آخر الأخبار

تجنب الدخول في الجدل ما استطعت

شارك

بقلم الأستاذ / خضر ناصر البراهيم

تجنب الدخول في الجدل ما استطعت ، ولا يعني ذلك الإمتناع عنه ، فالجدل ضروري لإغناء الفكر وإخصابه ، ولكن الجدل له شروط وضوابط ، ومتى افتقدت وجب تجنبه ، وفي حياتي ، لم أر أسوأ من الجدل الغير منضبط ، والأسوأ منه الدخول في محاجة مع الجاهل بموضوع الحوار ، أو من يدعي المعرفة وهو لا يعرف شيئا ، هنا تكون قد وضعت نفسك في طريق مسدود ، عندها تذكر هذه المقولة : ” ما جادلت جاهلا إلى غلبني وما جادلت عالما إلا غلبته ” ، ونسبت هذه المقولة إلى الإمام علي ابن أبي طالب وقيل بأنها للإمام الشافعي ، وغلبة الجاهل للعالم تعود إلى عدم التكافؤ في العلم ، وإختلاف القناعات والمبادئ . وضيق أفق الجاهل . ومعنى أن بغلب الجاهل العالم ، هو عجز العالم عن إقتاع الجاهل فيسكت وكأنه غلب . وقد يكون الجاهل صادق مع نفسه و مقتنع بصوابية محاجاته ، ولكن هناك أناس يصرون على الخطأ رغم درايتهم به ، استكبارا ومعاندة ، وإذا جمع هؤلاء بين سوء الخلق فإنهم يحولون الجدل إلى مماحكة وإلى الجدل المذموم ، ويلجأ هؤلاء إلى تقنيات معينة ، كتقنية التشتيت وذلك بفتح قضايا جانبية ، وكتجاهل حجة الخصم وتخطيها ، ثم يتطور الأمر إلى شخصنة الموضوع ، ومن ثم إكالة التهم إلى الخصم ، والأساءة إليه ومحاولة تسقيطه وتسفيهه . وأكثر من يلجأ إلى هذه الأساليب الملتوية المأدلجون دينيا أو سياسيا ، فهؤلاء معبؤون بشحنات عاطفية تبقيهم مشدودون إلى عقائد ورازحون تحتها فيكون من المستحيل زحزحتهم عنها ،
الغاية من الجدل هو إستكشاف الحقيقة وبلورتها وهو ما يسعى إليه العلم ، ولن يتأتى ذلك إلا إذا كان المتحاورون على قدر عال وإحاطة كبيرة بالموضوع ، مع تمتعهم بذهنية منفتحة ، وتواضع جم ، وإستعداد لقبول الإختلاف والإيمان بأن الحقيقة ضالة المؤمن يبحث عنها انى وجدها ، فلا مكان هنا للتعصب أو المصالح الشخصية . وإذا افتقدت تلك الشروط تحول الجدل إلى ضرب من العبث .

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *