آخر الأخبار

الأهقار: حيث تصمت الصحراء ويتحدث الكرم

شارك

هويملي سفيان

بعيداً عن صخب المدينة وضجيجها، وفي أعماق جنوب الجزائر، تقبع واحدة من أعظم عجائب الطبيعة والتراث: هضبة الأهقار. ليست هذه المنطقة مجرد صحراء من الرمال، بل هي متحف مفتوح، وملحمة إنسانية حية، تدعوك لاكتشاف أسرارها التي صمدت آلاف السنين.

استقبال أسطوري في أحضان القرى

في قرى تاظروك -أعلى قمة في المنطقة- وأدلس وأبلسة، يستقبلك الطوارق بقلوبهم قبل بيوتهم. ستجد نفسك ضيفاً على خيام مفتوحة على الجود والكرم، حيث يُحضر الشاي التقليدي على الجمر، وتعزف أنغام “الإمزاد” و”التندي” و”التاكوبا” لحناً يروي حكايات الأجداد. ولا تفوت زيارة ضريح تينهنان في أبلسة، الشاهد الأثري الصامت الذي يعود إلى القرنين الرابع أو الخامس الميلاديين، ليذكرك بحضارة عريقة لا تزال تروي قصصها.

واحات خضراء: مفارقة ساحرة في قلب الصحراء

تنقض الأهقار على الصورة النمطية للصحراء القاحلة بمفاجآتها المائية الآسرة. هناك، تتفجر الينابيع العذبة لترسم لوحات طبيعية لا تُصدق. شلالات إيملاولاون وإسيقراسن وتامكرست، بالإضافة إلى منبع الماء المعدني تاهابرت، تشكل واحات خلابة هي بمثابة جنة مخبأة في أحضان الصحراء، تذهل كل من يراها.

حرف اليد: إبرة تحاكي هوية الأجداد

إلى جانب هذه الكنوز، تزخر المنطقة بتراث حرفي متميز هو بصمة هويتها. يصنع حرفيو الطوارق بأيديهم ماهر أجمل المصنوعات من الفضة والجلود، محافظين على تقنيات ورثوها عن أجدادهم. كل قطعة ليست مجرد تحفة فنية، بل هي قصة تحمل في طياتها روح الصحراء وتاريخها.

ليست وجهةً فحسب، بل تجربة حياة

الأهقار ليست مجرد نقطة على الخريطة تزورها وتغادرها. إنها تجربة إنسانية فريدة تمنحك فرصة لاكتشاف ذاتك من جديد بين أحضان طبيعة ساحرة وتراث إنساني عريق. إنها الرحلة إلى حيث يصمت زمنك المعتاد، وتبدأ أسرار الوجود في التحدث.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *