مقالات

معالى المستشار تركى آل الشيخ

محمد بن محمد الحميدي
غازي القصيبي ـ جده 

لم يكن شخصًا عاديًا، بل كان متفردًا في شخصيته، مراهنًا على أفكاره دائمًا، ولما لا وقد كان روائيًا، وشاعرًا، وأديبًا، وإعلاميًا، وسياسيًا، ووزيرًا، ودبلوماسيًا بارعًا، فلم يكن فقيد البلاد الكبير الدكتور غازي القصيبي مجرد أديب عابر في حياته المديدة، كما أنه لم يكن إداريًا ودبلوماسًيا ناجحًا فقط، لا؛ بل كان دائمًا شخصًا يمزج ويستقطب المهام بمعيار دقيق، ويقف بها في مهب التحولات؛ ليؤكد من خلالها أن وجوده في الأدب لا يوازي وجوده في الدبلوماسية والإدارة فقط؛ بل كذلك يؤكد أن ما ينعكس من أدبه في مجال الدبلوماسية هو في ذات الوقت تعبير عن دبلوماسيته
إلا أن أفكار غازي القصيبي-رحمه الله-وشخصيته قد توارثها من بعده شخصيات عديدة مؤثرة، ومن أهمها في وقتنا الحاضر معالي المستشار تركي آل الشيخ الذي تولى مناصب عديدة أجادة فيها وأبدع وأبهر العالم، فعين مستشار للديوان الملكي بمرتبة وزير فأجاد وأفاد، وتولى مناصب أخرى عديدة أهمها رئاسة مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضية، فتمت على يديه ثورة في عالم الرياضة في المملكة العربية السعودية وتم استقطاب العديد من نجوم كرة القدم في العالم وتغذية الفرق السعودية بها، وقد أحدث ذلك فرقًا هائلًا في تطور رياضة كرة القدم في المملكة، وحاليًا هو رئيس هيئة الترفيه، ولا يزال يسابق الزمن ويواصل العمل الدؤوب بالليل والنهار من أجل إحلال الفكر الوسطي والإبداع محل الانغلاق والتشدد من خلال توجهات سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز مهندس الرؤية الذي وضع معايير في اختيار المسؤول من بينها الكفاءة والقدرة وهذه أساسيات والأهم أن يكون المسؤول لديه شغف وتكون مسؤوليته قضية شخصية، ومنذ تولي معالي المستشار تركي آل الشيخ رئاسة هيئة الترفيه صبت أكبر أهدافها على إثراء الحياة ورسم البهجة، كما ركزت على تحفيز دور القطاع الخاص في بناء وتنمية نشاطات الترفيه وسعت لتطوير وتمكن قطاع ترفيهي جاذب وحيوي يحفز الاستثمار بما يحقق النمو المستدام وبما يوفر خيارات ترفيهية شاملة وعالية الجودة، وتعمل كذلك على تنظيم وتطوير قطاع الترفيه وتنويع الخيارات الترفيهية المتاحة ودعم تنويع الاقتصاد الوطني.
ومعالي المستشار تركي آل الشيخ شخصية بارزة في المملكة العربية السعودية له دور كبير في تشكيل ملامح الحياة الثقافية والترفيهية والرياضية، وقد سعى سعيًا دؤوبًا لتغيير الفكر والتحرر من كثير من الموروثات الوهمية التي ترسخت عند الكثيرين من أبناء المجتمع –بكل أسف- بفعل مجموعة من الأشخاص الذين عمدوا جهلًا أو عمدًا على إشعار الفتنة دومًا وإثارة المجتمع وتبغيض الناس في الحياة وفي العيش الكريم وفي التوسط والاعتدال، وليس من العسير فهم شخصية تركي آل الشيخ إلا من خلال أبعادها الأوسع فاختزال شخصيته في جانب محدد ظلم بين وجور عظيم، فما يمارس على أرض الواقع لا يمثل – في نظري – سوى 10% مما يسعى إليه، ويلاحظ في عمله الحزم والعزم والدافعية العجيبة وذلك راجع للثقة التي أولاها ولاة الأمر في هذا الرجل، ونرى أنه على قدر كبير من المسؤولية لتحمل هذه الثقة وهذه الأمانة التي أوكلت إليه، وما أوكلت له هذه المهام العظام إلا بعد العطاء الكبير في خدمة الدولة وولاة الأمر منذ شغله منصب مستشار في الديوان الملكي السعودي، قبل توليه رئاسة الهيئة العامة للترفيه، ولقد قد كان له دور حاسم في إطلاق وتنظيم العديد من المبادرات التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة ودعم الاقتصاد المحلي من خلال الفعاليات الترفيهية والثقافية بشكل خاص، فمنذ توليه هذه المناصب، قاد  مجموعة واسعة من الفعاليات التي لم تقتصر على تحويل السعودية إلى وجهة ترفيهية عالمية، بل كان لها أثر بالغ في تعزيز الانفتاح الثقافي وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وقد شهدت الهيئة العامة للترفيه تحديثات كبيرة في البنية التحتية واستخدام التكنولوجيا المتقدمة، مما ساعد في تقديم تجارب فريدة ومبتكرة للزوار فقد استخدمت الهيئة تقنيات مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز لإثراء الفعاليات وتقديم تجارب تفاعلية تعزز من جاذبية المواسم الترفيهية، كذلك فقد أولى معاليه اهتمامًا بالغًا بدعم المواهب المحلية وتنمية القدرات الإبداعية السعودية من خلال إطلاق برامج تدريبية ومسابقات تستهدف الشباب في مختلف المجالات الفنية والإبداعية. هذه المبادرات ساهمت في تعزيز الإنتاج الثقافي والترفيهي في المملكة وخلق فرص عمل جديدة في هذه القطاعات، كذلك فقد أعلن معالي المستشار تركي آل الشيخ مؤخرًا عن إطلاق هوية عيد الفطر 2024 تحت شعار «عيدك بين أهلك وناسك»، وهو ما يعكس التزام الهيئة بتعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية خلال المناسبات الهامة.
كما أنه أثرى الساحة الثقافية والفنية بشكل كبير من خلال دوره كرئيس للهيئة العامة للترفيه، فقد أطلق ودعم العديد من المبادرات التي ساهمت في إحياء الفنون والثقافة وتقديمها بأساليب مبتكرة وجاذبة للجمهور المحلي والدولي، وتحت إشرافه شهدت المملكة إعادة افتتاح دور السينما بعد عقود من الإغلاق، وقد بدأت السينما السعودية بعرض الأفلام العالمية والمحلية، مما ساهم في تعزيز الصناعة السينمائية وخلق سوق جديدة للأفلام، كما شهدت المملكة عودة المسرحيات والعروض المسرحية الحية التي جذبت جمهورًا واسعًا وعززت من التقدير الثقافي للفنون المسرحية، وكان ولا يزال معالي المستشار حريصًا على دعم الفنانين المحليين وإعطائهم منصة لعرض أعمالهم، فتم تنظيم العديد من المهرجانات والفعاليات التي تبرز المواهب السعودية في مختلف المجالات الفنية من الرسم والنحت إلى الأداء الموسيقي، وهذه المهرجانات لا تسهم فقط في رفع مستوى الوعي الثقافي ولكنها تعزز كذلك من الاقتصاد المحلي من خلال جذب السياح والزوار، ولقد أدرك معالي المستشار تركي آل الشيخ أهمية البنية التحتية في تعزيز الفنون والثقافة، لذا عمل على تحديث وتطوير المرافق الثقافية مثل المسارح وصالات العرض والمتاحف تم تجهيز هذه المرافق بأحدث التقنيات لتقديم تجارب ثقافية غنية ومتعددة الأبعاد تلائم الجمهور العصري، وفي إطار جهوده لتعزيز الهوية الثقافية، قام بإطلاق مبادرات تهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي السعودي وتعزيزه. من خلال هذه المبادرات، تم تنظيم فعاليات تعليمية وثقافية تسلط الضوء على الفنون التقليدية والحرف اليدوية، مما ساهم في تعزيز الفخر الوطني والاعتزاز بالثقافة السعودية، كما تمكن تركي آل الشيخ من جعل الثقافة والفنون جزءًا لا يتجزأ من نسيج المجتمع السعودي، مما يعكس التزامه بتحقيق رؤية المملكة 2030 لإثراء حياة المواطنين وتقديم صورة متجددة ومزدهرة للثقافة في تعزيز التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة في المملكة العربية السعودية، تم تنفيذ العديد من المشاريع والفعاليات التي أسهمت في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتوفير العديد من فرص العمل للشباب السعودي، كما أنه وضع استراتيجية شاملة لتوسيع القطاع الترفيهي في السعودية، مما أدى إلى جذب استثمارات كبيرة سواء المحلية أو الأجنبية، من خلال تنظيم فعاليات مثل موسم الرياض، الذي استقطب أكثر من 20 مليون زائر في نسخته الأخيرة، ساهمت الهيئة في تعزيز الاقتصاد من خلال السياحة والاستهلاك، وزيادة الطلب على الخدمات المحلية من الطعام والإقامة والنقل، كما أن المبادرات التي قادها معالي المستشار تركي آل الشيخ أدت إلى خلق الآلاف من فرص العمل، وخصوصًا للشباب في المملكة وتلك الوظائف شملت مجالات متعددة مثل الضيافة، الأمن، التقنية، التسويق، والإعلام.
وتحت قيادة وتوجيه سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان .
وأشراف تركي آل الشيخ لم تقتصر إسهامات المملكة العربية السعودية على تعزيز الثقافة والفنون محليًا فقط، بل امتدت لتشمل بعدًا من خلال الفعاليات الكبرى والمبادرات الثقافية، نجحت المملكة في ترسيخ مكانتها كمحور رئيسي في الدبلوماسية الثقافية على الساحة العالمية، وقد سعى معالي المستشار سعيًا حثيثًا نحو استخدم الفنون الإعلامية كأداة للترويج للثقافة السعودية عالميًا من خلال إنتاج أفلام وثائقية تعرض التراث والحياة الثقافية السعودية، تمكنت المملكة من الوصول إلى جمهور عالمي واسع، مما ساهم في تعزيز فهم واحترام الثقافة السعودية على الصعيد الدولي، كما أن الجهود التي بذلها في مجال الدبلوماسية الثقافية لم تقتصر على تحسين العلاقات الثقافية الدولية فقط، بل ساهمت أيضًا في تعزيز السلام والتفاهم بين الشعوب من خلال الفن والثقافة. هذا النهج يؤكد على الدور الهام الذي يمكن أن تلعبه الثقافة في بناء جسور التواصل والتفاهم بين الأمم.
لذلك فلم يكن مستغربًا أن يصدر أمر ملكي في شهر يونيو من العام 2017م بتعيينه مستشارًا بالديوان الملكي بمرتبة وزير، ثم إسناد له منصب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة، وكذلك رئيس اللجنة الأولمبية السعودية، ثم اختياره رئيسًا للاتحاد العربي لكرة القدم، ورئيسًا كذلك لإدارة الاتحاد الرياضي لألعاب التضامن الإسلامي، وحاليًا هو رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه.
وفق ما سبق فيعتبر معالي المستشار تركي آل الشيخ من الشخصيات المثقفة والموهوبة في عدد من المجالات من أبرزها الشعر والأدب العربي والكتابة والتأليف وقد صدر للمستشار تركي آل الشيخ عدد من القصائد التي قام بكتابتها وتأليفها ومنها قصيدة سيف العز التي قام بإهدائها إلى الأمير محمد بن سلمان، وهي قصيدة وطنية شهيرة كما كتب آل الشيخ عدد من القصائد العاطفية التي تغنى بها كبار المطربين في الوطن العربي مثل فنان العرب العراب محمد عبده، فهو رجل متعدد المواهب بحق، وقد لا يصدق الكثيرين أن معاليه كان رجلًا عسكريًا، فقد بدأ حياته المهنية في وزارة الداخلية السعودية وعمل ضابط شرطة، ثم انتقل بعد ذلك للعمل في إمارة الرياض بمكتب أمير المنطقة
ولقد قدم معالي المستشار تركي آل الشيخ بصفته رئيسًا لهيئة الترفيه عدد كبير من الفعاليات غير المسبوقة من أهمها إقامة كأس العالم لكرة اليد في المملكة، وماراثون الرياض، وسباقه الدولي للسيارات، وبطولة كأس الملك سلمان للشطرنج، ومسابقة الألعاب الإلكترونية، والبطولات الشعبية، وبرنامج الحصن الأسطوري بالنسخة العربية.
كما لا يغيب الجانب السياسي والإنساني عن فكر معالي المستشار، خاصة وأنه يتميز بذكاء ودهاء عجيبين، فمن يتابعه بدقة يلاحظ ذلك، فهو يعمل بطريقته الخاصة والمتفردة على وضع خططًا للتدريب وتطوير المهارات في مجالات الترفيه والضيافة وذلك من خلال التعاون مع مؤسسات تعليمية محلية ودولية، وهذه البرامج تهدف إلى رفع كفاءة العاملين في القطاع وتمكينهم من المنافسة عالميًا.
فهو شخص يحب النجاح ويمتلك رؤية فنية متكاملة عن التطوير في مجال الترفيه والمجالات الرياضية والأدبية والفنية والثقافية، كما أنه شخص شديد الذكاء، ومثال ذلك عندما سئل عن سبب حرصه وشدة إصراره على استضافة مباراة كأس السوبر الإفريقي بين فريقي الأهلي والزمالك في السابع والعشرين من سبتمبر القادم قال إن سبب ذلك توثيق عرى الود والمحبة وترسيخ التقارب بين الشعبين المصري والسعودي وليس مجرد إقامة مباراة كروية، فالأمر له أبعاد أخرى وحسابات متعددة، وعندما ذكر أمامه لفظ الجالية المصرية رفض ذلك وصوبه بقوله: لا نقول ذلك بل نقول إخواننا المصريين المتواجدين في المملكة العربية السعودية.
إضافة إلى دهائه وذكائه في لقاءاته وفي عرض أفكاره وفي تصريحاته، لما لا وهو الشاعر والروائي والأديب، فلديه حس أدبي عالي وموهبة قيادية فريدة، .
كما أنه شخص نشط وفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي، ويحاول أخذ كثير من الفئات إلى الطريق النافع لهم ومثل ذلك تغريده حديثة له نشرها بتاريخ 31/08/2024م شوهدت 2.4 مليون مرة خلال يومين فقط على منصة اكس ونصها: “نصيحة لإخواني الشباب والبنات … ادرسوا سوق العمل جيدًا والتغيرات فيه لتحدد طريقك وتخصصك في الدراسة واحتياجات السوق لهذا التخصص … واكب النهضة الكبيرة في بلدنا … والقطاعات الجديدة فيها”، وهذه كلمات تكتب بماء الذهب لمن وعى، كما يلاحظ أن معاليه هنا يتقمص دور الأب والمربي والناصح الأمين، فهي تغريده في الصميم في وقت يحتاج فيه الشباب إلى مثل هذه النصائح.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى