بقلم : م/ طارق بدراوى
الملكة إليزابيث الثانية هي ملكة بريطانيا الحالية وإسمها بالكامل إليزابيث اليكسندرا مارى وهي الملكة الدستورية لستة عشر دولة من مجموع 53 دولة من دول الكومنولث البريطاني كما أنها ترأس كنيسة إنجلترا منذ يوم 6 فبراير عام 1952م وهي أطول ملوك بريطانيا عمرا وأطول ملوك بريطانيا جلوسا على العرش بعد تخطيها فترة الستة عقود التي حكمت فيها جدتها الملكة فيكتُوريا البلاد وقد ولدت الملكة إليزابيث الثانية بعملية جراحية وهي ما تسمى بالولادة القيصرية في العاصمة البريطانية لندن في يوم 21 أبريل عام 1926م في الساعة الثانية وأربعين دقيقة صباحا بتوقيت جرينيتش بمنزل جِدها لأمها في لندن بشارع بروتون بمدينة مايفير وكانت هي الإبنة الأولى للأمير البرت دوق يورك والذى أصبح لاحقا الملك جورج السادس وكان والدها هو الإبن الثاني للملك جورج الخامس والملكة ماري ووالدتها هي الإبنة الصغرى للأرستقراطي الإسكتلندي كلود باوز ليون الإيرل الرابع عشر لستراثمور وكينجورن وقد تم تعميدها على يد رئيس الأساقفة الإنجيلي كوزمو جوردون لانج في كنيسة خاصة بقصر باكنجهام في يوم 29 من شهر مايو عام 1926م وسميت إليزابيث نسبة إلى والدتها واليكسندرا نسبة إلى جدة أبيها والدة الملك جورج الخامس التي كانت قد توفيت قبل ذلك بستة أشهر كما سميت أيضا ماري نسبة إلى جدتها لأبيها وكانت عائلتها المقربة منها تناديها بليليبت وكان جدها الملك جورج الخامس يعتز بها كثيرا ونسبت إليها الصحافة العامة زياراتها الدائمة له في أثناء مرضه عام 1929م كما سجل كتاب سيرة العائلة المالكة البريطانية دورها في رفع معنوياته ومساعدته على التعافي والشِفاء .
![]()
وقد تلقت الملكة إليزابيث تعليما خاصا في منزلها هي وشقيتها الأميرة مارجريت التي كانت تصغرها بأربع سنوات تحت إشراف والدتهما والمربية الخاصة لهما ماريون كراوفورد التي كانت تدعى أحيانا كروفي حيث تلقت دروسا خاصة في التاريخ الدستوري على يد هنري مارتن نائب مدير جامعة إيتون كما تعلمت اللغة الفرنسية من خلال سلسلة من المربيات الفرنسيات الناطقات بهذه اللغة ودرست أيضا الأدب والموسيقي كما تم تشكيل حركة الفتيات المرشدات خصيصاً لكي تتمكن إليزابيث من تحقيق التواصل الإجتماعي والإختلاط مع بنات من نفس عمرها وهي أول حركة يتم تشكيلها في قصر باكنجهام وصارت لاحقا عضوا في منظمة من المنظمات التوجيهية وكانت الأميرة إليزابيث أثناء فترة حكم جدها هي المرشحة الثالثة لتولي العرش بعد عمها الأمير إدوارد أمير ويلز وأبوها دوق يورك ولم يكن من المتوقع وصولها للحكم وذلك لأن أمير ويلز كان لا يزال شابا ومن المتوقع أن يتزوج وأن ينجب أبناء وأن يصبح أحدهم وريثا للعرش وعندما توفى جدها الملك جورج الخامس في عام 1936م وخلفه عمها أصبحت الأميرة إليزابيث حينذاك هي المرشحة الثانية للخلافة من بعد أبيها وفي وقت لاحق من ذلك العام تنازل عمها الملك إدوارد الثامن عن العرش بعد رغبته في الزواج من واليس سمبسون دوقة وندسور وهي إمرأة مطلقة مما تسبب في خلق أزمة دستورية في المملكة المتحدة وبريطانيا العظمى وبالتالي فقد إرتقى والدها الملك جورج السادس عرش بريطانيا وأصبح هو ملك بريطانيا العظمى ومنذ ذلِك الحين أصبحت الطفلة إليزابيث ذات العشر سنوات هي الوريثة المفترضة للعرش ولو كان والداها قد أنجبا ولدا ذكرا لاحقا لما كان لإليزابيث سوى أن تخسر مكانتها كوريثة مفترضة للعرش ليحظى شقيقها الذكر بهذه المكانة ويصير هو ولي العهد ولكن الأقدار شاءت ألا يحدث هذا .
وفي عام 1927م زار والداها أستراليا ونيوزيلندا وفي عام 1939م قبل قيام الحرب العالمية الثانية مباشرة زار والداها كندا والولايات المتحدة الأميريكية وبقيت الأميرة إليزابيث في بريطانيا خلال كلتا الزيارتين حيث رأى والدها أنها مازالت صغيرة جدا على أن تقوم بمثل هذه الجولات ومن ثم بقيت إليزابيث في القصر الملكي بلندن دامعة العين لمغادرة والديها ولكنهم كانوا يتراسلون بإنتظام حتى أنها أجرت هي ووالديها أول مكالمة هاتفية عبر المحيط الأطلسي في يوم 18 مايو عام 1939م وبعد أن أصبحت الأميرة إليزابيث وريثة عرش بريطانيا بدأت تأخذ الواجبات العامة على عاتقها وعند قيام الحرب العالمية الثانية في بداية شهر سبتمبر عام 1939م والتي إستمرت حتي منتصف عام 1945م إنضمت للعمل في الخدمة الإقليمية الإحتياطية وفي أثناء هذه الحرب تعرضت لندن إلى عمليات قصف جوي متكررة وتم إجلاء العديد من الأطفال من لندن وعندئذ إقترح اللورد هايلشام أحد كبار الساسة في ذلك الوقت ضرورة ترحيل الأميرتين إليزابيث ومارجريت إلى كندا رفضت والدتهما بشدة هذا الإقتراح قائلة الأميرتان لن يغادرا بدوني وأنا لن أغادر بدون زوجي وزوجي لن يترك بريطانيا العظمى وبقيت الأميرتان في قلعة بالمورال بإسكتلندة ثم إنتقلا إلى منزل ساندرينجهام بنورفولك في يوم رأس السنة الميلادية لعام 1940م ومكثا في رويال لودج بوندسور من شهر فبراير حتي شهر مايو عام 1940م ثم إنتقلا إلى قلعة وندسور حيث مكثا فيها حوالي خمس سنوات وفي وندسور نظمت الأميرتان التمثيليات الصامتة أو ما يطلق عليها الإيمائية في الكريسماس لمساعدة الملكة في شراء الغزل لنسج ملابس الجيش كما قدمت إليزابيث أول بث إذاعي لها وهي في سن الرابعة عشر من عمرها من خلال ساعة الأطفال على قناة البي بي سي مخاطبة الأطفال الآخرين الذين تم إجلاؤهم من المدن وقالت إننا نحاول فعل كل ما بوسعنا من أجل مساندة جنودنا والبحارة والطيارين البواسل كما نحاول أيضا تحمل نصيبنا من أسى وخطر الحرب ونعلم جميعا أن في النهاية كل شيء سيكون على ما يرام وفي عام 1943م قامت إليزابيث بزيارة فرق المشاة وكان هذا هو أول ظهور علني منفرد لها وكانت في سن السادسة عشر من عمرها.
![]()

