شتافنيتسا – بولندا – د.جمال المجايدة :
وصلنا الى مدينة شتافنيتسا قادمين اليها من كراكوف , في محاولة للتعرف على ملامحها التي تضم العديد من الينابيع الحارة و المنتجعات المخصصة للعلاج بالمياه المعدنية ، وهي بالفعل تعد وجهة سياحية نابضة بالحياة في جنوب بولندا. كما انها وجهة فريدة من نوعها لاتُقاوم بفضل تنوّع الأنشطة فيها وجمالها الطبيعي والثقافي الذي توفّره،

وفرت لنا ادارة الفندق الذي أقمنا فيه Pieniny Grand Hotel جولة في وسط المدينة للتعرف الى ملامح موقعها الخلاب عند سفح جبال بينيني، بالقرب من مضيق نهر دوناجيك. والجبال المنخفضة ذات القمم الصخرية، الواقعة داخل حدود منتزه بينيني الوطني الجميل،
شتافنيتسا المدينة الوادعة الصغيرة الهادئة مليئة بالغابات والمناظر الطبيعية الخلابة، حيث يمكن للمتنزهين اغتنام الفرصة لمعايشة تجربة ثرية في التعرّف على النباتات والحيوانات النادرة في الغابات.
خارج شتافنيتسا، تنتشر القلاع في تشورشتين ونيدزيكا التي تستحق الزيارة، فضلاً عن الحدائق الوطنية مثل بيالوفيجا المُدرجة على لائحة مواقع التراث العالمي من قبل اليونيسكو، فهي تضمّ آخر الغابات البكر في أوروبا، وواحة مورقة غنية بالمعالم البرّية الساحرة وموطن الجاموس الأوروبي.

في أعماق الطبيعة الساحرة
تقع مدينة شتافنيتسا، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 7600 نسمة ومساحتها 8789 هكتاراً، على مقربة من الحدود البولندية السلوفاكية، في واحدة من أكثر المناطق الخلابة في البلاد. فهي تمتدّ على حدود جبال بينيني وبيسكيد ساديك في وادي كراجكاريك، على ارتفاعٍ يصل إلى مابين 430-500 متراً فوق مستوى سطح البحر.

تغطي الغابات ثلثي المنطقة. وهذه الوفرة من الغابات هي التي تساهم في كون المناخ أكثر اعتدالاً من العديد من المنتجعات الجبلية الأخرى في بولندا. لا تختلف درجات الحرارة ليلاً ونهاراً بشكل كبير، ونادراً ما تمطر ويكون الضغط الجوي متوسطاً. تميل فصول الشتاء إلى أن تكون مشمسة ومثلجة، بينما يكون الصيف معتدلاً.

رحلة علاجية مُتكاملة
وتُعدّ زيارة مدينة شتافنيتسا رحلة علاجية مُتكاملة للروح والجسد والعقل، حيث يُساعد المناخ المحلي الفريد وينابيع المياه المعدنية والمنتجعات والحمّامات العلاجية، بعلاج أكبر عدد من الأمراض مثل أمراض المسالك البولية والجهاز الهضمي والجهاز التنفسي وكذلك أمراض الأعضاء الحركية. كما يتحرّر العقل من قيوده عند الاسترخاء بين أحضان الطبيعة الرائعة والنسيم العليل الأخّاذ في رحلة استشفاء لا تُقدّر بثمن.
السياحة في شتافنيتسا
تعتبر شتافنيتسا المدينة الأكثر شعبية في المنطقة بين السياح والزوار القادمين اليها من دول الخليج العربية واوروبا و الذين يفضّلون الجبال على الشواطئ لقضاء إجازاتهم وسط المعالم الطبيعية المُذهلة، حيث يتسنّى لعشاق المغامرات اكتشاف الغابات الرائعة بالركوب على الدراجة أو سيراً على الأقدام، وتُمثّل الرحلة فرصة رائعة لركوب الزوارق الخشبية أو لقضاء وقت مُمتع في الاسترخاء والاستشفاء داخل المصّحات العلاجية الطبيعية بين أحضان الجبال التي تُسهم في تجديد الحياة للعقل والجسد على حدٍّ سواء.
ولا تكتمل تجربة زيارة شتافنيتسا إلا بتناول كوب من المياه المحلية المعدنية النقية من حانة صغيرة في قلب المدينة، والتوجّه لزيارة المتحف المتواضع أعلى التل الذي يضمّ مجموعة من أزياء منطقة بينيني. ورغم أنها ليست كبيرة، إلا أن المجموعة تستحقّ المشاهدة بسبب السترات المطرزة النموذجية للمنطقة.

سحر السياحة الشتوية
تضمّ شتافنيتسا بعضاً من أفضل منحدرات التزلج مع مسارات تُناسب جميع مستويات المهارة أطولها في بالينيكا بحدود 2 كم. يمكن الوصول إلى جبل بالينيكا الذي يبلغ ارتفاعه 722 متراً عن طريق مصعد التزلج الذي يتُسع لأربعة أشخاص، حيث يوفر إطلالات رائعة على الوادي. وبمجرد الوصول إلى هناك، يمكن لعشاق الرياضات الشتوية الاستمتاع بمسار قصير منحدر ومتنزه صغير للتزلج على الجليد. يبدأ مسار المشي والدراجات “دونجاك جورج” عند محطة مصعد التزلج، ويمتد على طول الضفة الجنوبية للنهر الجبلي. بالقرب من جبل بالينيكا، وتحديداً على جبل”زافرانوكا”، فإن قطار التزلج الجبلي الذي يبلغ ارتفاعه 700 متر يُعتبر عامل جذب سحري بين الأطفال والكبار على حدٍّ سواء. ومن المؤكّد أن أكبر عامل جذب في هذه المنطقة والنسخة الأكثر إثارة هو رحلة التجديف بالكاياك في نهر دونجاك، حيث ينخفض مستوى الصعوبة لمحبي الرياضات المائية، وتجربة لا تُنسى في التجديف الجبلي بصحبة المرشدين والمدربين المحترفين.
تاريخ تراثي عريق

ذاع صيت شتافنيتسا كمدينة منتجع منذ منتصف القرن التاسع عشر، نظراً لوجود ينابيع الحمض القلوية والظروف الجوية الرائعة والتي تُساعد على علاج العديد من أمراض الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي.




