آخر الأخبار

في الشتاء الطحينية الموصلية .. ( الراشي ) تراث ومحبوبة المائدة العراقية

شارك

العراق / نينوى /الاء الصوفي
خاص مجلة السياحة العربية

في مدينة تجمع بين التاريخ والذاكرة والرماد والنهضة، تبرز الصناعات التقليدية كجزء أصيل من روح الموصل


ومن بين هذه الصناعات هي الطحينية التي حافظت على حضورها القوي لعقود طويلة وتعرف محلياً بـ “الراشي”، والتي تعد اليوم واحدة من أهم المنتجات الغذائية التي تشتهر بها نينوى وتحديداً أسواق الجانب الأيمن والسرجخانة وباب الجديد

تعود نشأة الصناعة وتاريخها الى بدايات صناعة الطحينية في الموصل إلى ما يقارب مئة عام، حين كانت تحضر باستخدام أدوات بدائية وحجارة طحن خاصة مع الاعتماد الكامل على العمل اليدوي

يبدأ الإنتاج بتحميص السمسم على النار ثم طحنه وعصره بطرق تقليدية تمنح المنتج قوامه الأصلي ونكهته الفريدة
ومع مرور الزمن تطورت العملية دون التفريط بالهوية الأصلية فدخلت المكائن الحديثة في بعض المصانع مع الإبقاء على أسرار التحميص والطحن التي ورثها أصحاب المعامل عن أجدادهم

وبحسب ما ذكره ابو علي صاحب اقدم معمل لصناعة الراشي في منطقة باب جديد لمجلة السياحة العربية ان
سرّ الطحينية الموصلية يكمن في اختيار السمسم الجيد وطريقة التحميص الأصيلة دون اضافات مواد صناعية، ولذلك يبقى طعمها نقيّاً ولونها ذهبياً فاتحاً، و
الناس تميز الفرق من أول ملعقة، وهذا ما يجعلها مطلوبة داخل الموصل وخارجها واكثر وقت يكون بداية فصل الشتاء وبعدها بقية السنة

وقد ورث هذه الحرفة عن والده ووجده منذ أكثر من 80 عاماً، وتعد الراشي ليست تجارة فقط بل إنها تراث واسم مدينة كاملة

ويقول العامل الشاب احمد الحيالي ان الطلب على الطحينية تضاعف في السنوات الأخيرة، لأن الناس بعد الحرب عادت تتعلق بكل ما هو أصيل، والطحينية اليوم تدخل في أغلب الأكلات الموصلية مثل الكبة، الباجة، المشويات وحتى الحلويات والمقبلات وحتى المطاعم
يطلبوها بشكل عبوات كبيرة لنكهة احيانا، وان مواقع التواصل ساعدتهم كثيراً على زيادة المبيعات من خلال
تصوير مراحل العمل والتي خلقت ثقة كبيرة لدى المشتري خاصة من المحافظات العراقية الاخرى حيث يقبل عليها السائحين عندم زيارتهم للموصل فهي واحدة من المواد الأساسية التي يشترونها عند مغادرتهم للمدينة

حيث تقول نادية محمد سائحة من بغداد انها تعشق الطحينية الموصلية لأن طعمها مختلف وكثافتها قوية وطعم السمسم طاغي عليها لذلك تحرص على اخذها من المعمل الاصلي وتراها جزء أساسي من فطور الجمعة والعزايم وتعتبرها النكهة الموصل الحقيقية

وقد انتعشت سوق الطحينية في الموصل بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، حيث يشير بعض التجار إلى ارتفاع المبيعات بنسبة كبيرة مع توسع الشحن إلى المحافظات الأخرى ودول الخليج كما بدأت الصناعة تُشكّل مصدر رزق للشباب الباحثين عن مشاريع صغيرة مستقرة

لكن هذه الصناعة تواجه ارتفاع أسعار السمسم والمواد الخام اضافة لمنافسة المنتجات المنخفضة لكن بنهاية المطاف تبقى الطحينية الموصلية أكثر من مجرد غذاء، فهي حكاية تراث وصناعة صمدت رغم الحرب والدمار، وظلت احد رموز الهوية الموصلية التي عرفت كيف تعود للحياة.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *