آخر الأخبار

انخفاض السياحة الخارجية في تركيا في يوليو لأول مرة منذ كوفيد

شارك

السياحة العربية 

انخفض عدد السياح الأجانب الوافدين إلى تركيا في يوليو/تموز لأول مرة منذ 5 سنوات، مما أثار مخاوف بشأن تأثير قوة الليرة على التدفقات النقدية. وسجلت تركيا انخفاضًا بنسبة 5% في عدد السياح الأجانب الوافدين على أساس سنوي في يوليو/تموز، وفقًا لبيانات وزارة الثقافة والسياحة اليوم الجمعة. وذكرت الوزارة أن 6.97 ملايين سائح دخلوا البلاد الشهر الماضي، بحسب “بلومبيرغ”.

يعد هذا أول تراجع في بيانات السياحة الخارجية لشهر يوليو/تموز منذ ذروة جائحة كوفيد-19 في عام 2020. وهذا مؤشر مُقلق لبلد يعتمد بشكل كبير على السياحة الصيفية لخفض عجز حسابه الجاري وتعزيز احتياطياته من العملات الأجنبية. وصرح اقتصاديون في مجموعة “غولدمان ساكس” الشهر الماضي بأنهم يراقبون من كثب عائدات السياحة نظرًا إلى تأثيرها على الحساب الجاري. وكتب كليمنس غراف وباساك إديزجيل: “تفترض توقعاتنا لعجز الحساب الجاري البالغ 1.9% لعام 2025 انخفاضًا في نمو عدد زوار السياحة بسبب ارتفاع الأسعار في السنوات القليلة الماضية”.

في المقابل، ارتفعت قيمة الليرة التركية خلال العام الماضي مقارنةً بمعدل التضخم، نتيجةً لاستراتيجية صانعي السياسات لرفع قيمتها الحقيقية، حيث تنخفض العملة بوتيرة أبطأ من انخفاض التضخم الشهري. وقد جادل البنك المركزي سابقًا بأن ارتفاع قيمتها الحقيقية هو النتيجة الطبيعية لسياسة نقدية متشددة، وهو أمر ضروري لكبح جماح نمو الأسعار السنوي البالغ 33.5%.

يُلحق ارتفاع قيمة الليرة الضرر بالمصدرين والمقيمين، حيث يشكو البعض من المبالغة في تقدير قيمة العملة. وبحسب “بلومبيرغ”، أظهرت البيانات انخفاضًا في عدد السياح الأجانب الوافدين خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام بنسبة 2.1% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. وتستهدف تركيا تحقيق إيرادات سياحية إجمالية قدرها 64 مليار دولار بحلول عام 2025، وهو هدف صرّح وزير السياحة محمد إرسوي الشهر الماضي بأنه سيتم الحفاظ عليه.

السياحة في تركيا بين الازدهار والأزمات

تُعد السياحة واحدة من أبرز ركائز الاقتصاد التركي منذ عقود، إذ أسهمت بشكل كبير في توليد العملات الأجنبية وتقليص عجز الحساب الجاري، إلى جانب توفير ملايين فرص العمل. وقد بدأت تركيا منذ السبعينيات والثمانينيات بالتركيز على تطوير القطاع السياحي عبر استثمارات في البنية التحتية، خصوصاً في السواحل الجنوبية والجنوبية الغربية مثل أنطاليا، بودروم، مارماريس، إضافة إلى إسطنبول التي شكلت واجهة تاريخية وثقافية.

خلال التسعينيات، برزت تركيا وجهةً سياحيةً منافسة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، بفضل أسعارها التنافسية مقارنة بدول مثل اليونان وإسبانيا وإيطاليا. وقد ساعد تنوع المنتج السياحي بين السياحة الثقافية (إسطنبول، كابادوكيا، أفسس)، والسياحة الشاطئية (أنطاليا، ألانيا)، والسياحة العلاجية، على جذب ملايين الزوار سنوياً.

محطات رئيسية في السياحة التركية

شهدت تركيا واحدة من أسوأ الأزمات السياحية بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو/تموز 2016، إلى جانب التوتر مع روسيا إثر إسقاط الطائرة الروسية. أدى ذلك إلى تراجع حاد في أعداد السياح بنسبة قاربت 30% مقارنة بالعام السابق. لكن عودة العلاقات مع موسكو، إلى جانب تعزيز الأمن الداخلي، ساعدت على انتعاش القطاع مجدداً في السنوات التالية.

في مرحلة ما قبل كوفيد، عاشت تركيا فترة ذهبية للسياحة، إذ استقبلت عام 2019 أكثر من 45  مليون سائح، وهو رقم قياسي جعلها ضمن الوجهات الخمس الأولى عالمياً. ولكن، كبقية دول العالم، انهار القطاع السياحي في تركيا مع توقف حركة السفر. فقد تراجع عدد السياح إلى نحو 12 مليوناً فقط عام 2020، مقارنة بـ45 مليوناً في 2019، ما شكّل ضربة قوية للاقتصاد التركي. ومع إعادة فتح الحدود وتخفيف قيود السفر، عاد القطاع تدريجياً للنمو، وسجل عام 2023 أرقاماً قياسية جديدة بفضل زيادة الإقبال من الأسواق الأوروبية والروسية والخليجية.

أهمية السياحة للاقتصاد التركي

تُشكل السياحة نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا، كما تمثل مورداً أساسياً للعملات الأجنبية، إذ توفر سنوياً عشرات المليارات من الدولارات. وتستهدف الحكومة تحقيق إيرادات سياحية تصل إلى 64 مليار دولار بحلول عام 2025. غير أن القطاع يبقى حساساً بشدة للتطورات الداخلية والخارجية، سواء السياسية أو الأمنية أو الاقتصادية. فالعملة القوية حالياً تقلل من تنافسية تركيا وجهةً رخيصةً نسبياً، وهو ما قد يحد من نمو القطاع مستقبلاً.

تاريخ السياحة في تركيا يكشف عن قدرة هذا القطاع على الصمود والتعافي بعد الأزمات، سواء كانت سياسية أم أمنية أم صحية. ومع ذلك، يطرح التراجع الأخير في يوليو/تموز 2024 تساؤلات حول استدامة النمو في ظل سياسة نقدية تشددت لرفع قيمة الليرة. وبينما تظل السياحة ركيزة أساسية في الاقتصاد التركي، سيعتمد مستقبلها على الموازنة بين استقرار العملة من جهة، والحفاظ على جاذبية الأسعار من جهة أخرى، إضافة إلى تعزيز ثقة الأسواق الدولية في الوجهة التركية بوصفها ملاذاً سياحياً آمناً ومتنوعاً.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.