آخر الأخبار

مجتمع حيوي ووطن طموح”.. هكذا تحولت رؤية المملكة 2030 إلى واقع يلامس حياة المواطنين

شارك

محمد قنديل 

منذ إطلاقها في عام 2016، خاضت رؤية المملكة 2030 رحلة تحول شاملة، استندت إلى مكامن القوة الفريدة للمملكة: مكانتها كقلب للعالمين العربي والإسلامي، وقوتها الاستثمارية والاقتصادية الرائدة، وموقعها الجغرافي الاستراتيجي. لقد مرت هذه الرحلة، حتى الآن، بمرحلتين تنفيذيتين، حيث ركزت المرحلة الأولى (2016-2020) على إرساء أساسات قوية من خلال حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والمالية، في حين استهدفت المرحلة الثانية (2021-2025) تسريع وتيرة الإنجاز والبناء على المكتسبات، مع التركيز على القطاعات ذات الأولوية عبر استراتيجيات سعودية متخصصة.
ومع اقتراب المرحلة الثانية من استكمالها، والاستعداد لإطلاق المرحلة الثالثة، لم تعد الرؤية مجرد خطط طموحة أو وعود مستقبلية، بل أصبحت واقعاً ملموساً يمكن قياسه بالأرقام التي تجاوزت التوقعات، حيث تعكس مؤشرات الأداء الكلية للرؤية مدى التقدم المحرز، فوفقاً لتقرير الرؤية لعام 2024م، فإن 93% من مبادرات الرؤية قد اكتملت أو تسير في المسار الصحيح، كما أن 85% من مؤشرات الأداء حققت مستهدفاتها السنوية أو اقتربت من تحقيقها، وذلك في دلالة واضحة على أن الجهود تسير ضمن المسار المخطط له.
“7%” ليس مجرد رقم
في إنجاز يمثل نقطة تحول مفصلية، أظهر التقرير السنوي لرؤية 2030 أن معدل البطالة بين السعوديين انخفض إلى 7% في عام 2024م، محققاً بذلك المستهدف المرسوم لعام 2030م، في تتويج حقيقي لجهود متكاملة أدت إلى خفض كبير في معدل البطالة، الذي كان يبلغ 12.3% بنهاية عام 2016م.
تكمن القصة المحورية هنا في تمكين المرأة السعودية، التي شكلت قلب هذا التحول، حيث انخفض معدل البطالة بين الإناث بشكل كبير من 34.5% في عام 2016 إلى 11.9% في عام 2024م، وذلك بفضل برامج تنمية القدرات البشرية واستراتيجيات سوق العمل التي ساهمت في خلق بيئة أكثر ملاءمة للتوظيف، مما ساهم في وصول عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص إلى أكثر من 2.4 مليون موظف بنهاية عام 2024.
16 مليون معتمر
بالتوازي مع الإنجازات الاقتصادية، واصلت المملكة تعزيز مكانتها كقلب للعالم الإسلامي، فقد تجاوز عدد المعتمرين القادمين من الخارج مستهدف عام 2024 بشكل كبير، حيث بلغ نحو 16.92 مليون معتمر، الأمر الذي يعود إلى التسهيلات الكبيرة في إجراءات الدخول، وتوسيع نطاق منح التأشيرات لزيارة المملكة، ورقمنة الخدمات، وتطوير البنية التحتية للمشاعر المقدسة لاستيعاب أعداداً أكبر من الزوار والمعتمرين.  
8 مواقع على قائمة اليونسكو
ولأن محور “مجتمع حيوي” يقوم في الأصل على ترسيخ الهوية الوطنية للمملكة، كان الحفاظ على التراث الثقافي السعودي أولوية قصوى، فقد حققت الرؤية مستهدف عام 2030 قبل أوانه بتسجيل الموقع الثامن ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، وهو “المنظر الثقافي لمنطقة الفاو الأثرية”، ما يشير إلى عناية لافتة بسياسات الحفظ والتوثيق، وجهود تطوير المواقع وتأهيلها، الأمر الذي يعزز مكانة المملكة على خارطة التراث العالمي.
الجامعات السعودية ضمن الأفضل عالميًا
وعلى صعيد التعليم وتنمية القدرات، حافظت 3 جامعات سعودية على تصنيفها ضمن أفضل 200 جامعة عالمياً، محققة بذلك مستهدف عام 2024م. كما تحسن ترتيب المملكة في مؤشر المواهب العالمي إلى المركز 32 في عام 2024، مدفوعاً بجهود كبيرة تبذل من أجل تهيئة بيئة عمل محفزة ومتطورة تعكس جودة الحياة والفرص الوظيفية، بالإضافة إلى برامج الإقامة المميزة التي تُمكّن استقرار المواهب، وتزيد جاذبية المملكة للمواهب العالمية.

تصدر مجموعة العشرين في مؤشر الأمان
وعلى صعيد تعزيز السلامة وتوفير الطمأنينة للمواطنين والمقيمين، حققت المملكة ريادة عالمية بتصدرها دول مجموعة العشرين في مؤشر الأمان، الذي يقيس شعور السكان بالأمان عند التجول بمفردهم.
وبالتوازي مع هذه الجهود الشاملة، شهد مجال السلامة المرورية تقدمًا كبيرًا، حيث انخفض معدل وفيات حوادث الطرق ومصابي الحوادث المرورية لكل 100 ألف نسمة، ليصل إلى 12.3 في عام 2024، مقارنة بـ 17.6 في عام 2018م، وذلك نتيجة للتطوير المستمر في البنية التحتية للطرق، التي بلغت نسبة سلامتها 80%.
بيئة رقمية رائدة عالميًا
وعلى صعيد التحول الرقمي الشامل ومنظومة الحكومة الإلكترونية، حققت المملكة إنجازات رقمية رائدة، حيث تصدرت دول العالم بحصولها على المرتبة الأولى عالميًا في مؤشر المشاركة الإلكترونية، وكذلك المرتبة الأولى عالميًا في مؤشر البيانات المفتوحة، ما يدلل على جهود المملكة المستمرة في تهيئة بيئة حكومية رقمية متقدمة، شملت تطوير النظام الإحصائي وإطلاق منصة “بيانات السعودية” لتقديم بيانات دقيقة ومحدثة لصناع القرار والباحثين والمواطنين.
جودة الصحة العامة
وعلى صعيد الصحة العامة، ارتفع متوسط العمر المتوقع في المملكة ليصل إلى 78.8 سنة في عام 2023، متجاوزاً بذلك مستهدف عام 2025 البالغ 78.2 سنة، لتأتي المملكة في المرتبة 11 بين دول مجموعة العشرين في هذا المؤشر. هذا التقدم مدفوع بتحسن جودة الرعاية الصحية وارتفاع الوعي المجتمعي بأهمية النشاط البدني.
أول منتخب نسائي لكرة القدم
وفي إطار سعي المملكة لبناء “مجتمع حيوي”، شهد القطاع الرياضي تحولات نوعية عززت مكانتها على الساحة العالمية، حيث حصد أبطالها ميداليات متنوعة في ألعاب الكاراتيه والبلياردو والرماية والملاكمة التايلاندية والجوجيتسو والتايكوندو.
كما امتدت عملية تمكين المرأة السعودية إلى القطاع الرياضي، عبر تشكيل أول منتخب سعودي للسيدات لكرة القدم، وإطلاق دوري كرة القدم للسيدات في عام 2021، ما يعكس التزام المملكة بتنمية القدرات الرياضية لكافة فئات المجتمع، وتعزيز تنافسيتها العالمية، ونشر ثقافة النشاط البدني كأسلوب حياة.
هذه الأرقام تدلل بشكل واضح على أن رؤية السعودية 2030 تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافها الإنسانية والاجتماعية، وأن تركيزها على الإنسان والمجتمع هو سر النجاح الذي يترجم الطموحات إلى واقع مزدهر.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.