عبدالفتاح هداني
مجلة السياحة العربية – المغرب
الدوحة، قطر، اختتمت اليوم، السبت 8 نوفمبر 2025، أعمال الحدث العربي رفيع المستوى حول الأشخاص ذوي الإعاقة وريادة الأعمال والابتكار، الذي استضافته غرفة قطر على مدار ثلاثة أيام، متزامناً مع “مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية”. شكّل الحدث نقطة تحول في الأجندة التنموية العربية، مؤكداً أن الاندماج والشمول الاقتصادي هو مسار رئيسي لا غنى عنه لتحقيق التنمية المستدامة، وحتى لا يترك اي أحد متخلفا عن الركب.

تضمنت فعاليات “الدورة الثالثة لمبادرة العيش باستقلالية للأشخاص ذوي الإعاقة”، بالإضافة إلى “المعرض العربي للأسر المنتجة”. هذا الحدث العربي الذي يتم تنظيمه بالتعاون بين اتحاد الغرف العربية وجامعة الدول العربية، ممثلة بمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، بشراكة فاعلة مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “يونيدو”، والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، ومنظمة العمل العربية.

أكد سعادة السيد محمد بن طوار الكواري، النائب الأول لرئيس مجلس إدارة غرفة قطر، أن المبادرة تمثل فرصة قيمة لتعزيز دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل. وأشار إلى أن دولة قطر تتبنى منظومة متكاملة من التشريعات والسياسات، تماشياً مع رؤية قطر الوطنية 2030، لضمان مشاركتهم الفاعلة. وأبرز حرص غرفة قطر على تشجيع القطاع الخاص على توظيفهم ودعم ريادة الأعمال الصغيرة.

وشهد الحدث العربي رفيع المستوى الرئيسي حول الاشخاص ذوي الاعاقة وريادة الأعمال و الابتكار، حضوراً وزارياً رفيعاً، الاستاذ خالد حنفي الأمين العام لاتحاد الغرف العربية، سعادة الوزير المفوض طارق نبيل النابلسي مدير إدارة التنمية والسياسات بجامعة الدول العربية، سعادة السيد محمد بن صالح العلوي وزير التنمية الاجتماعية بمملكة البحرين، سعادة الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي في مصر، وسعادة السيدة وفاء بني مصطفي وزيرة التنمية الاجتماعية بالمملكة الأردنية الهاشمية، مما عكس الالتزام العربي المشترك بالقضية.

وقد عرف المعرض العربي للأسر المنتجة مشاركة 25 عارضاً يمثلون 13 دولة عربية هي: قطر، مصر، الأردن، البحرين، عمان، السودان، فلسطين، الكويت، السعودية، موريتانيا، المغرب، تونس، والجزائر، والعراق. وعرض المشاركون منتجات يدوية وإبداعية متنوعة، من فضة وخوص ومشغولات تراثية، مؤكدين على أهمية دعم هذه المشاريع لتمكين أصحابها اقتصادياً.

شكل ابتكار “عيني” المغربي، لتسخير الذكاء الاصطناعي في خدمة الاستقلالية، التفاتة متميزة حيث برز الابتكار المغربي “عيني” للمهندس الشاب المهدي ماهر. وهو عبارة عن خوذة ذكية صغيرة الحجم تستخدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لمساعدة المكفوفين وضعاف البصر على العيش باستقلالية، ويتميز الجهاز، الذي يعد الأول من نوعه في المغرب وإفريقيا ويحمل براءة اختراع، بقدرته على التنقل الآمن من خلال تحويل الصور الملتقطة إلى إشارات صوتية تنبه المستخدم للعوائق. والتمكين المعرفي عبر تيسير قراءة النصوص المكتوبة وتحويلها إلى كلام مسموع، بما في ذلك اللغة العربية.
وأكد المهندس ماهر على أن هذا الابتكار يمثل نموذجاً لتسخير التكنولوجيا لتعزيز حقوق هذه الفئة في التنقل والمعرفة والمشاركة الفعالة بحرية وامان.
أكدت مبادرة العيش باستقلالية في نسختها الثالثة على ضرورة التوجه نحو الشمول الاقتصادي عبر أدوات حديثة، ودعم ريادة الاعمال الدامجة وتشجيع الابتكار التكنولوجي، وهي دعوة صريحة للحكومات العربية إلى تمويل ورعاية الابتكارات التكنولوجية الموجهة لخدمة الأشخاص ذوي الإعاقة، ودعم المهندسين والمبتكرين في تحويل براءات الاختراع إلى منتجات تجارية. العمل على تحفيز ريادة الأعمال، وتوفير التمويل متناهي الصغر وتقديم التدريب المتخصص في مجالات إدارة الأعمال والتسويق الرقمي لتعزيز استدامة مشاريع الأسر المنتجة. كما كانت رسالة مباشرة لضرورة ادماج القطاع الخاص، عبر برامج متكاملة وتقديم حوافز تشريعية، ضريبية ومالية قوية لزيادة نسب توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة وتسهيل وصولهم إلى سوق العمل. والتأكيد على ضرورة تطوير البنية التحتية الرقمية وإنشاء منصات لرقمية وحاضنات دامجة لربط الأسر المنتجة بسوق العمل وتسهيل وصولهم إلى خدمات التجارة الإلكترونية.
تكتسب “مبادرة العيش باستقلالية” أهمية خاصة، كونها تمثل تحولاً مفاهيمي لإذكاء الوعي المجتمعي، ينسجم مع المادة 19 من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وإطار عمل عربي موحد يدعم أفضل الممارسات والسياسات الاجتماعية التي تمكن الأشخاص ذوي الإعاقة من اتخاذ خياراتهم الخاصة والتحكم في حياتهم اليومية، بعيداً عن مؤسسات الرعاية التقليدية. هذا التوجه يعزز دورهم كأفراد فاعلين يتحملون مسؤولياتهم ويستفيدون من حقوقهم الكاملة.
وفي الختام، شددت الأطراف المشاركة على أن ربط مفهوم “العيش باستقلالية” بالتمكين الاقتصادي والتكنولوجي هو الاستراتيجية الأكثر فاعلية لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة في المنطقة العربية.



