جليلة كلاعي ـ تونس
بعد فترة طويلة من التحديات التي أثرت على قطاعها السياحي، تستعد تونس اليوم لقلب صفحة جديدة، معتمدة على استراتيجية طموحة ترتكز على محورين أساسيين: الرقمنة وتمكين الشباب. هذه الرؤية تهدف إلى إعادة positioning تونس كوجهة سياحية حديثة، جذابة، وقادرة على المنافسة عالميًا، مستفيدة من إمكانياتها الفريدة وتراثها العريق.
1. الرقمنة : جسر نحو العالمية وتجارب ذكية
التحول الرقمي لم يعد خيارًا، بل ضرورة ملحة للقطاع السياحي في تونس. الاستثمار في الرقمنة يهدف إلى:
تسويق وترويج فعال: استخدام المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي لاستهداف أسواق جديدة ومتنوعة، وعرض جمال تونس وتنوع منتجاتها السياحية بطرق مبتكرة وجذابة. يمكن إنشاء حملات تسويقية رقمية موجهة، واستغلال المؤثرين، وتطوير محتوى مرئي عالي الجودة.
تحسين تجربة السائح: توفير تطبيقات ومواقع إلكترونية تسهل على السائح التخطيط لرحلته، حجز الفنادق والأنشطة، وحتى الحصول على معلومات فورية عن الوجهات والمواقع.
بعد سنوات من الركود، تستعد السياحة التونسية لمرحلة جديدة تتقاطع فيها الرقمنة مع روح الشباب، ويقودها جيل يؤمن بأن الابتكار هو البوابة إلى الأسواق الخليجية.
وفي هذا السياق، تحدث كل من أحمد بالطيب، رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة، وسامي بن سعيدان، نائب رئيس الجامعة، عن ملامح المرحلة المقبلة التي تعيد رسم هوية القطاع، عبر التركيز على الابتكار، المستدامة، ودعم الحرف والصناعات التقليدية.
يرى أحمد بالطيب أن مستقبل السياحة التونسية يقوم على الابتكار والرقمنة وتمكين الشباب، مع التوسع في أنماط السياحة البديلة والمستدامة التي تعكس ثراء التراث الوطني وتفتح آفاقاً دولية جديدة.
ويؤكد أن الجامعة التونسية لوكالات الأسفار، التي تمثل صوت جميع وكالات السفر في تونس، تعمل على تنظيم القطاع وضمان حقوق المسافرين وتعزيز الحرف والصناعات التقليدية، قائلاً: «نحرص على أن يكون القطاع منظماً، وعلى رأس أولوياتنا احترام الحرف. لدينا شراكة مع جمعية حماية المستهلك ستتولى المتابعة لضمان حقوق الحريف سواء كان تونسياً أو أجنبياً، وهذه خطوة مهمة جداً، لأن التجاوزات السابقة كانت تضر بسمعة القطاع».
التعاون مع السعودية والسياحة الدينية
وأوضح بالطيب أن من بين المحاور الرئيسية لعمل الجامعة «تطوير السياحة الدينية»، مبيناً أن التعاون مع السعودية يشكل أحد أوجه هذا التوجه.
وقال: «تستقبل وفوداً من السياح السعوديين، في حين يسافر التونسيون لأداء مناسك العمرة في إطار منظم ومؤطر».
وأضاف أن الوكالة أبرمت شراكة مع وزارة الشؤون الدينية بهدف تفسير القوانين وتوضيحها للمعنيين بالقطاع، بما يضمن توفير نقطة معلومات دقيقة تمنع أي أخطاء أو تجاوزات.
وأشار إلى أن وكالة الأسفار حرصت على تجميع مختلف هذه المسارات في برامج توعوية، تتضمن جلسات مخصصة للحرفيين وأخرى موجهة للزوار.
من جانبه، قال سامي بن سعيدان، نائب رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار، إن القطاع يعيش حالياً قفزة نوعية وخروجاً من حالة الركود، بفضل التشبيب اللافت، حيث يشكل الشباب اليوم نحو 85% من أصحاب وكالات الأسفار في تونس.
وأضاف: «صورة تونس في أذهان الكثير من مواطني لا تزال مقتصرة على قرطاج والجم والبحر والشمس، وهذا الاختزال نتيجة ضعف الترويج السياحي خلال العقود الماضية، وهو ما تعمل جامعة وكالات الأسفار على معالجته مؤخراً».
وأكد أن وزارة السياحة والديوان الوطني للسياحة يواكبان توجه الجامعة نحو التجديد، «رغم البطء الإداري الذي ما زال يعرقل نسق التطوير».
وقال: «الشركات الناشئة والرواد الشباب قادرون على إنجاز مهام ترويجية في أيام قليلة، في حين كانت تحتاج في الماضي إلى أشهر طويلة. الإدارة التونسية مطالبة بأن تتجدد بدورها لمواكبة هذا الجيل المبتكر».
وأضاف أن القطاع السياحي التونسي ثري ومتنوع، ويحتاج فقط «لإزالة الغبار عنه وعرضه للعالم بأساليب حديثة تتماشى مع روح العصر».
السياحة الترفيهية والدينية.. نحو توازن جديد
وأشار بن سعيدان إلى أن متابعة الصالون الدولي للعمرة خلال الدورات الأخيرة تكشف عن تحول واضح في طبيعة المعروضات والمحتوى، موضحاً أن التركيز أصبح على التوازن بين السياحة والعمرة بنسبة تقارب 80% للسياحة مقابل 20% للشعائر الدينية.
وقال إن الجامعة التونسية شاركت هذا العام في المعرض من خلال خيمة خاصة بالتعاون مع الديوان الوطني للصناعات التقليدية، حيث تم استقدام مجموعة من الحرفيين الشباب الذين أبدعوا رغم ضعف إمكانياتهم.