برلين.. قلب ألمانيا وعراقة التاريخ
برلين- مجلة السياحة العربية
لعله لا يوجد مدينة في أوروبا متصلة بالتاريخ مثل برلين، عاصمة ألمانيا، التي تضم العديد من المعالم السياحية والتي يتمحور أغلبها حول التاريخ الغني لهذه المدينة العالمية الكبيرة. ومن أشهر تلك الرموز من دون شك، بوابة براندنبورغ التاريخية العريقة التي تحكي تاريخ برلين وقوة الدولة ووحدتها. وما يميز هذه البوابة أعمدتها الضخمة، إذ تتألف من ستة أعمدة شاهقة الارتفاع مصنوعة من الحجر الرملي ويعلوها تمثال الكوادريغا، ما أكسبها المزيد من التألق. ومع سقوط جدار برلين في عام 1989، أصبحت بوابة براندنبورغ رمزا لإعادة التوحيد. ففي أواخر ذلك العالم، فُتحت البوابة أمام أكثر من 100 ألف شخص احتفلوا بانتهاء التقسيم بين برلين الشرقية وبرلين الغربية. ومن أشهر المعالم كذلك، مبنى الرايخستاغ ذو التصميم المعماري الفريد الذي يعود إلى عمارة عصر النهضة ويقع قرب بوابة براندنبورغ.
تم تأسيس هذا المبنى العريق على يد المهندس المعماري بول والوت عام 1894، ليكون المبنى الرسمي للبرلمان الألماني آنذاك. ولكن من أشهر المعالم السياحية في برلين التي تكشف تاريخها بعد الحرب العالمية الثانية ما تبقى من سور برلين الذي قسّم المدينة إلى شطرين.
وظل هذا صامداً أكثر من 28 عاماً، ليتم هدمه في التاسع من نوفمبر عام 1989. واليوم، بالإمكان رؤية بقايا الجدار في أماكن عديدة من المدينة وقد ملأتها الرسوم التعبيرية لتكون شاهداً على حقبة أثارت الكثير من الجدل في تاريخ برلين، إذ سقط العديد من الضحايا خلال محاولتهم عبوره إلى الشطر الغربي. والمعلم السياحي الآخر المرتبط بتلك الحقبة هو “نقطة تفتيش تشارلي” وهي كانت أشهر معبر حدودي بين برلين الشرقية والغربية خلال الحرب الباردة. وفي ذروة أزمة برلين عام 1961، تواجهت الدبابات الأميركية والسوفياتية في تلك النقطة.
واليوم، يعد المعبر الحدودي السابق أحد أهم المعالم السياحية وأكثرها زيارة في برلين. ومن المعالم السياحية كذلك، برج التلفزيون هو أحد تلك المعالم، الذي يعد البرج الأطول في ألمانيا ورابع أطول برج في أوروبا بتصميمه العصري المميز، حيث بني في ستينات القرن الماضي، ويمكن الصعود إلى أعلى قمته والتقاط الصور التذكارية ورؤية المدينة بأكملها تتلألأ. ولا يمكن نسيان زيارة قصر شارلوتنبرغ الذي يعتبر وجهة مميزة من أهم وجهات السياحة في برلين، حيث تم تأسيسه في القرن السابع عشر على الطراز الباروكي ولا زال يحتفظ برونقه حتى اليوم ويجتذب محب التاريخ والمهتمين بالهندسة المعمارية بحدائقه الشاسعة وقاعاته الفخمة.
وهناك كذلك، عمود النصر، الذي يمكن رؤيته من أماكن مختلفة في المدينة. ويعود تاريخ هذا النصب التذكاري إلى القرن التاسع عشر إثر الانتصار البروسي على الدنمارك.
وأكثر ما يميزه ذلك التمثال البرونزي الذي يقع أعلى النصب والمصمم تخليداً للملكة فيكتوريا. وتعج برلين بالمتاحف متنوعة الاهتمامات.
فهناك متحف الشيوعية الذي يضم مقتنيات تعود إلى حقبة ألمانيا الشرقية تكشف عن الطريقة التي كانت تدار بها الأمور في الدولة الشيوعية وكيف عاش المواطنون هناك، وكذلك متحف الجاسوسية الذي يجمع ما بين المعلومة والمتعة، وأيضاً متحف بيرغامون الذي يتكون من ثلاثة متاحف هي متحف الفن الإسلامي، مجموعة الآثار، ومتحف الشرق الأدنى القديم.
وهناك أيضاً متحف مدام توسو ذو الشهرة الكبيرة على مستوى العالم لكونه يمتلك مجموعة من التماثيل الشمعية لأشهر شخصيات العالم على اختلاف مشاربها السياسية والفنية والرياضية. وفي العاصمة الألمانية، العديد من الساحات التي تعتبر ملتقى السكان والزوار على حد سواء. ومنها: ميدان ألكسندر، وهو واحد من أهم المناطق التجارية في ألمانيا، ويقع حيث المطاعم الراقية والمقاهي والحانات. ومن الأماكن الموجودة في هذه الساحة نافورة الصداقة بين الشعوب وساعة ساعات العالم وكنيسة مارينكيرش ومجلس المدينة. ويعتبر ميدان بوتسامر قلب المدينة النابض ويحتوي على مجموعة من أكبر مراكز التسوق، بالإضافة إلى أفخم الفنادق والمطاعم والمقاهي وصالات السينما.
أما محبي الحيوانات، فإن حديقة حيوانات برلين وجهة لا غنى عنها، إذ تضم مجموعة متنوعة من الكائنات الحية ومنها ما هو نادر، فضلاً عن أكواريوم برلين الذي سيضيف المزيد من المتعة بكشفه أسرار عالم البحار بما يمتلكه من مئات الأنواع من الأسماك والزواحف والحشرات.
ولزيارة هذه الوجهات، بإمكان السائح استخدام “بطاقة الترحيب في برلين” التي يمكن من خلالها زيارة أكثر من 200 معلم سياحي بالمجان أو بخصوم كبيرة، بالإضافة إلى استخدام وسائل النقل العام في برلين.
والبطاقة صالحة لمدد مختلفة تتراوح بين يومين إلى ستة أيام، ويمكن استكمالها ببطاقة مخصصة للمتاحف تدعى “ميوزيم باس”. وتضم برلين العشرات من الفنادق الفخمة ذات الطراز العالمي من مختلف الفئات التي تناسب جميع الميزانيات. ولعل أشهرها “ألدون كمبنسكي” المطل على بوابة براندنبورغ ومبنى الرايخستاغ والذي يعتبر مبنى تاريخياً بحد ذاته إذ أنه بني عام 1907 وأعيد افتتاحه في 1997 ويضم 307 غرف و78 جناحاً ومطاعم عدة هي “كواريه” ذو التراس الكبير والذي يقدم المأكولات الفرنسية والألمانية مع إطلالة فريدة على بوابة براندنبورغ، و”لورينز إيزيمر” الحاصل على نجمتين بتصنيف ميشلين، و”بيل إيتاج” بإطلالته الفريدة على الردهة مع نافورة الفيل الأسطورية، وبار “الفيل”.
كما يعتبر نقطة محورية للمؤتمرات والاجتماعات والمناسبات، حيث يضم قاعتي حفلات و15 غرفة مؤتمرات فسيحة، فضلاً عن مسبح وصالون حلاقة وصالة لياقة بدنية ومركز “ريسنس” سبا الفاخر، الذي يضم غرف ساونا وثماني غرف علاجية وثلاثة أجنحة خاصة، حيث توفر علاجات التجميل الحصرية وجلسات التدليك أقصى قدر من الاسترخاء والراحة. تعتبر برلين بحق وجهة مميزة لأسباب عديدة ترجع لتاريخها الحافل وتنوعها الثقافي والترفيهي الغني بما تقدمه من خيارات للزائر، بالإضافة إلى مساحاتها الخضراء الواسعة وبحيراتها الشاعرية التي تشكل ملجأ للسكان من صخب المدينة، ولا عجب لذلك أنها تأتي على الدوام في مقدمة الوجهات السياحية في أوروبا والعالم.