إيساغالييف.

( 1 ) استقلت كازاخستان عن الاتحاد السوفيتي عام 1991 ، وكانت مصر من أولي الدول التي اعترفت باستقلالها وأقامت علاقات دبلوماسية معها . ويرتبط البلدان بعلاقات تاريخية عريقة . حدثنا أكثر عن عمق العلاقات بين البلدين ؟
ترتبط كازاخستان مع مصر بعلاقات تاريخية ، وضع أسسها ابن السهول الكازاخية ، سلطان مصر والشام السلطان الظاهر بيبرس ، وكانت الظروف السياسية التي مر بها البلدان ” مصر وكازاخستان ” سبباً رئيسياً في عملية التقارب والتباعد في علاقات البلدين ، فكازاخستان خضعت لفترات زمنية طويلة تحت الحكم الاستعماري ، كان آخرها ضمن منظومة الاتحاد السوفيتي ، ومن ثم فلم يكن لها حرية القرار في إقامة علاقات خارجية مع دول العالم وخاصة مع الدول الصديقة وفي مقدمتهم مصر ، ولكن عندما كانت الظروف السياسية مهيأة لمد جسور التعاون مع العالم الخارجي ، كانت مصر من أوائل الدول التي كانت تسعي كازاخستان للتعاون معها ، ولذلك كانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت وأقامت علاقات دبلوماسية مع كازاخستان ، وخلال سنوات الاستقلال التي لا تزيد عن 26 عاماً توطدت العلاقات بين البلدين ، وكانت هناك زيارات متبادلة علي مختلف المستويات ، كان أبرزها زيارة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلي كازاخستان في فبراير 2016 ، ولقائه بفخامة الرئيس نورسلطان نزاربايف ، والمشاركة في اجتماعات مجلس الأعمال المصري الكازاخي ، وتوقيع عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات التي من شأنها تطوير العلاقات بين مصر وكازاخستان في مختلف المجلات ، وسفارة كازاخستان في القاهرة تعمل من أجل ترجمة تلك الاتفاقيات إلي أعمال علي أرض الواقع ، بما يرتقي بالعلاقات التي يتطلع إليها شعبينا .
( 2 ) سيادتكم بدأت العمل الدبلوماسي في سفارة كازاخستان بالقاهرة ، وبعد سنوات أصبحت سفيرا في القاهرة . ما الذي يعجبكم في مصر ؟
نعم عملت سكرتيرا أولا بسفارة جمهورية كازاخستان بالقاهرة لمدة أربع سنوات من عام 2000 إلي عام 2004 ، وقد رجعت مرة أخري إلي مصر كسفير لبلادي ، وكغيري من جميع الدبلوماسيين الذين يعملون في الدول العربية نري مصر دولة عريقة ، لها تاريخ وحضارة عظيمة ، فمصر هي مركز العالم العربي وقلبه النابض بالحيوية ن نظراً لما تملكه من مقومات سكانية وتاريخية وثقافية وحضارية ، علي جانب موقعها الجغرافي وتأثيرها السياسي والاقتصادي في مجريات الأحداث في المنطقة ، وبالتالي فإن من يعمل في مصر يكتسب الكثير من الخبرات نظراً لما تمثله مصر من ثقل سياسي واقتصادي في منطقة الشرق الأوسط .

( 3 ) سيادتكم حريصين علي زيارة الأزهر الشريف كونه أكبر مؤسسة إسلامية في العالم . كيف يري الشعب الكازاخستاني الأزهر الشريف ؟
الأزهر كمؤسسة إسلامية يمتد تاريخها لنحو ألف عام ، له مكانة هامة في مختلف أنحاء العالم ، لما يتمتع به من وسطية واعتدال في الدعوة إلي الله تعالي ، وينظر العالم كله المسلم وغير المسلم إلي الأزهر بهيبة كبيرة نظراً لما يقوم به من دور رائد في محاربة التطرف الفكري والتشدد الذي يؤدي إلي الارهاب ، ونحن في كازاخستان علي كافة المستويات الرسمية والشعبية ننظر إلي الأزهر نظرة تقدير واحترام ، ونعتبره حائد الصد أمام موجات التطرف والتشدد التي تجتاح العالم الإسلامي ، ولذلك يفد الكثير من طلاب العالم إلي الأزهر الشريف باعتبارة منارة ، ونحن ننظر إلي من يدرس في الأزهر من ابناء كازاخستان نظرة تقدير واحترام ، ويكون لهؤلاء الدارسين مكانة هامة في كل المواقع التي يشغلونها في البلاد بعد الانتهاء من دراستهم ، على سبيل المثال مفتي جمهورية كازاخستان الحاج ايرجان مالغاجي من خريجي الأزهر ولذلك نحن نسعي دائما إلي تطوير علاقاتنا مع الأزهر كمؤسسة لها مكانتها وقدرها ونعمل علي زيادة أعداد الدارسين من كازاخستان في هذه المؤسسة العريقة .

كما أود أن أشير الى الدور الذى قام به الأزهر الشريف فى دعم وتعزيز المبادرة التي أطلقها فخامة الرئيس نورسلطان نزاربايف لتأسيس ” مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية ” الذي يعقد دوريا فى كل ثلاث سنين ، حيث أيد الأزهر الشريف المبادرة منذ اليوم الأول لإطلاقها ، وقدم مساهمات كبيرة لتطوير نشاط المنتدى وحصوله على الاعتراف الدولي . كما شارك فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر السابق المرحوم الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي – قبل وفاته – بانتظام في أعمال المؤتمرات الثلاثة الأولى ، يرافقه في كل مرة الأستاذ الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف الأسبق ، وعدد من أساتذة وعلماء الأزهر الشريف . حيث كان الرئيس نورسلطان نظربايف يرسل إليهم طائرة خاصة تنقلهم الى العاصمة الكازاخية الجديدة أسطانا – حيث يعقد المؤتمر – تقديراً لمكانتهم الدينية الرفيعة . وكان لأعضاء الوفد المصري دائما الدور الأبرز فى تحديد جدول أعمال المؤتمر ، والموضوعات التي تناقشها اللجان الفرعية المنبثقة عنه ، وكذلك صياغة الوثيقة الختامية الصادرة عن المؤتمر . فى عام 2015 ترأس وفد مصر المؤتمر الخامس مفتي الديار المصرية فضيلة الدكتور شوقي علام.
في هذا الصدد، أجدد شكري وتقديري لفضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور شيخ الأزهر الشريف لدعمه ومساندته لمؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية ولعنايته واهتمامه بهذا الحوار.
( 4 ) هناك مساهمات من جمهورية كازاخستان لبعض المساجد التاريخية في مصر ، منها تبرع فخامة الرئيس نورسلطان نزاربايف منذ عدة سنوات لمسجد الظاهر بيبرس . فهل هناك تعاون بينكم وبين وزارة الأوقاف ؟
ليست مساهمات لبعض المساجد ، فحكومة كازاخستان وقعت اتفاقية عام 2007 مع وزارة الآثار المصرية التي تشرف علي المسجد كأثر معماري ، تم بموجبها تقديم منحة قيمتها 4,5 مليون دولار لترميم مسجد السلطان الظاهر بيبرس ، باعتباره تراثاً معمارياً مشتركاً بين مصر وكازاخستان ، وكان قد توقفت أعمال الترميم في المسجد عام 2011 ، ثم تم استئناف العمل مرة أخري بعد الاتفاق مع اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية للانتهاء من عملية الترميم .

أما التعاون مع وزارة الأوقاف فله جوانب أخري متعددة ، يأتي في مقدمتها الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية ” نور – مبارك ” في مدينة ألماطي بكازاخستان ، وهي جامعة مصرية تشرف عليها وزارة الأوقاف المصرية بالتعاون مع الحكومة الكازاخية. يشكل معظم أعضاء هيئة التدريس أساتذة مصريون من الأزهر الشريف حيث تسعى هذه الجامعة أن تكون مركزا تعليميا دينيا مرموقا فى منطقة آسيا المركزية.
( 5 ) كان هناك أكثر من لقاء مع وزير مصري أبرزهم وزير البترول والزراعة والاسكان وكان بهدف التعاون بين مصر وكازاخستان . حدثنا سيادتكم عن أوجه التعاون بين كازاخستان والحكومة المصرية .
يوجد العديد من مجالات التعاون بين مصر وكازاخستان. أهما مجال الزراعة حيث أن كازاخستان تعتبر أكبر منتج ومصدر للقمح فى العالم الإسلامي وقطاع التنمية العمرانية وانشاء المدن الجديد والغاز والبترول والصناعة وصناعة الأدوية تعتبر من الصناعات الواعدة للتعاون المثمر للبلدين.

فور وصولي الى القاهرة تشرفت بأن أكون باستقبال مع معالي وزير التجارة والصناعة طارق قابيل لمناقشة سبل تنشيط التجارة بين البلدين وبدء مفاوضات بين مصر والدول الأعضاء في الاتحاد الأورو أسيوي الاقتصادي حول إنشاء منطقة تجارية حرة مع هذه الدول واستيراد القمح الى مصر من كازاخستان وفتح دار التجارة المصرية فى عاصمة كازاخستان أستانا والمسائل الأخرى المتعلقة بالتعاون في مجال التجارة والصناعة.
كما تشرفت باللقاء مع معالي الدكتور عبدالمنعم البنا، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي ، لمناقشة سبل التعاون بين البلدين في كافة المجالات الزراعية والأنشطة المرتبطة وخاصة سبل زيادة فرص التبادل التجاري للحاصلات والمنتجات الزراعية بين البلدين، حيث أن كازاخستان، لديها فائض كبير في محصول القمح، فضلاً عن قدرتها العالية في إنتاج اللحوم نظراً لما تمتلكه من أعداد كبيرة من رؤوس الماشية. كما اتفقنا خلال اللقاء على أن تشمل مجالات التعاون تبادل الخبرات، والوفود من البلدين، في مجال الزراعة والإنتاج الحيواني، والخدمات البيطرية، ما يساهم في دعم وتنمية البحث العلمي في كلا البلدين.
يعتبر مجال التنمية العمرانية وإنشاء العاصمة من أهم مجالات التعاون بين كازاخستان ومصر حيث التقيت مع معالي الدكتور مصطفى مدبولي، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لبحث أوجه التعاون بين مصر وكازاخستان فى مجالات الإسكان والتنمية العمرانية وعلى وجه الخصوص مشاركة شركات كازاخية فى المشروعات الاستثمارية بالعاصمة الإدارية الجديدة، كازاخستان لها تجربة ممتازة فى إنشاء عاصمة جديدة، حيث يستفيد الجانب المصري منها عند إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة في مصر. هذا النوع من التعاون تم الاتفاق عليه أثناء زيارة فخامة الرئيس السيسي التاريخية إلى أستانا في العام الماضي والتي مثلت نقلة نوعية للعلاقات بين البلدين، ثم تبعها وفد كبير، برئاسة وزير الإسكان للتعرف على تجربة كازاخستان في إنشاء عاصمة جديدة.
تعتبر كازاخستان من أكبر المصدرين للبترول خارج منظمة الأوبك، تظل الطاقة فى اولويات لسياسة لكل بلد. في هذا الصدد، كنت في استقبال معالي المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية، حيث استعرضنا سبل فتح آفاق جديدة للتعاون بين البلدين في مجالات البترول والغاز، وتبادل المعلومات والخبرات بين البلدين في هذه المجالات، وبحث الفرص الاستثمارية المتاحة في المشروعات البترولية خلال المرحلة المقبلة.

( 6 ) انطلقت فعاليات معرض اكسبو 2017 ” في العاصمة أستانا في 10 يونيو ، تحت شعار ” طاقة المستقبل ” ، ويستمر حتي 10 سبتمبر المقبل بمشاركة مائة دولة من بينها مصر . نريد التعرف علي استعدادات كازاخستان لهذا المعرض الكبير والهدف منه .
يعتبر معرض اكسبو بصفة عامة من أهم المعارض في العالم ، فهو يعتبر ثالث حدث عالمي من حيث الأهمية والشعبية في العالم بعد اللعاب الأولمبية وكأس العالم لكرة القدم ، وكما أن كازاخستان هي الدولة الوحيدة في آسيا الوسطي ، والوحيدة في منظومة دول الاتحاد السوفيتي السابق التي تتشرف بتنظيم مثل هذا الحدث الضخم ، ولذلك فقد استعدت كازاخستان من أجل تنظيم معرض ” اكسبو 2017 ” استعداداً كبيراً ، وأولت له أهمية خاصة ، وكل من شاهد حفل افتتاح المعرض بمشاركة العديد من زعماء العالم يستطيع تقدير حجم استعدادات كازاخستان لتنظيم هذا الحدث العالمي ، نظرا للاهتمام العالمي الكبير علي مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاعلامية والتقنية ، فقد أنشأت كازاخستان مدينة متكاملة خصيصاً لمعرض اكسبو ، حيث تم تجهيز تلك المدينة بأحدث وسائل العرض ، واستخدمت في إعدادها وتجهيزها أحدث ما وصلت إليه التقنية العالمية من طاقة نظيفة متجددة ووسائل عرض وغيرها من تجهيزات .
اختارت كازاخستان شعاراً لهذا المعرض هو ” طاقة المستقبل ” ، فرغم أن كازاخستان دولة منتجة وغنية بموارد الطاقة المختلفة بوفرة ، من النفط والغاز واليورانيوم ، إن كازاخستان تنظر للمستقبل ، وتسعي للحفاظ علي توفير مستقبل مشرق مزدهر ليس لأبناء كازاخستان وحسب ، بل لكل العالم ، فموارد الطاقة الحالية هي بطبيعتها موارد متناقصة نتيجة زيادة الاستهلاك ، ومن ثم فلابد من البحث من الآن عن وسائل لتأمين مصادر طاقة بديلة للأجيال القامة ، إلي جانب ذلك فإن زيادة الاستهلاك من موارد الطاقة التقليدية يزيد من تلوث البيئة وزيادة الانبعاثات الحرارية ، وكازاخستان لها تجربة مريرة مع نتائج التغير البيئي الذي أدي إلي جفاف بحر آرال وأدي إلي كارثة بيئية تعاني منها جميع دول وشعوب آسيا الوسطي ، فزيادة الانبعاثات الحرارية لها نتائج بيئية كارثية علي العالم أجمع نتيجة التغيرات البيئية ، ومن هنا تأتي أهمية البحث عن بدائل لطاقة المستقبل .



