عبد الفتاح هداني
مجلة السياحة العربية / المغرب
الرباط، 19 نوفمبر 2025 – في خضم دينامية غير مسبوقة يشهدها القطاع السياحي بالمغرب، تتضافر جهود المؤسسات العمومية والمهنيين لبلورة استراتيجية طموحة تهدف إلى ترسيخ مكانة المملكة كوجهة عالمية رائدة. ويشكل التعاون الوثيق بين المكتب الوطني المغربي للسياحة (ONMT) والكونفدرالية الوطنية للسياحة (CNT) حجر الزاوية في هذه الرؤية المندمجة، التي تسعى لتحقيق قفزة نوعية في الأداء السياحي الوطني.
أطلق المكتب الوطني المغربي للسياحة، رؤية 2030 من “قوي” إلى “أقوى” بشراكة استراتيجية مع الكونفدرالية الوطنية للسياحة، مشاورات وطنية واسعة لوضع اللمسات الأخيرة على استراتيجية ترويجية جديدة تحت شعار “أقوى”، تندرج ضمن خارطة الطريق السياحية 2026-2030. و يبقى الهدف المعلن لهذه الاستراتيجية، رفع عدد السياح الوافدين إلى ما يزيد عن 26 مليون سائح في أفق 2030، وإدراج المغرب ضمن أفضل 15 وجهة سياحية عالمية.
وتقوم هذه الاستراتيجية على أربعة ركائز أساسية لضمان نمو مستدام ومتوازن:
* الربط الجوي: تعزيز وتوسيع شبكة الرحلات المباشرة لفتح أسواق جديدة وذات قيمة مضافة.
* تنويع التوزيع: تطوير قنوات التوزيع العالمية والوطنية لضمان وصول العرض السياحي المغربي إلى أوسع نطاق.
* الصورة والريادة: صياغة سردية جديدة ومبتكرة للوجهة المغربية تعكس تنوعها الثقافي ومقوماتها الحديثة.
* الرقمنة: تسخير التكنولوجيا الحديثة لتعزيز تجربة السائح وتسهيل عملية الحجز والتفاعل.
يأتي السوق الأمريكي على رأس أولويات هذه الاستراتيجية المشتركة. وقد عمل الـ ONMT والـ CNT بشكل مكثف لتنظيم ورشات عمل متخصصة تحت شعار “المغرب والمسافر الأمريكي: استراتيجية عملية”، بهدف تزويد المهنيين المغاربة بالأدوات اللازمة لفهم خصائص هذا السوق ذي الإمكانات الكبيرة.
وتشير الأرقام إلى أن المغرب يسعى إلى استقطاب مليون سائح أمريكي سنويًا على المدى المتوسط، خاصة بعد الزيادة الملحوظة التي تجاوزت 16% في عدد السياح الأمريكيين حتى نهاية أغسطس 2025. وقد تعزز هذا الهدف بافتتاح خطوط جوية مباشرة جديدة، أبرزها خط أتلانتا–مراكش، والذي يكمل شبكة الخطوط الحالية من الدار البيضاء نحو نيويورك وواشنطن وميامي.
لا تقتصر جهود الترويج على سوق واحد، بل تشمل تنويع الشركاء و الاستثمار في الفعاليات الكبرى وتنويع الأسواق واستهداف التجمعات المهنية الكبرى. وفي هذا الإطار، نجح المكتب الوطني المغربي للسياحة في استقطاب المؤتمر السنوي لوكلاء الأسفار الهولنديين إلى الرباط، مما يؤكد جاذبية العاصمة المغربية كوجهة للأعمال والمؤتمرات.
كما يولي المكتب أهمية قصوى للأحداث الرياضية العالمية، حيث تم إطلاق جهاز ترويجي غير مسبوق استعداداً لاحتضان كأس الأمم الأفريقية 2025 (CAN 2025). وتطمح هذه الحملة إلى جذب ما يصل إلى 800 ألف زائر إضافي، مما يربط بين السياحة وكرة القدم ويعزز إشعاع المغرب قارياً ودولياً.
تُعد هذه الدينامية التشاركية، التي يصفها رئيس الكونفدرالية الوطنية للسياحة بأنها عمل جماعي حقيقي، دليلاً على التزام كافة مكونات القطاع بالانتقال من مرحلة التخطيط المشترك إلى مرحلة التنمية المشتركة. وتهدف الشراكة بين ONMT و CNT إلى ضمان أن تكون الاستراتيجية الجديدة نابعة من الواقع الميداني وتلبي تطلعات المهنيين، بما يضمن تسريع وتيرة النمو السياحي والمساهمة الفعالة في التنمية الاقتصادية الشاملة للمملكة.



