السياحة العربية
في التاسع من نوفمبر الحالي تتجه أنظار العالم نحو جدة حيث تنطلق النسخة الخامسة من مؤتمر ومعرض الحج 1447هـ تحت شعار “من مكة إلى العالم”، لتعيد المملكة العربية السعودية فتح نوافذ الحكاية التي لا تراها الكاميرات عادة، حكاية الإنسان الذي يقف وراء الأرقام والرحلة التي تتجاوز الشعيرة إلى جوهرها الإنساني.
بموسم الحج تُبهر صور الطائفين حول الكعبة الشاشات العالمية، لكن ما لا تلتقطه العدسات ألا وهو ما يحدث في المسافة بين الزحام والدعاء، قصة ملايين البشر الذين يفدون من أكثر من 180 دولة يحملون معهم أحلامهم وأسماء أحبّتهم وذكرياتهم الممتدة عبر الأجيال، يختلفون في الملامح والمشاعر والمسافات، ويتشابهون في النية والمقصد، يجتمعون على أمنية واحدة في أطهر بقاع الأرض.
وحين تطأ أقدامهم أرض المملكة العربية السعودية يكتشفون منظومة تدار بكفاءة وتفيض بالعناية والرحمة، متطوعون بكل مكان يقفون بابتسامة ليرشدوا كبار السن، وممرضة سعودية تلاحظ إرهاق الحجاج فتسارع بالعون، وعامل يهيئ المكان ليبدأ القادمون يومهم في بيئة تفيض بالطمأنينة، هذه التفاصيل الصغيرة تصنع الفرق، وهي قلب الحكاية التي تغيب عن العناوين لكنها تظل حاضرة في ذاكرة الحجاج.
وعلى مرّ الأعوام طورت المملكة إدارة الحج لتصبح نموذجًا عالميًا في التنظيم والخدمة، فتحوّل الأداء من التشغيل إلى الرعاية، وتوسّعت إدارة الحشود لتشمل الإنسان قبل الحدث، فأنظمة النقل الذكية، والرعاية الصحية المتقدمة، والخدمات الميدانية، واللافتات متعددة اللغات، جميعها تعمل بتناغم لتجعل رحلة الحج أكثر سلاسة ورحمة، وتجسّد رسالة المؤتمر وشعاره “من مكة إلى العالم” في تجربة واقعية تعبّر عن ما تقدمه وزارة الحج والعمرة لضيوف الرحمن من عناية واهتمام.
فالحج تجربة إيمانية عظيمة وتجربة إنسانية أعمق، تجمع بين العطاء المتبادل والاحترام المتبادل، بين التنظيم والإحساس، وبين أنسنة الخدمة وشمولها لكل تفصيل من تفاصيل الرحلة، وخلال مؤتمر ومعرض الحج 1447هـ الذي يقام من 9 إلى 12 نوفمبر 2025 في مركز جدة سوبر دوم، غرب المملكة، تلتقي الجهات والخبراء من قطاعات النقل والرعاية الصحية والضيافة والتقنية لتبادل الخبرات واستعراض الحلول التي تعزز الاستدامة وتجعل خدمة ضيوف الرحمن أكثر جودة ورحمة وإنسانية.
ويسلّط المؤتمر الضوء على التفاصيل التي تشكّل روح التجربة، والرفق في التعامل، والرحمة في الإدارة، والروابط التي تنشأ بين الحجاج والعاملين والمضيفين في أيام قصيرة تُخلّد في الذاكرة طويلاً، فالحاج يحمل معه رحلة إيمان، ووراء تلك الرحلة تمتد شبكة صامتة من السواعد السعودية التي تواصل العطاء وتصنع تجربة تبقى في القلب قبل الذاكرة.
تلك هي القصة التي تستحق أن تُروى، القصة التي تجعل من خدمة ضيوف الرحمن رسالة سامية تتوارثها الأجيال، وتضع المملكة في موقعها الطبيعي رائدةً للعطاء الإنساني ومركزًا عالميًا لإدارة أقدس رحلة على وجه الأرض.




