علاج تحت الرمال
كتب: د/ عبدالعاطي المناعي
تنتشر في الصحارى المصرية أنواع مختلفة من الرمال التي تمتاز بتركيبتها الكيميائية الفريدة ويلجأ إليها بعض المرضى أملا في الشفاء من خلال تغطية أجسامهم بالرمال في ما يعرف بـ”حمامات الرمال الساخنة”. وعرف عن تلك الرمال أنها مفيدة للتخلص من أمراض العظام أو أمراض الروماتيزم وكذلك الصدفية، كما أنها تعمل على تجميل البشرة وخفض الوزن. إلا أن عملية دفن الجسم بحد ذاتها تثير رعب بعض المرضى، فيما سخونة الرمال تمنعهم من إكمال مدة العلاج، لذا فإن هذا الأسلوب العلاجي يحتاج لمرضى صبورين قادرين على تحمل الحرارة.ولديهم الكفائة الصحية لتحمل ذلك
وتشتهررمال اسوان وواحة سيوة من بين أماكن عديدة تقام فيها حمامات الرمل لمرضى الروماتيزم وآلام المفاصل وغيرهما اضافة الي جنوب سيناء والواحات وسفاجا وغيرها
الحمامات الرملية:-
يتميز الحمام الرملي الدافئ بموجات مغناطيسية ودرجة ضغط ميكانيكي وسرعة امتصاص لحرارة الشمس مع القدرة علي الاحتفاظ بها هذه العناصر لها أسلوب فيزيائي ذات أثر فعال في علاج العديد من الأمراض
وفي مقدمتها حالات الروماتزم والتهاب المفاصل وأوجاع أسفل الظهر المزمنة (الليمباجو) والتهاب الأوعية الدموية النتائج عن تخثر الدم
وتؤكد التقارير الطبية الصادرة عن خبراء العلاج بوسائل الطب التكميلي، ارتفاع نسب النجاح في حالات العلاج بالحمامات الرملية
حيث تصل إلي حوالي 97% في حالات الروماتزم، 95% في التهابات المفاصل حسب الحالة ودرجة المرض والملاحظ أن معظم المرضي الذين خضعوا للمتابعة الطبية، كانوا من النوع غير القادر علي المشي إلا بمساعدة الآخرين
ولكنهم عقب الانتهاء من برامج العلاج استطاعوا المشي بصورة طبيعية
خطوات الدفن في حمام الرمال
رغم أن العاملين في العلاج بالرمل في مصر لم يدرسوا علوم الطب والتمريض، إلا أنهم يتفقون في طريقة العلاج التي تعلموها بالوراثة عن الآباء والأجداد
يشترط في المريض أن يتناول فطوره في الساعة العاشرة صباحا أي قبل أن تتم عملية ردمه بثلاث ساعات على الأقل حيث يشترط ألا تكون المعدة فارغة ولا ملآنة ثم يقومون بإعداد حفرة عمقها ملائم لجسم المريض، قبل عملية الردم بعدة ساعات في منطقة الكثبان الرملية القريبة من جبل الدكروري حتى تتعرض (الحفرة) للأشعة فوق البنفسجية وتتفاعل مع الكثبان الرملية
ويتم لف جسم المريض بقماش أبيض بعدما ينزع كامل ثيابه كي يستفيد جسمه من حرارة الرمال، ثم يلف فوقه رداء خشنا يوازن بين حرارة الرمل وحرارة الجسم، وبعد أن يستلقي في الحفرة ويطمئن هو إلى وضعه، يغطي كامل الجسم بالرمل ما عدا الوجه، ويجب أن تكون كمية الرمال الموضوعة فوق الجسد متوسطة تفي بغرض العلاج، وألا تكون حملا ثقيلا على قلبه وقدرته على التنفس الطبيعي، ثم يوضع فوق الوجه مظلة لوقايته من أشعة الشمس”
ويترك المريض لنحو ساعة تتم خلالها مراقبته عن قرب حتى إذا شعر باختناق أو ضيق تتم ازاحة الرمال عنه بسرعة حتى ولو كانت الفترة التي قضاها تحت الرمل قصيرة، فبعض الناس يبدي رغبة كبيرة في الدفن للتخلص من أمراضه، لكنه ما إن يوضع في الحفرة حتى تقل عزيمته بسبب شعوره بالخوف، فيضطرب بدعوى أن الرمل ساخن، وأنه لا يقوى على تحمله، ولذا يقوم الممارسون لعملية الدفن برفعه بسرعة، لأن التوتر هنا خطر عليه، فقد يؤدي إلى ضيق التنفس، ومن ثم يتعرض للإغماء،
ولذا تستمر متابعة المريض على مدار الساعة وبعدها يتم رفع الرمال من فوق جسده برفق وبمجرد أن ينتهون من ذلك تتم تغطيته في الحال منعا لإصابته بتيار هواء بارد ما قد يصيبه بعواقب خطيرة، ويبقى المريض بغطائه لمدة ساعتين
وخلال ذلك الوقت القصير في الحفرة الساخنة والذي لا يتجاوز اعشرين دقيقة ، يستفيد المريض من العناصر والمعادن المتواجدة بالرمال مثل الحديد والكالسيوم وتخرج من جسمه كميات من المياه الزائدة والاملاح والسموم
بعدها يتم اخراج المريض من الحفرة وينفض عنه ما علق به من رمل ويتم تغطيته ببطانية لأنه بعد خروجه من حمام الرمال يشعر بأن الجو -مهما كانت حرارته- شديد البرودة ولذلك تتم تغطيته ونقله إلى خيمة مغلقة لتكون بمثابة الساونا،
ويتم اعطاؤه مشروب الحلبة واليانسون والعرقسوس وكلها مشروبات ساخنة، ويستمر في تناول المشروبات الساخنة، وبعد ذلك تقدم له وجبة الغداء المكونة من حساء الماعز وبعض لحوم الطير والسلطة كذلك، وتكون وجبة العشاء من الشوربة واللحوم والسلطة”
وفي كل جلسة يتم ردم المريض لمدة ثلث ساعة ،
وبعد الانتهاء من حمامات الرمال يتم عمل مساج (تدليك) للمريض بزيت الزيتون وخل التفاح , ويجب على المريض ألا يستحم لمدة يومين بعد حمامات الرمال حتى يستفيد الجسم من الرمال وتاثيرها النافع
ومن الملاحظات لدى من يقومون بعمل حمامات الرمال “إن السيدات قلوبهن أقوى من الرجال.. ويكون تحملهن اكثر من الرجال
جدوى العلاج:-
يفضل ان يكون الدفن في اشهر يونيه – يوليو – اغسطس – سبتمبر
إن سخونة الرمال وارتفاع درجة الحرارة إلى نحو 40 درجة مئوية يعملان كالآلة التي تمتص الاملاح والسموم من جسم المريض
اثبتت العديد من الدراسات والأبحاث العلمية أجريت على رمال جبل الدكرور وعيون المياه والآبار المليئة والغنية بالمواد المعدنية والكبريتية بسيوة وحول دورها في العلاج، وقد بيّنت الأبحاث احتواءها على إشعاعات مفيدة لعلاج بعض الأمراض المستعصية
ويذكر من يقومون بعمل الدفن من سكان هذه المناطق ، أن العلاج بالرمال وإن كان قديما وتقليديا إلا أن العلم الحديث أثبت جدواه
وللرمال دور علاجي لأنها تحتوي على نسبة من المعادن الطينية التي تتولد عنها شحنات سالبة عندما تلامس الماء حيث تجذب شحنات السموم الموجبة من طبقات الجلد الخارجية
إن وجود نسبة بسيطة من المعادن المشعة، مثل المونازايت والثوريوم، التي تفيد في علاج الأمراض الجلدية والعظام على وجه الخصوص، ووجود تركيزات بسيطة من العناصر المفيدة لجهاز المناعة مثل الأسترانشيوم والسلينيوم والكبريت، وأخيرا تكون الأشعة الشمسية فوق البنفسجية مفيدة لجسم المريض، وكل هذه العناصر تخلق بيئة علاجية جيدة، ولذلك تنفع الرمال في علاج العديد من الأمراض”
ومن الضروري انه يجب أن يراعى عدم وجود تقرّحات أو جروح غير ملتئمة على الجسم قبل الحمام الرملي،