السياحة العربية
يشهد قطاع السياحة في المملكة العربية السعودية نموًا استثنائيًا، إذ بلغ الإنفاق السياحي 73.3 مليار دولار في عام 2025، فيما استقبلت المملكة 116 مليون زائر، وهو رقم قياسي يعكس تسارع تحولها إلى واحدة من أسرع وجهات السفر نموًا حول العالم. ويعود هذا الارتفاع إلى مبادرات رؤية 2030 الطموحة، وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية، وتنويع الخيارات السياحية المتاحة للزوار.
نجاح استراتيجية جذب الزوار الدوليين
يعكس نمو الإنفاق وأعداد الزوار نجاح المملكة في تطبيق استراتيجيات تستهدف تعزيز حضورها على خريطة السياحة العالمية. وتنوع المملكة عروضها بين المواقع التاريخية والمنتجعات الفاخرة والسياحة الدينية. ما جعلها مقصدًا مهمًا للمسافرين من مختلف القارات. وتؤكد هذه المؤشرات أن المملكة تمكنت من إعادة صياغة قطاع السياحة ليكون ركيزة رئيسية في الاقتصاد الوطني. وفقًا لما ذكره موقع “TTW”.
رؤية 2030.. المحرك الرئيسي للنمو السياحي
تبنت المملكة رؤية استراتيجية تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. مما جعل السياحة هدفًا رئيسيًا للدولة. وفي إطار ذلك، استثمرت المملكة في بناء بنية تحتية سياحية ضخمة تشمل الفنادق العالمية والمنتجعات المتطورة وشبكات النقل الحديثة التي تستوعب الزيادة الهائلة في عدد الزوار.
كما سهلت المملكة السفر إليها عبر إطلاق التأشيرة السياحية في عام 2019. والتي أتاحت لأكثر من 50 دولة الحصول على التأشيرة إلكترونيًا. وأسهمت هذه الخطوة في فتح الباب أمام ملايين السياح، خصوصًا من أوروبا وآسيا والشرق الأوسط
السياحة الدينية.. ركيزة لا تنفصل عن المشهد السياحي
تظل السياحة الدينية أحد أعمدة القطاع، إذ تستقبل مدينتا مكة المكرمة والمدينة المنورة ملايين المسلمين لأداء الحج والعمرة سنويًا. وقد ارتفعت أعداد الحجاج والمعتمرين في 2025 بشكل لافت، ما ساهم في رفع الإنفاق السياحي.
وساعدت الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية الدينية، ومنها توسعة المسجد الحرام وتطوير مطار الملك عبدالعزيز الدولي، على تسهيل وصول الزوار وخدمتهم بكفاءة عالية.
نهضة ثقافية وتراثية تعزز التنوع السياحي
إلى جانب السياحة الدينية، عززت المملكة حضورها الثقافي من خلال تطوير مواقع تاريخية وتراثية مثل العلا والدرعية وجدة التاريخية، المُدرجة ضمن قائمة اليونسكو.
كما ساهمت المهرجانات الثقافية مثل “شتاء طنطورة” في استقطاب زوار يبحثون عن الفنون والتاريخ والموسيقى، مما أعطى المملكة بعدًا جديدًا في السياحة العالمية.
السياحة الفاخرة.. المملكة وجهة النخبة
شهدت المملكة توسعًا كبيرًا في قطاع السياحة الفاخرة، مع افتتاح منتجعات راقية على البحر الأحمر والعلا، وإطلاق مشروعات عملاقة مثل “البحر الأحمر” و”نيوم”. وأصبحت المملكة مقصدًا مميزًا للمسافرين الباحثين عن تجارب فريدة تجمع بين الفخامة والطبيعة والابتكار.
كما تطور المملكة قطاع الترفيه بشكل متسارع، عبر إنشاء متنزهات حديثة، ومراكز تسوق عالمية، ومطاعم راقية تجذب فئات متنوعة من السياح.
سياحة المغامرة والبيئة.. وجهات تتصدر الاهتمام
تتيح الطبيعة السعودية المتنوعة تجربة فريدة لعشاق المغامرة. من جبال عسير ومساراتها، إلى صحاري الربع الخالي ورحلات السفاري، وصولًا إلى الغوص في البحر الأحمر.
وتعزز المملكة كذلك السياحة البيئية من خلال الترويج للمحميات الطبيعية مثل جزر فرسان ومحمية القرم، لتكون وجهات صديقة للبيئة تستقطب عشاق الطبيعة حول العالم.
الأثر الاقتصادي.. السياحة محرك تنويع الدخل
يسهم قطاع السياحة في دعم الاقتصاد السعودي عبر خلق آلاف الوظائف، وتنشيط الاستثمار في البنية التحتية، وتعزيز فرص الأعمال المحلية. ولا يقتصر النمو على المدن الكبرى فحسب، بل يمتد إلى المناطق الريفية والمدن الصغيرة التي بدأت تظهر كوجهات سياحية واعدة.
وتسهم هذه الحركة السياحية في تحقيق توازن اقتصادي، ودعم أهداف المملكة في رفع مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي.
المستقبل.. مسار صاعد نحو الريادة العالمية
تواصل المملكة استثماراتها في مشروعات سياحية ضخمة، وتتبنى استراتيجيات تسويق دولية، وتعمل على تطوير وجهات جديدة ذات طابع ثقافي وطبيعي وترفيهي.
ومع استمرار خطط التنويع والتركيز على السياحة المستدامة، تستعد السعودية لاستقبال أعداد أكبر من الزوار. مما يجعل قطاع السياحة عنصرًا أساسيًا في النمو الاقتصادي خلال السنوات المقبلة.
وتشير المؤشرات الحالية إلى أن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ موقعها كإحدى أهم الوجهات السياحية العالمية، مستفيدة من تنوعها الطبيعي وتراثها العريق واستثماراتها الضخمة.



