ان كان لإيطاليا أندريا بوتشيلي Andrea Bocelli الحائز على وسام استحقاق الجمهورية الإيطالية ووسام استحقاق دوارتي وسانشيز وميلا تينور Ténor، وكذلك مواطنه لوتشانو بافاروتي ملكا للتينور،
وان كان لوطن المناظل الإنساني Nelson Mandela (نيلسون مانديلا) ميريام ماكيبا “ماما أفريقيا” المناضلة والناشطة في مجال حقوق الإنسان، وكما يكون لكل وطن تينور وفنان ينحته التعلّق بالوطن وعشق التراب والتراث فيحوله لرمز سيرحل ذات يوم ويظل فنه خالدا ملتصقا بالأرض كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء، فان لتونس هذا الوطن الصغير في رقعته الكبير بتاريخه واصالته رموز تنير تاريخه وتراثه على مر الأزمنة بحلوّها ومرّها ففي الرخاء يظهر نجم في كل مجال وفي السنوات العجاف تظهر أنجمٌ.
من بين تلك الأنجُمُ ظهر نجمُ رؤوف ماهر في حياء من بين حبات رمل الجنوب، من بني خداش من رحم ارض مدنين أتى طفلاً مبتسما فرحا بحياة زاهية هبة من رب قدير، أرضعته إحدى حرائر الخضراء مع حليبها عشق الأرض والعِرْضِ، ألقمته من موروثها ترانيم حب الوطن وحكايات التراث تمهيدا لميلاد (عروبية، وشقيقاتها الخطافة، صنديدة، في ظل وجود النغّار…. يا دوبها عيني ريت زويلة ••• لمحبوبها جت هايمة تشكيله.) قدم رؤوف ماهر من بعيد ليخاطب وجداننا ويداعب كياننا فننتشي معه، وحين تتحدث إليه تجد نفسك تصغي إلى التراث يتكلم وتراب تلك الربوع يروي لك قصة عن تاريخ الأرض الممتدّة من أرض عمر المختار ليبيا إلى موطن أبي القاسم الشابي ومصباح الجربوع ومحمد الدغباجي…
كلمات رقيقة تنساب على لسان بطل قصتنا اليوم بلكنة جنوبية مزيج من ثقافة… وتراث…، مفردات يفهمها أهل الجنوب وكل المنطقة المتاخمة لهم، فلكل مفردة قصّة وتاريخ وشخصيات. في بعض الكلمات نقول إن رؤوف ماهر رجل جمع بين جيل رحل وجيل يشق طريقه وآخر لم يولد بعد، في أغانيه تراث وطن وثقافة أجيال وأحلام شباب، في شخصه تجسد حب الآخر وإكبار للأهل واعتراف بالجميل، شخصية متسامحة ويد ممدودة بالخير للجميع، للبعيد قبل القريب، وحفلاته الخيرية في الداخل والخارج تحدثك عن معدن الرجل، متجاوز عن الإساءة، كريم، طيب القلب… لا نقدمه كولي صالح ولكن كرجل من الجنوب تربي عن أخلاق البيئة التي نشأ فيها وأهله الطيبين.
هو سفير الأغنية التونسية التراثية بامتياز وسفير للسياحة الصحراوية التي تجسدت في كل أغانيه المصورة التي تعدت الثلاثين أغنية… سئل بطلنا عن فنه وأغانيه فتحدث عن المؤلف والموزع وصاحب الكلمات والملحن بإطناب معترفا لكل هؤلاء بفضلهم ومشيدا بقيمتهم قائلا لولاهم لما وصلت أغانيه لمحبيه جاعلا من نفسه آخر من يأتي الحديث عنه، تواضع في كبرياء وثقة بالنفس دون غرور. سوف لن نأتي على سرد محتوى ألبوماته الغنائية حتى ننأى بأنفسنا عن كل رأي شخصي فلكل ذوقه وتقييمه لهذا نترك للقارئ الحريّة الكاملة في ذلك ونستضيفكم في عالم رؤوف ماهر الفنان الأصيل من خلال إبداعاته ومرحبا بكم جميعا.