آخر الأخبار

شارك

بقلم ـ أنوار الخالدي

📘 الفصل الأول: مملكة النور

في عالم لا يُرى بالعيون، وسط فجر لا يُقاس بواقد الزمن، وُجدت مملكة البياض. كانت مدينة ضائفة تتألق بالنظام، تحكمها خلايا مشعة تتغذى على التوازن والسلام.

في تلك المملكة العجيبة:
· كل خلية تعرف رسالتها
· كل قطرة دم تحمل سر الحياة
· الشمس في الداخل تُسمى “الطاقة”
· والهواء يُعرف باسم “الأكسجين”

وعلى عرش هذه المملكة، جلس الملك العظيم – الدماغ – يُدبر أمور ممالكه الصغيرة بصمت وحكمة لا تُدرك.

🌑 الفصل الثاني: الهمسة القادمة من الظلماتصدى الظل في عروق البياض

لكن السلام لم يكن ليدوم إلى الأبد.

في أعماق الممرات المظلمة – في الأمعاء حيث تسكن الجيوش الميكروبية القديمة – وُلد همس جديد. صوت صغير ولكنه حاد، كأنه يخرج من بين شقوق الأرض المظلمة:

“آن أوان التغيير… آن أوان الامتحان.”

كانت تلك “كوكساكي ب 4” – كائنات لا تُرى بالعين، ولكنها تحمل إرادة تفوق حجمها بملايين المرات.

🚪 الفصل الثالث: البوابة المفتوحة

دخلت كوكساكي المملكة على شكل نجوم باهتة من رماد الرموز الوراثية، تبحث عن أرض تستعمرها.

لم تكن الشر بذاته، بل كانت تسائل بحنق:
“لماذا للبياض كل النور؟ أليس في الظل حكمة أيضًا؟”

تقدمت كوكساكي بخطواتها الرمزية نحو بوابة تُدعى “خلايا بيتا” – حراس قلعة الطاقة في مملكة البنكرياس – وراحت تهمس لها بأسرار غامضة عن الخلود، وعن حرية الانقسام بلا قيود.

💔 الفصل الرابع: الخيانة والانتقام

فتحت الخلايا الأبواب، لا عن ضعف، بل عن فضول…

وفي لحظة واحدة، انقلب الهدوء إلى عاصفة. انفجرت الصفائح البيضاء كالنجوم الساقطة، وامتلأت الممرات بصراخات الأجسام المناعية – مقاتلين أشداء يضيئون بحرارة الغضب.

ولكن كوكساكي لم تكن عدوًا تقليديًا. كانت تعرف أن الحرب لا تُربح بالقوة، بل بالاختباء في الشيفرة، في النص الأصلي للحياة.

🧬 الفصل الخامس: حرب الشيفرة

نسخت نفسها في الظل، جعلت من الخلية وطنًا ومن المرض رسالة. وكلما ظن الحراس أنهم قضوا عليها، كانت تُبعث من رماد الجينات، تهمس:

“أنا لست موتًا… أنا تذكير بأنكم أحياء.”

🔬 الفصل السادس: العالم والمرآة

وبينما اشتدت المعركة، ظهر من بعيد صدى جديد – الطالب الذي سيصبح يومًا عالمًا.

سمع صوت الحرب في المجهر، ورأى تلك الجسيمات اللامعة تسبح في قطرات الدم، وكتب في مذكرته:

“ليست الفيروسات أعداءنا، بل هي مرايا. تعكس هشاشتنا، وتوقظ فينا الرغبة في الفهم.”

☯️ الفصل السابع: التوازن

وهكذا، لم تنته الحرب بانتصار أحد. لم تُهزم مملكة البياض ولم تنتصر كوكساكي ب 4.

بقي بينهما توازن دقيق، مثل خيط ضوء فوق حافة ظلام.

ومنذ ذلك اليوم، صار كل قلب نابض وكل خلية حية تحمل في صمتها ذلك الدرس:

“أن الحياة، بكل تناقضاتها، ليست إلا حوارًا مستمرًا بين النور والظل.”

خاتمة الملوك

في النهاية، لم يكن الظل عدوًا للنور، ولم يكن النور سيدًا على الظل. كانا وجهين لحقيقة واحدة، صوتين في نشيد واحد.

وصارت كوكساكي لا مسببًا للمرض، بل رسولًا برسالة:
“أن الكمال لا يكمن في القوة وحدها، بل في قبول الضعف أيضًا.”

وظلت المملكة تدور، والحياة تستمر، والحوار بين النور والظل يتجدد في كل نفس، وفي كل خفقة قلب.

“فالحياة لا تزهو إلا بالتناقض، ولا تستقيم إلا بالتوازن.”

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *