السعدي: المشروع يدعم التوجه الوطني نحو توطين الصناعات الغذائية الحيوية
مسقط – محمد سعد
افتتحت المرحلة الأولى من أكبر مصنع لإنتاج الأعلاف الحيوانية والأحياء المائية في سلطنة عُمان، التابع للشركة العُمانية للمنتجات الحيوية ـ إحدى الشركات التابعة لشركة المطاحن العُمانية ،وذلك بمدينة خزائن الاقتصادية، وبرعاية معالي الدكتور سعود بن حمود الحبسي وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، وبحضور مسؤولين حكوميين وممثلين عن مؤسسات القطاع الخاص.

ويمثل المصنع، الذي تبلغ تكلفته الإنشائية نحو 36مليون ريال عُماني تعتبر محطة مفصلية في منظومة الأمن الغذائي الوطني، لما يوفره من منتجات محلية عالية الجودة تسهم في تقليل الاعتماد على الأعلاف المستوردة، حيث يستورد السوق العُماني سنويا كميات كبيرة من أعلاف الأسماك ، ما يجعل تشغيل المشروع مهما نحو رفع نسبة الاكتفاء الذاتي وتطوير سلاسل القيمة المرتبطة بالثروة الحيوانية والسمكية.
واطلع معالي الدكتور سعود الحبسي وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه على مراحل التصنيع بدءا من المواد الخام وصولا إلى المنتج النهائي، وأبرز التقنيات المستخدمة في إعادة تدوير المتبقيات الزراعية الخضراء، إذ تبلغ الطاقة الإنتاجية للمرحلة الأولى 48 ألف طن من الأعلاف الحيوانية و15 ألف طن من الأعلاف المائية سنويا، وهي كمية من شأنها أن تغطي نسبة كبيرة من احتياجات السوق المحلي، وتمنح المستثمرين في قطاع الاستزراع السمكي نموذجا مستقرا في الإمداد، خصوصا في ظل التحديات العالمية التي تشهدها سلاسل التوريد.
ومع اكتمال المراحل الثلاث للمشروع خلال الأعوام 2027 – 2030، من المتوقع أن ترتفع الطاقة الإنتاجية بنسبة كبيرة تتيح للسلطنة التحول من مستورد رئيسي للأعلاف المائية إلى منتج قادر على المنافسة في الأسواق الإقليمية.
ويعتمد المصنع على إعادة تدوير المتبقيات الزراعية الخضراء وتحويلها إلى أعلاف عالية القيمة الغذائية، في خطوة تتماشى مع توجه السلطنة نحو الاقتصاد الحيوي واستخدام الموارد المحلية لخفض التكلفة وتقليل الاعتماد على مدخلات الإنتاج المستوردة.
ويمثل توجه الشركة العُمانية للمنتجات الحيوية نقلة نوعية في إدارة الموارد، إذ يسهم في تقليل الهدر الزراعي، وتوليد منتجات غذائية بديلة للحشائش المستوردة، ودعم مشاريع تربية المواشي والأغنام، بالإضافة إلى تعزيز استدامة الاستزراع السمكي.
وقال هيثم بن شخبوط السعدي رئيس مجلس إدارة الشركة العُمانية للمنتجات الحيوية إن المصنع يشكل إضافة مهمة لمنظومة الأمن الغذائي في سلطنة عمان ، واستكمالًا لمسار التطوير الذي تنتهجه مجموعة المطاحن العمانية معربا عن شكره لوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه على دعمها اللامحدود وتعاونها المستمر في تطوير مؤسسات القطاع الزراعي والحيواني والسمكي.
وبين أن ما يميز هذا المصنع أنه لا يُعد مجرد منشأة إنتاجية، بل مشروعًا استراتيجيًا بخصائص فريدة، يُجسّد التوجه الوطني نحو تعزيز الأمن الغذائي وتبني الاقتصاد الدائري. فهو أحد المشاريع الأولى من نوعها في المنطقة التي تستهدف إعادة تدوير المنتجات الثانوية الزراعية والحيوية ومتبقيات التمور وتحويلها إلى منتجات متخصصة ذات قيمة مضافة.
وقال إن هذا المشروع يعزز من الاقتصاد المعرفي عبر عمليات مبتكرة تشمل الاستفادة من المتبقيات الزراعية الخضراء وتحويلها إلى أعلاف حيوانية ذات قيمة غذائية عالية، مع تعزيزها بـ التمور غير الصالحة للاستخدام الآدمي، لتكون مصدراً غنياً بالألياف والطاقة، وبديلًا اقتصاديًا للحشائش المستوردة. وهذا يسهم في إيجاد أثر بيئي إيجابي من خلال إعادة توظيف هذه المتبقيات بدلًا من حرقها أو طمرها في المرادم.
وبين أن هذا المشروع الاستراتيجي يقدم نمطا علفيا جديدا لأول مرة في السوق المحلي والاقليمي، يواكب أحدث المستجدات في علوم تغذية الحيوان وصناعة الأعلاف ويوفر للمربين خيارات محسّنة تساعدهم على رفع الأداء الإنتاجي وخفض التكلفة حيث إن الاعتماد على تقنيات حديثة ومتطورة في عمليات التصنيع والمعالجة، يضمن استدامة الموارد، ورفع كفاءة الإنتاج، وتحقيق جودة عالية وموثوقة في جميع المنتجات.
كما أوضح أن المصنع يشغله فريق وطني متميز، حيث وصلت نسبة التعمين إلى أكثر من 95%، ما يعكس ثقتنا بقدرات الشباب العماني، ويجسد دور القطاع الصناعي في توفير وظائف نوعية وبناء كوادر وطنية مؤهلة.
وبين السعدي أن هذا المشروع يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الاكتفاء الذاتي في قطاع الأعلاف الحيوانية والسمكية، وتقليل الاعتماد على الواردات، ودعم المزارعين ومربي الثروة الحيوانية والسمكية بمنتجات محلية عالية الجودة وتنافسية، ما يسهم في استقرار السوق ويعزز الأمن الغذائي الوطني.
كما أن المرحلة الأولى ما هي إلا بداية لمسيرة أكبر؛ حيث سيواصل المشروع التوسع عبر مراحله القادمة لتلبية احتياجات السوق، وابتكار منتجات جديدة، وفتح آفاق لمشاريع مستقبلية داعمة للقطاعين الزراعي والحيواني، بما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني ويعزز تنافسية المنتجات العُمانية.
ومن جانبه صرّح المهندس سالم بن سليمان الذهلي، الرئيس التنفيذي لمدينة خزائن الاقتصادية، أن افتتاح هذا المشروع يمثل إضافة مهمة لمدينة الغذاء بخزائن ودعماً مباشراً لجهود سلطنة عمان في تعزيز الأمن الغذائي، مؤكداً أن خزائن مستمرة في توفير بيئة استثمارية متكاملة تشمل البنية الأساسية المتطورة، والمنطقة الحرة، والميناء الجاف، والحلول اللوجستية التي تجعلها وجهة مفضلة للمشاريع الصناعية والغذائية. وأشار إلى أن هذا المشروع يعكس الثقة المتزايدة للمستثمرين بخزائن ويجسد نموها كإحدى أسرع المدن الاقتصادية تطوراً في السلطنة والمنطقة، معبّراً عن اعتزاز المدينة باحتضان هذا المشروع الوطني الاستراتيجي ودعم مراحله التوسعية القادمة.

الجدير بالذكر أن اختيار مدينة خزائن الاقتصادية جاء نظرا لارتباطها المباشر بالموانئ والمطارات والمسارات الحدودية، وهذا الارتباط يعزز قدرة المصنع على النفاذ إلى الأسواق الإقليمية ويخفض تكلفة النقل.



