كتب – محمد سعد
شهد مسرح شاطئ الراحة بأبوظبي مساء أمس «الثلاثاء» منافسات الحلقة المباشرة السابعة من برنامج «شاعر المليون» بموسمه الثاني عشر الذي تنتجه هيئة أبوظبي للتراث تحت شعار «قصيدنا واحد»، في إطار إستراتيجيتها الهادفة إلى صون التراث الأدبي والشعري.

حضر الحلقة التي بُثَّت عبر قناتي «أبوظبي» و«بينونة»، سعادة عبيد خلفان المزروعي المدير التنفيذي لقطاع المهرجانات والفعاليات في هيئة أبوظبي للتراث، وسعادة محمد جمعة المنصوري المدير التنفيذي لقطاع الخدمات المساندة في الهيئة، والشاعر ماجد بن سلطان الخاطري، وعدد من المسؤولين في الهيئة، إلى جانب عضو اللجنة الاستشارية للبرنامج تركي المريخي، وجمهور من الشعراء والإعلاميين ومحبي الشعر النبطي.
وأعلنت لجنة التحكيم المكونة من الدكتور سلطان العميمي، والدكتور غسان الحسن، وحمد السعيد، في نهاية الحلقة، تأهَّل الشاعرين شاهر محمد الشراري، ووليد البحيح من المملكة العربية السعودية إلى المرحلة التالية من البرنامج بنتيجة 49 درجة من 50 للأول، و48 درجة من 50 للثاني، فيما حصل واصف علي من سوريا على 47 درجة، ومحسن بن تركي من السعودية على 46 درجة، وزياد فيحان العتيبي من قطر على 45 درجة، وصلاح فهد العازمي من الكويت على 43 درجة، ويُنتظر تأهُّل أحدهم إلى المرحلة التالية بتصويت الجمهور خلال هذا الأسبوع عبر الموقع الإلكتروني والتطبيق الخاص ببرنامج «شاعر المليون».

وأعلن مقدمَا البرنامج الإعلاميان فيصل الجاسم وسلامة المهيري، في مستهل الحلقة، تأهُّل الشاعر عبدالمجيد صقر العزه السبيعي من السعودية إلى المرحلة التالية بتصويت الجمهور في الحلقة السابقة، وحصل على 65 درجة من 100 هي مجموع درجات لجنة التحكيم ودرجات تصويت الجمهور.
وبدأت منافسات الحلقة مع المتسابق زياد فيحان العتيبي من قطر بقصيدة تصف ظروف وأحوال ولادة القصيدة عند الشاعر، وقد وصفها الدكتور غسان الحسن بالجميلة، وبأن تصاويرها إبداعية، ممتدحاً ذهاب الشاعر إلى التجميل الداخلي في الموسيقى الداخلية الإضافية، التي تجلت في السجع ما بين الكلمات والعبارات المتجاورة في الأبيات.

وأثنى الدكتور سلطان العميمي على جمال القصيدة وحضور صاحبها قائلاً إنه أبدع في خلق سيناريو خاص به لروح التنافس التي طرحتها القصيدة في فكرتها، مشيراً إلى الحياة التي بُثَّت في القصيدة بما حملته من صور متحركة في مختلف أبياتها، وبالأفعال الدالة على الحركة، الأمر الذي عكس مقدرة الشاعر الإبداعية، فيما امتدح حمد السعيد حضور الشاعر واصفاً إيّاه بحضور الواثقين، وأشاد كذلك بجماليات القصيدة ووحدة الموضوع اللافتة منذ مطلعها حتى خاتمتها.
وحملت قصيدة المتسابق الثاني شاهر محمد الشراري من السعودية اسم «رسالة إلى ضريرة»، وصفها الدكتور سلطان العميمي بأنها احتوت كل ما يقال من جماليات في الشعر، وتميزت بفرادة موضوعها ومستوى إنسانيتها، وبما فيها من النضج والوعي والثقافة، والتوظيف الذكي لشخصية أبي العلاء المعري الذي فقد بصره مبكراً، ممتدحاً عمق الدلالات التي تضمّنتها القصيدة، وكذلك الصدق والإبداع والتصوير الفني والمحسنات البديعية.

واعتبر حمد السعيد أن الشاعر في قصيدته مثَّل لسان حال المجتمع بنص جميل جداً أتى ثرياً بالمحسنات البديعية، مستشهداً بنماذج من الجناس والطباق التي استخدمها الشاعر، وممتدحاً اقتباسات الشاعر من النصوص القرآنية التي وظفها بذكاء لخدمة قصته، ما يؤكد إبداع الشاعر.
فيما وصف الدكتور غسان الحسن القصيدة بأنها مدهشة، تحمل الكثير من الجمال الشعري، وتعكس ثقافة الشاعر التي برزت في التوظيف الجميل لعبارات معبّرة عن المواقف، انتقاها من ثقافته الدينية، ومن ثقافته الخاصة بالموروث الشعبي.
وألقى المتسابق الثالث صلاح فهد العازمي من الكويت قصيدته التي أشاد حمد السعيد بحضور الصورة الشعرية فيها، وابتعادها عن المباشرة في تناول الموضوع، إذ استطاع الشاعر أن يجسّد في قصيدته بإبداع روح التلاحم الأخوي الكويتي الإماراتي.
وأكد الدكتور غسان الحسن استحقاق الموضوع هذه القصيدة الجميلة التي تميزت بمطلعها المتماسك، معرباً عن إعجابه بالتورية الجميلة التي وُفّق الشاعر في اختيار كلماتها بمدلولات معبّرة. فيما وصف الدكتور سلطان العميمي القصيدة بأنها ذات مستوى فني رفيع في عدد من الأبيات، وذلك بصورها الجميلة وأنسنتها لبعض المكونات، وكذلك بتوظيفها المفردات الدالة على الشموخ والرفعة والعزة والثبات.
وامتدح الدكتور غسان الحسن جمال قصيدة المتسابق الرابع محسن بن تركي من السعودية، بما حمله مطلعها من أنسنة بَثَّت الروح في المكونات الجمادية والمعنوية، مشيداً بالبناء اللغوي الذي عكس الفن والدراية لدى الشاعر، مستشهداً بالتوظيف الموفق لفن الطباق نظراً للتناقض الذي اهتمت به القصيدة.
وأشاد الدكتور سلطان العميمي بالمستوى الرفيع للقصيدة، ورأى أنها محمَّلة بتجربتين: ذاتية مرتبطة بموضوع القصيدة، وشعرية مميزة تحمل بصمة الشاعر الشعرية بوضوح، فلا وجود للحشو ولا للمباشرة، مشيراً إلى المشاعر الإنسانية التي حملتها القصيدة، وإلى الشاعرية رفيعة المستوى، والتصاوير الجميلة، وممتدحاً التكثيف اللغوي والصور الشعرية.
فيما وصف حمد السعيد النص بالعاطفي، مشيداً بالحضور الذهني الذي تبدى للشاعر في القصيدة، وكذلك استطراد الصور الشعرية، ما جعل للشاعر حضوره المميز.
وفي قصيدة المتسابق الخامس واصف علي من سوريا بعنوان «هميد الذاكرة»، امتدح الدكتور سلطان العميمي نجاح الشاعر في نقل المتلقي إلى مشاهدة التضاريس المرتبطة بحياته وبيئته التي وصفها، وذلك بأدق تفاصيلها، مشيراً إلى تميز الشاعر في مزج كل ذلك بإبداعه الشعري ليخلق نصاً متماسكاً مَبنياً بذكاء، وإلى توفيق الشاعر في استخدام المحسنات البديعية بعيداً عن الإسراف.
ووصف حمد السعيد الشاعر بالمبدع المتفوق، مشيداً بحضوره المميز وبإبداعه الوصفي الدقيق، ممتدحاً أصالة المفردات التي تمسك باستخدامها، وصوره الشعرية الجميلة المعبّرة. فيما وصف الدكتور غسان الحسن القصيدة بأنها في غاية الجمال بما حوته من وصف دقيق وصور شعرية جميلة معبّرة، مشيراً إلى أن الشاعر استطاع إيصال قصيدته إلى المتلقي محمَّلة بما في نفسه من مشاعر، مستدعياً معها ما لدى المتلقي من المشاعر عينها.
وكان آخر المتسابقين في الحلقة وليد البحيح من السعودية، الذي امتدح حمد السعيد عفويته وحضوره «الاستثنائي»، واصفاً قصيدته بالجميلة المدهشة التي عكست إبداعاً شعرياً مميزاً.
فيما رأى الدكتور غسان الحسن أن النص حمل من
الجمال الكثير، واحتوى كثيراً من الشعر الذي يرتكز إلى تجربة شعرية عريقة، تعكسها الصور الشعرية الكثيرة والتراكيب اللغوية، مشيراً إلى احتكاك الشاعر في أكثر من موضع من أبيات قصيدته مع امرئ القيس، ومشيداً بالجمال الذي وُفّق به الشاعر في الدمج ما بين الواقع والصور المجازية والمبتكرة.
فيما رأى الدكتور سلطان العميمي أن الشاعر في مطلع القصيدة كأنه أعاد ابتكار المطالع الشعرية القديمة والأصيلة وطرَحها بشكل جديد كي يثبت إمكانية المحافظة على الأصالة وإعادة تطويرها، مشيراً إلى أنه لم يخلُ أيٌّ من أبيات القصيدة من المشاهد الجميلة، مُبيناً أن الشاعر بمفردات اللغة الأصيلة التي شكل بها قصيدته أثبت أن المفردات الأصيلة قادرة على خلق حالة متجددة لانهائية من الجمال حين يتعامل معها شاعر ذكي موهوب.
وتخللت فعاليات الحلقة فقرة تراثية قدمت خلالها فرقة المزيود للفن الشعبي عروضاً تراثية وفنية تزينت بها الأمسية، تضمنت ألواناً من فن الندبة الصوتي المتوارث، ورقصة الرواح الشعبية الأصيلة، وفن المزافن التراثي الذي يعتمد على المبارزة الاستعراضية بالسيوف. ولاقت إعجاب الجمهور الذي تفاعل معها.



