كتاب مجلة السياحة العربية

التاريخ يعيد نفسه!

 بغداد_مروان الزبيدي

يراقب اغلب العراقيين في المهجر اليوم بقلق وحيرة احوال بلدهم الذي لا يستقر وتبرد نيرانه يوما، اما آلما وخوفا على مصير اقربائهم واصدقائهم وجيرانهم الذين مازالوا يعيشون في العراق، او بقصد انتفاع البعض منهم من تدهور الاوضاع الامنية الامر الذي قد يسهل حصولهم على الاقامة في تلك الدول، لمبرر ان البلد يعاني من الاضطرابات الداخلية وحالة من عدم الاستقرار، وبذلك ينطبق المثل القائل ” مصائب قوما عند قوما فوائد”. للاسف الشديد ان المنتفعين من حالة التدهور الدائم في العراق خالدين عبر الاجيال فكما تمكن البعض من الوصول الى كرسي الحكم اليوم بعد ان قرروا الهجرة والتربع في احضان الغرب سواء لاسباب سياسية ام مادية ام بهدف الحصول على الجنسية الاجنبية ورواتب الاعانة التي تمنح لهم في تلك الدول او لمبرر الاستقرار واختيار حياة افضل لابنائهم.

وبعد انتهاء حكم صدام فأن اغلب العراقيين من المهاجرين الذين عادوا الى ارض الوطن كان للحصول على المزيد من المنافع المادية كالرواتب والقطع الاراضي والمناصب، مع بقاء اسرهم في دول الغرب حيث الامان والجمال، وكان من يعيش داخل العراق لا يستحق حياة افضل.

وان طرحت على احدهم تساؤل اذا كنت حقا تدافع وتحب بلدك فلما لا تجعل ابنائك يعيشون داخل العراق اسوة ببقية ابناء الوطن الذين عانوا في ايام الحصار ومازالوا يعانون الان؟ ستجد ان تجد الاجابة: من اجل حمايتهم فهم في خطر في العراق.

وكأن من يعيش داخل العراق من ابنائنا ليسوا بعراقيين، او انهم لا يستحقون الامن والاستقرار اسوة بابنائهم، مما يعكس منظور التعالي والاستكبار الذي يفكرون به تجاه ابناء الشعب عموما، و يؤكد حقيقة نفوسهم بأن صدام او غيره ليس المبرر الوحيد لاختيارهم السفر والهجرة عن ارض الوطن، والا لماذا لم يعودوا الى بلدهم ليستقروا واسرهم داخل العراق، مادام انهم يضحون بارواحهم فداء لهذا الوطن كما يدعون! وبالرغم من ذلك فأن القانون الذي سن بأيديهم ولصالحهم كما اغلب القوانين التي سنت بعد 2003، قد تناسا شرطا اساسيا الا وهو شرط العودة والاستقرار في العراق باعتبار ان السبب وراء الهجرة قد ازيل تماما. واكتفى بمنحهم الامتيازات لتضاف الى جانب بقية الامتيازات التي نالوها في ارض المهجر.

هنا نثير تساؤل جديد مفاده في حالة تغيير الوضع السياسي الحالي في العراق، فهل سيكتب التاريخ ايضا قائمة جديدة من السياسيين المستفيدين من المهاجرين العراقيين، باعتبار انهم قرروا الهجرة هربا من النظام الحالي ايضا؟ وهل سيبقى بذلك المستفيدين من هنا وهناك مناطا بمن يهاجر البلد ويستقر بعيدا عنه؟ بالرغم من ان المستحقيين الفعليين يجب ان يكونوا من العراقيين الذين ضحوا ويضحون بانفسهم داخل الوطن وكأنهم لا يستحقون المكافئة  لمجرد انهم تمسكوا بارضهم ولم يغادروها، وضاقوا الامرين في ايام الحرب والحصار والقتل على الهوية بل والاستشهاد بساحة التحرير الان لمجرد انهم خرجوا يطالبون بحقوقهم المشروعة وبذلك تكون مكافئتهم اخيرا، لا شيء لا من هنا ولا من هناك. بالطبع انني لا اشمل بكلامي هذا الجميع بل الاغلبية ممن هاجر ويهاجر ارض الوطن ليعود اخيرا لكسب المزيد من المنافع، ليستمر التاريخ يعيد نفسه وتبقى القوانين التي تسن دائما لخدمة هؤلاء المنتفعين فقط.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى