سعود البابطين: – انطلاقة لموسم ثقافي يعكس مكانة الشعر في حياة الأمة.
السياحة العربية
استهلت مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية موسمها الجديد مساء الثلاثاء (23 سبتمبر 2025) بأمسية شعرية كبرى حملت عنوان “ليلة أحمد”، وذلك بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي، وسط حضور أدبي وثقافي لافت.
ارتقت المنصّة أصوات الشعراء، لتفوح من قصائدهم أنسام المحبة المحمدية، وتُضاء القلوب بمدائح تُجدد ذكرى المولد الشريف. وأدار الجلسة الشاعر القدير رجا القحطاني، مُرحباً بالحضور من الدبلوماسيين وجمهور الشعراء والأدباء والنقاد.
افتتح الشاعر مصطفى غافلي- (إيران) لوحات شعرية مستلهمة من صور الإيمان والمحبة في نص “مسرىً إلى مجلس الأمن الدولي”:-
كمطلعِ شعرٍ راقَ كلَّ البدائعْ
تألّقَ في المعنى وفاقَ المطالِعْ
يُطلُّ ابنُ عبدِاللهِ يحملُ شرعَهُ
على مجلسِ الأمنِ الكثيرِ الشرائعْ
سَنا برقِهِ مشكاةُ مجدٍ وحكمةٍ
ذهولٌ وكاريزما اقتَنتها الروائعْ
تناغُمُ هِندامٍ وخُلقٍ وخِلقةٍ
كبُستانِ نخلٍ في ثرى الخيرِ يانِعْْ
كفى الناسَ فخراً أنه بشرٌ كما
تغنّت به الأخلاقُ دونَ منازِعْ
هو المبدئُ المعطي الكلامَ حَذاقةً
وأفصحَ تبيانٍ تلقّاهُ سامع
أما الشاعر د. سالم خدادة- (الكويت) فقد جسّد معاني الرحمة والهداية “برسالة إلى حبيبي” مناديًا حبيبه وحبيب الأمة: –
يا حبيبي يا رسول الله
هذه نبضات قلب خنقه الليل
في وضح النهار
يا حبيبي يا نورَ قلبي وعيني
لك مني شوقي وحبّي وحُزني
أشرق الكون حين أشرقتَ فيه
فتهادى ما بين حسن وحسن
وسقيت الأروح كأسًا دهاقًا
فتسامت في العاليات تُغني
وقف الليلُ شاهرًا كل سيفٍ
يقتل النور أينما حلَّ مني
أما عبدالله الفيلكاوي (الكويت) فقد فجّر شجن الحنين الإيماني في قصيدته “فجر المعنى”:-
على ابتداءِ الآلَى عهدًا لها ووفَا
لا بالطلول ولكنْ بالفؤاد قِفَا
رسمٌ من الحب مثلُ الوشم ميسمُهُ
سفتْ عليه سوافي غفلةٍ فعفَا
ما كنتُ أسفُ من شيءٍ مضي حزنًا
حتى ارتحلتُ فذقتُ الويلَ والأسفَا
ذو النونِ قلبيَ لما أن رحلتُ به
ضلَّ الحياةَ ولم يعرفْ لها هدفَا
كأنَّ رأسي سفينٌ في تمايُلهِ
والروحُ في عارمٍ آذيُّهُ عَصفَا
مُقلِّبًا فلسفاتِ الخلْقِ ممتحنًا
بزخرفِ العقل ما قد زخرفوا الصُّحفَا
في غربة الحوتِ في بحر الهموم وفي
ظلمِ الدنى اخْبِط الظلماءَ مُعتسِفَا
لولا تَداركني في عُزلتي وهَجٌ
كأنه فجرُ معنًى فجَّرَ الشَّغفَا
فيما أضاء د. فالح بن طفلة- (الكويت) “بصلوات قصيرة” أبعاد السيرة العطرة في قوالب شعرية رصينة:-
كريمٌ وأخلاقهُ في الحياهْ
أَرَقُّ وأصفى من الجدولِ
ومهما ابتلاهُ اللئامُ تراهْ
يصرُّ على طبعهِ الأوَّلِ
سلامٌ عليهِ..على من رعاهْ
على قلبهِ الأجملِ..الأنبلِ
وسبحانَ من لهدانا اصطفاهْ
على المنهج الواضح الأمثلِ
رسولٌ لهُ الحبُّ..بل منتهاهْ
وأنعِم بأحمدَ من مُرْسَلِ
فيما أكد الشاعر يوسف الكندري- (الكويت) على حضور الشعر في ترسيخ القيم النبوية في نصه “غزاني الجهل”: –
غزانيَ الجهلُ حتى بَدَّدَ الرَّشَدا
ومسَّني الهَمُّ حتى صدَّعَ الكَبِدا
رمانيَ الدَّهرُ عن قوسِ الغَرامِ كما
رمى القضاءُ بعينيْ جؤذَرٍ أسَدا
ورُبَّ فاتنةٍ بالحُسنِ غانيةٍ
لحظتُها فَفَرَتْ مِن همَّتي الجَلََدا
تُصانُ بالجيشِ مصقولًا صوارمُهُ
ولو تبدَّتْ لَهُمْ أفنتهُمُ عَدَدا
ولو رآها أخو الإلحادِ قال: لقد
آمنتُ باللهِ لم أشركْ به أحَدا
فيما عبّر د. عبدالله أبو شميس (الأردن) عن شوق أنس بن مالك لرسول الله ﷺ في قصيدته “خادم الرسول”.
لم يبقَ من أحدٍ يدري بلوعتِهِ
يا ربُّ فائذنْ له يمضي لصُحبتِهِ
مَرّتْ ثمانون عامًا ما غفا بصري
إلا وطيف حبيبي ملءُ غفوتِه
صفّيتُ شوقي مع الأيام تصفيةً
فإنْ أتيتُ سآتيهِ بزُبدتِهِ
حيرانُ.. ما لي سوى عينيه من أملٍ
ظمانُ.. مالي شفاءٌ غيرُ رؤيتِهِ
عيناهُ نهران من عطفٍ ومن حدَبٍ
والأرضُ تخفقُ أزهارًا ببسمتِهِ
وفي يديهِ حكاياتٌ بلا عددٍ
كم نمتُ فوقَهما في حضنِ قصَّتِهِ
أنا الأميرُ الذي سمَّوْهُ خادمَهُ!
وكم سموتُ على الدنيا بخدمتِهِ
أما الشاعر محمد إبراهيم يعقوب- (السعودية)، فقد مزج العمق الروحي واللغة الحديثة في قصيدته: – “طه، وترتبك اللغات”
لا كوكبٌ، إلا وثمَّ مدارُ
في أيِّ أفلاك السماء تحارُ؟!
العابرون إلى دوار كؤوسهم
لم يدركوا كيف الكؤوس تدارُ !!
ذابوا ولم يثقوا بقلبٍ واحدٍ
عند الصبابة تُكشفُ الأستارُ
وأنا هنا ظلُّ الغياب كأنّني
جمرٌ تفرّقَ دونهُ السُّمّارُ
عانقتُ حتى لم أوفّر غيبةً
وذهبتُ حتى ملّت الأسفارُ
وقرأتُ في السِّفْر الطويل نبوءةً
أنَّ الليالي كلهنَّ قصارُ
أدري خسرتُ ولا معارك في دمي
فأنا هنا مرثيةٌ وغبارُ
وشارك الشاعر محمود الباوي – (إيران) بقصائد مشحونة ببوح صدق العاطفة تجاه النبي الكريم حاملًا عنوان قصيدته “بوح فلسطيني في ميلاد النبي”:-
فَمِن موتيَ الأدنى إلى مسجدِ الأقصى
ومِن حيثُ لا أدري إلى ما الردى أدرى
أتيتُ رَسولَ اللهِ جُرحاً مُبَعثَراً
ولي وَجَعٌ شَيخٌ يُؤجِلُني حِذرا
فقُم رَدِّد الآياتِ فيَّ فقد دَنت
ليَ الردَّةُ الكُبرى وشُقَّ ليَ البَدرا
وخُذ من دُموعِ الأُمهاتِ رِسالةً
بها لم يَجئ وَحيٌ ولكنَّها أحرى
كما قدّمت الشاعرة بدرية البدري – (سلطنة عُمان) قصائدها بإشراق قنديل روحي عبّرت عن حبها لرسول الله ﷺ، بقصيدة تحمل عنوان “قنديلٌ من الغار”: –
اخلعْ جراحَكَ بالسطرِ المُقدَّسِ، لا
يصدَّك الذنبُ عن وحيٍ بكَ ارتحلا
واصعد إلى السدرةِ العُليا بلا حَذَرٍ
من دافِقِ العشقِ، إنْ ناداكَ وانهملا
هناكَ تنمو على الأشواكِ نرجِسَةٌ
تؤرجِحُ العطرَ في أوراقِها أَمَلا
وتستكينُ إلى الأقلامِ قافيةٌ
لولا “مُحمَّدُ” ما أهدت لها الجُمَلا
ْواختتم الشاعر نادي حافظ -(مصر) بنصوص عمّقت دلالات المولد الشريف ومعاني الإخاء:-
وُلِدَ الذي بِنِدَائِهِ تتورّدُ
كلُّ الحدائقِ حينَ يُذْكَرُ أحمدُ
هو أمّةُ في الحبِّ حينَ تَعُدّهُ
وإذا سألتَ الحِلمَ فهو الأوحَدُ
مذْ أشْرَقَتْ فوقَ البريِّةِ رُوحُهُ
والشمسُ مِن خَفَرٍ غَدَتْ تتردّدُ
قَدَمَاهُ مُذْ مَشَتَا على روحِ الثّرى
والأرضُ إكراماً بَدَتْ “تتمسْجَدُ”
وفي كلمته، أكد رئيس المؤسسة سعود عبدالعزيز البابطين أن هذه الأمسية تمثل انطلاقة لموسم ثقافي جديد تحتفي فيه المؤسسة بالشعر العربي وقيمه، مشيرًا إلى أن الاحتفاء بميلاد الرسول الكريم ﷺ من خلال الكلمة الصادقة يعكس مكانة الشعر في حياة الأمة وعمق أثره الثقافي والديني.
وأضاف البابطين أن هذه الأمسية تجسّد نموذجًا لأي بدايات ناجحة، مؤكّدًا أن كل مشروع ثقافي أو فكري يحتاج إلى رؤية صادقة وإلهام يستمد جذوره من قيم راسخة، ليكون رسالة مضيئة وإشراقة لكل عمل جديد يسعى إلى التميز والنجاح.