آخر الأخبار

الحرف الأحسائية… تراث أصيل ينعش السياحة الثقافية في واحة الآحساء

شارك

د. فاطمة عبد الرحمن الملا 

تواصل الحرف الأحسائية تألقها بوصفها أحد أهم رموز الهوية الوطنية ومقومات الجذب السياحي في واحة الأحساء، حيث أصبحت عنصرًا رئيسيًا في تنشيط السياحة الثقافية وإبراز تاريخ المنطقة الممتد عبر القرون.

تتميز واحة الأحساء ببيئتها الزراعية الغنية التي وفرت المواد الخام اللازمة لنشوء العديد من الحرف التقليدية مثل صناعة الفخار والسدو والخوص والحدادة والنسيج، وفي الأسواق التراثية مثل سوق القيصرية وسوق الحرفيين بالهفوف يجد الزوار تجربة استثنائية تعكس مهارة الحرفيين وعمق التراث المحلي.

وتُعد الحرف اليدوية من أهم عوامل الجذب السياحي والتراثي في الأحساء، إذ تمنح الزائر فرصة للتعرّف على أساليب العمل القديمة ومراحل تصنيع الأدوات الشعبية التي كانت تُستخدم في الحياة اليومية سابقًا، كما تمثل هذه الحرف مصدر دخل للعديد من الأسر المنتجة والحرفيات اللاتي يسهمن في استمرار الحرفة وتطويرها بروح عصرية.

وتبرز في هذا السياق العديد من الحرف المندثرة التي يسعى المهتمون لإحيائها، مثل صناعة القرب الجلدية، وصناعة أدوات الزراعة التقليدية، وصناعة الحبال من ليف النخيل، وهي مهن كانت ركيزة أساسية في حياة المجتمع الأحسائي القديم.

وقد ساهمت الفعاليات والمهرجانات التراثية في إعادة تسليط الضوء على هذا الموروث، مثل مهرجان الحرف والفنون الشعبية بالأحساء، الذي يجمع بين عروض الحرف الحية والمنتجات المحلية والأسواق الشعبية التي تعكس طابع المكان وذاكرته.

وتُظهر التجارب الحديثة أن دمج الحرف في البرامج السياحية والتراثية يثري تجربة الزائر، ويحول المنتج الحرفي إلى رمز ثقافي يجمع بين الجمال والوظيفة، كما تمثل هذه الصناعات الصغيرة أحد روافد الاقتصاد الإبداعي الذي تسعى رؤية المملكة 2030 إلى دعمه من خلال تنويع مصادر الدخل وتمكين الكفاءات الوطنية في المجالات التراثية.

ومع تزايد الاهتمام بالتراث المحلي، تتجه الجهود المجتمعية والمؤسساتية نحو إحياء الحرف التقليدية وربطها بمسارات السياحة الريفية والبيئية، ليبقى التراث الأحسائي حاضراً نابضًا في وجدان المجتمع ومصدر إلهام للأجيال القادمة.

 

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *