آخر الأخبار

تعزيز الشمولية والفرص الاقتصادية: منصات السفر الرقمية تتجاهل معايير امكانية الوصول*

شارك

المملكة المغربية/مكتب مجلة السياحة العربية ـ عبدالفتاح هداني

في خضم الموجة العارمة للتحول الرقمي في قطاع السياحة العالمي، تبرز إشكالية جوهرية تتمثّل في تخلف أبرز مواقع السفر العالمية عن الالتزام بمعايير الوصول الرقمي (Digital Accessibility). يؤكد الأستاذ *عبد المجيد مكني*، الخبير في التنمية الشاملة، نائب رئيس اللجنة الأممية المعنية بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة التابعة للأمم المتحدة، أن هذا القصور يكرّس الإقصاء الرقمي ويشكّل عائقاً كبيراً أمام تحقيق رؤية سياحية شاملة وعادلة.

حيث كشف تحقيق استقصائي حديث أجرته قناة يورونيوز (EuroNews) عن واقع مقلق؛ حيث ثبت أن نسبة كبيرة من أشهر مواقع السفر لا تفي بالمتطلبات الأساسية للوصول الرقمي. هذا الفشل يؤدي إلى جعل عملية التخطيط للسفر عبر الإنترنت شبه مستحيلة أو صعبة للغاية بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة، سواء بسبب عدم توفر معلومات موثوقة حول النفاذية أو صعوبة التفاعل مع المحتوى الرقمي والخدمات.

يُسلط التحقيق الضوء على أن الاستبعاد الرقمي لا يزال يمثل عقبة كبرى أمام تحقيق السياحة الشاملة (Inclusive Tourism). في عالم يعتمد فيه التخطيط للسفر بشكل متزايد على المنصات الرقمية، فإن هذا التجاهل يتجاوز كونه خللاً تقنياً ليصبح حواجز رقمية صريحة تقوّض مبدأ تكافؤ الفرص في الوصول إلى الخدمات السياحية.

قدم تقرير “مليون موقع إلكتروني ميسر” الصادر عن نظام WebAIM للتقييم تصنيفاً حاسماً يكشف تباين مستويات الوصول بين منصات السفر الكبرى وكشف الهوة بين الريادة والالتزام الأخلاقي لتعزيز النفاذية الرقمية.

يقدم هذا التحليل الشامل نتائج تقرير دولي دقيق وتصنيفاً مثيراً للقلق لمنصات عملاقة، مع تسليط الضوء على الفرص الاقتصادية الهائلة المهدرة بسبب هذا التجاهل و الإقصاء ، مما يخلق حواجز رقمية تمنع ذوي الإعاقة من التخطيط للسفر.
وحسب التقرير، من أصل مليون موقع تم تشخيصه وتقييمه وفق المعايير الدولية للنفاذية الرقمية WCAG :
* جاءت منصة Booking في المرتبة 712,074 و هو أدنى تصنيف بين شركات السفر الكبرى على الرغم من أكثر من 500 مليون زيارة شهرية.
* و حلت منصة Agoda في المرتبة 377,532 من أصل مليون موقع، وهي مرتبة متأخرة لا تتناسب مع حضورها في السوق العالمي.
* و منصتي Airbnb و Trip جاءتا في منتصف الترتيب تقريبا، مما آثار قلقا ونقاشا حول أهمية تعزيز سياسة الشمولية والتنوع والاختلاف بشكل حقيقي.

هذه المراتب المتأخرة تترك أثراً سلبياً ومباشراً على قطاع واسع من العملاء المحتملين من ذوي الإعاقة.
إن تجاهل معايير الوصول الرقمي يمثل خسارة اقتصادية فادحة تقدر بالمليارات على المستوى العالمي، إذ تفشل شركات السفر في الاستفادة من قوة شرائية هائلة.
*قوة الإنفاق المضاعفة*: تشير الدراسات العالمية للمنظمة العالمية للسياحة، إلى أن السياح من ذوي الإعاقة، مع أسرهم ومرافقيهم، يمثلون شريحة إنفاق ذات قيمة عالية. يمكن أن يكون إنفاق هذه الفئة أعلى بثلاث مرات من السائح العادي. يرجع هذا الارتفاع إلى البحث عن خدمات ومنصات رقمية ووجهات سياحية ميسرة توفر متطلبات النفاذية والاحتياجات الخاصة، مما يعني أن المنصات غير الميسّرة تخسر ضعف أو ثلاثة أضعاف الإيرادات المحتملة.
*حجم السوق العالمي*: يمثل الأشخاص ذوو الإعاقة وأسرهم سوقاً حديثا و ضخماً، ويتزايد الطلب على السياحة الميسرة (Accessible Tourism) بشكل مستمر. بالتالي، فإن الفشل في توفير منصات ميسّرة هو تفويت لاستثمار هائل وفرصة لتعزيز الإيرادات السياحية والنمو المستدام.

يشكل هذا التقرير إنذاراً عاجلاً لقطاع السياحة في الدول العربية التي تسعى جاهدة لإستقطاب أسواق جديدة للسياحة، في سباق المنافسة مع كبريات الوجهات السياحية العالمية، يجب أن يتحول الوصول الرقمي من خيار إلى أولوية قصوى لضمان إنشاء نظام سياحي عادل، دامج، وقادر على تلبية احتياجات جميع الزوار. إن تبني معايير النفاذية الرقمية ليس مجرد التزام أخلاقي أو قانوني، بل هو استثمار استراتيجي يفتح أسواقاً جديدة ويدعم مكانة الوجهات السياحية العربية كوجهات رائدة وشاملة.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.