آخر الأخبار

حقوق معلّقة في الجو: تقرير صادم يكشف التمييز والتباين في خدمات السفر الجوي للمسافرين من ذوي الإعاقة في أوروبا

شارك

عبدالفتاح هداني
مجلة السياحة العربية – المملكة المغربية

يُعدّ حق حرية التنقل ركيزة أساسية ضمن مبادئ الاتحاد الأوروبي، وهو حق مكفول بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD). ومع تزايد أهمية النقل الجوي كوسيلة حيوية للتواصل الدولي وبين الدول الأوروبية، كان من المتوقع أن يضمن تنظيم الاتحاد الأوروبي رقم 1107/2006 وصولاً متساوياً للجميع.
لكن تقريراً حقوقياً حديثاً، بعنوان “الحقوق المؤجلة: السفر الجوي للمسافرين ذوي الإعاقة”، أصدره المنتدى الأوروبي للإعاقة (EDF)، يكشف عن واقع مُحبط يشوبه التمييز والتطبيق غير المتسق للقوانين. وقد خلص التقرير، الذي اعتمد على استطلاع شمل 251 مسافراً من ذوي الإعاقة، إلى نتيجة صادمة: حيث يرى 67% من المشاركين أنهم لا يتمتعون بوصول متساوٍ لخدمات النقل الجوي.

كشف التقرير عن ممارسات من قبل شركات الطيران والمطارات تشكّل انتهاكاً محتملاً للقانون الأوروبي، وتضع عراقيل كبيرة أمام المسافرين:
* تأخير الحق في السفر: تطبّق بعض شركات الطيران، متطلبات إشعار مُسبق مُطوّلة للحصول على المساعدة، بما يتجاوز الفترة المحددة في اللوائح.
* رفض اصطحاب كلاب المساعدة: تم رصد حالات لشركات طيران، ترفض صراحة حق المسافرين في السفر برفقة كلاب المساعدة على مسارات محددة.
* فرض رسوم: تُطالب بعض الشركات، برسوم مُقابل تقديم خدمات المساعدة، وهو ما قد يشكّل خرقاً للوائح.

أبرز التقرير التباين الهائل في كيفية تطبيق شركات الطيران الأوروبية للائحة 1107/2006، بسبب الفجوات التشريعية:
* قيود أعداد المسافرين: من أصل 30 شركة طيران أوروبية تمت مراجعتها، فإن 20 شركة لا تنشر المعايير التي تحدد الحد الأقصى لعدد المسافرين ذوي الإعاقة المسموح لهم على متن الرحلة. وتختلف الحدود المعلنة بشكل كبير، ففي حين تحددها بعض الشركات بنسبة حوالي 50% من الركاب، تخفضها شركات أخرى إلى 10% فقط.
* فرض المرافق لأسباب غير ذات صلة: تعتمد 9 شركات طيران على “اعتبارات الراحة” (مثل القدرة على الأكل أو استخدام المرحاض بشكل مستقل) لفرض ضرورة وجود مُرافق مع المسافر، بدلاً من معيار “الاعتماد على الذات” الصارم الذي تنص عليه اللائحة.
* قيود المعدات ونقص الكراسي المتحركة: لا تنشر 12 شركة طيران قيودها المتعلقة بوزن وحجم معدات الحركة (الكراسي المتحركة)، مما يزيد من تعقيد إجراءات السفر. كما أكدت 3 شركات، عدم توفيرها لكراسي متحركة داخل مقصورة الطائرة.

لا يقتصر التباين على شركات الطيران فحسب، بل يمتد إلى هيئات الإنفاذ الوطنية (NEBs) نفسها:
* تفاوت العقوبات: تختلف الغرامات المطبقة على المخالفين بشكل صارخ بين الدول الأعضاء، حيث تتراوح من 860 يورو (في ليتوانيا) إلى 4.5 مليون يورو (في إسبانيا). كما أن 14 هيئة إنفاذ فقط من أصل 27 لديها سلطة اتخاذ قرارات مُلزمة.
* تقصير المطارات: من جهة المطارات، فإن 12 مطاراً من أصل 38 تمت مراجعتها لم تنشر “معايير جودة الخدمة” على مواقعها الإلكترونية.
* وعي منخفض بالحقوق: يفتقر المسافرون أنفسهم إلى الوعي الكافي بحقوقهم، حيث أفاد 43% من جالمسافرين الذين شملهم الاستطلاع بأنهم لا يعرفون شيئاً عن لائحة 1107/2006.

يشدد التقرير على أن العديد من الحواجز التي يواجهها المسافرون، خاصة فيما يتعلق بسهولة وصول الطائرات نفسها، لا تزال غير منظمة على المستوى الأوروبي.
وفي الختام، يقدم تقرير المنتدى الأوروبي للإعاقة “خارطة طريق” لمعالجة هذه الإخفاقات. وتتمثل أهم التوصيات المُقدمة لصناع السياسات في الاتحاد الأوروبي في ضرورة وضع متطلبات حد أدنى لسهولة الوصول إلى الطائرات والمطارات، على غرار المعايير المعمول بها بالفعل في قطاع السكك الحديدية الأوروبي (لائحة TSI-PRM). بالإضافة إلى ذلك، يطالب التقرير بضرورة أن يقوم الاتحاد الأوروبي بنشر بيانات موحدة وشاملة على مستوى الاتحاد الأوروبي حول المساعدة المقدمة والشكاوى، لضمان الشفافية والمساءلة.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *