آخر الأخبار

السياحة للجميع: بيان تورينو ايطاليا 2025، يرسم خارطة طريق عالمية لسياحة أكثر شمولاً

شارك

إعداد: ذ.عبد الفتاح هداني – المغرب
خبير حلول امكانية الوصول والسياحة الميسرة.

شهدت مدينة تورينو الإيطالية اختتام أعمال “القمة العالمية الثالثة للسياحة الشاملة – الوجهات للجميع” باعتماد وثيقة تاريخية ستُشكل بوصلة جديدة لقطاع السفر والسياحة العالمي. لقد أطلق المشاركون في القمة، التي عقدت في الفترة ما بين 5 و7 أكتوبر 2025، “بيان تورينو للسياحة الميسرة 2025″، وهو بمثابة دعوة صريحة للعمل تهدف إلى ترسيخ إمكانية الوصول كعنصر جوهري غير قابل للتفاوض في كل ما يتعلق بالسياحة.
جمع هذا التجمع رفيع المستوى ممثلين عن منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة، والحكومات، والقطاع الخاص، والأوساط الأكاديمية، والمنظمات الدولية، الذين أعلنوا التزامهم المشترك بتحقيق “السياحة للجميع”. ويستند البيان إلى أسس دولية راسخة، أبرزها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وأجندة 2030 للتنمية المستدامة، واستناداً إلى الإنجازات التي حققتها القمم السابقة في مونتريال (2014) وبروكسيل (2018).

دعوة للعمل متعددة الأوجه وفق رؤية موحدة
لم يكتفِ “بيان تورينو ” بوضع الأهداف فقط، بل حدد مساراً واضحاً للعمل المشترك، مع مختلف الجهات الفاعلة في القطاع. وجاءت النقاط الرئيسية في الدعوة على النحو التالي:
على جميع أصحاب المصلحة: الدعوة لتبني “التصميم الشامل” كأداة توجيهية عالمية لضمان تجارب موحدة ومتاحة، والعمل على التوظيف الشامل للأشخاص ذوي الإعاقة، لا سيما الشباب والنساء، عبر سلسلة القيمة السياحية، بالإضافة إلى دمج تدريب إلزامي على إمكانية الوصول لجميع العاملين في المجال. كما شدد البيان على أهمية “التصميم المشترك للخدمات” مع المستفيدين النهائيين لضمان ملاءمة الحلول وتجنب هدر الامكانات والفرص المتاحة.
مسؤولية صانعي السياسات: طالب البيان الحكومات بدمج إمكانية الوصول في جميع التشريعات والاستراتيجيات وآليات التمويل العامة المتعلقة بالسياحة، وربط معايير إمكانية الوصول بجميع المناقصات والمشتريات العامة. كما دعا إلى جمع بيانات دقيقة ومحينة حول تجارب وإنفاق ورضا الزوار من ذوي الإعاقة، من أجل اعداد السياسات، واطلاق مبادرات ودعم التخطيط الفعال للسياحة الشاملة.
التزام القطاع الخاص: بيان تورينو بمثابة رسالة واضحة وجهت بشكل مباشر إلى الشركات بضرورة إعطاء الأولوية لمتطلبات الوصول والسلامة والراحة للسياح من ذوي الاعاقة، بدلاً من التركيز على التشريعات أو التحديات اللوجستية. وأكد البيان على ضرورة نشر معلومات موضوعية وموثوقة وحديثة حول إمكانية الوصول للمرافق والخدمات بكل مصداقية، وتمكين العملاء ذوي الإعاقة من الوصول الى المعلومة و الحجز بكل استقلالية مع ضمانات مؤكدة، وتعزيز بروتوكولات تأكيد مزدوج، لتجنب المفاجآت التي تهدد سلامتهم وحماية بياناتهم الخاصة.
إثراء الموارد الثقافية والطبيعية: طالب البيان مديري الموارد الثقافية والطبيعية بجعل المتاحف والمواقع التراثية والمسارات متاحة، مع احترام و تحقيق معاييرعلامة الجودة لامكانية الوصول والسياحة ISO21902-2021 . كما شجع على دعم سياحة المغامرة والرياضات الدامجة في الهواء الطلق، والابتكار عبر استخدام التوجيه الرقمي والواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي لإزالة الحواجز في الأماكن التي يتعذر فيها التدخل المادي.
رهان قوة التكنولوجيا والابتكار: ركز البيان على دور مطوري حلول التكنولوجيا في تسخير الذكاء الاصطناعي والروبوتات والواقع الافتراضي، والتطبيقات لتعزيز الملاحة وتقديم الخدمة الرقمية الميسرة واستقلالية المسافرين والعاملين من ذوي الإعاقة، مع الدعوة لإنشاء مراكز ابتكار مشتركة بين القطاعات لدمج السياحة وتكنولوجيا الرعاية الصحية المساعدة.

ومن أجل ضمان تحويل توصيات البيان إلى واقع ملموس، دعا المشاركون إلى إنشاء مرصد عالمي للسياحة الشاملة يتولى تتبع التقدم، ونشر الممارسات الجيدة، وتوفير التوجيه اللازم على المستوى العالمي. ومن المقرر أن تقوم النسخ المستقبلية للقمة العالمية بمراجعة تنفيذ هذه الدعوات وتحديث الإجراءات عند الحاجة.
ان القمة العالمية الثالثة للسياحة الشاملة، تجدد التأكيد على أن السياحة للجميع ليست مجرد وجهة يجب الوصول اليها، إنها رحلة يشترك الجميع فيها لجعل تجارب السفر ممكنة، بكرامة و حرية وعيش اوقات ممتعة لا تنسى لجميع الناس، و العمل على تغيير شكل السفر والسياحة، لأن الشمولية هي المحرك الحقيقي للتنمية المستدامة واحترام فعلية حقوق الانسان في هذا القطاع الحيوي.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.