مجلة سعودية حائزة على جائزتي أوسكار

صناعة الترفيه في آسيا.. حالة الدراما الكورية الجنوبية نموذجاً

شارك

السياحة العربية 

“إننا لا نعيش في عصر المعلومات، بل نحيا في عصر الترفيه”. بهذه العبارة البليغة يُقدم الكاتب الأمريكي الشهير والمتحدث البارع “توني روبنز” صورة دقيقة عن طبيعة العالم الذي نشهده اليوم. يُلخص هذا الوصف التحول الجوهري الذي تختبره صناعة الترفيه؛ إذ باتت محوراً رئيسياً لفهمنا للعالم وتفاعلنا معه. وفي خضم هذا التحول، تبرز الدراما بشكل خاص كأداة أساسية لاستكشاف أعمق المشاعر وتقصي الحقائق التي تكمن في النفس البشرية.

ومع التطورات التكنولوجية السريعة، تتحول هذه الصناعة إلى قوة تحويلية ضخمة، تتجاوز الحدود التقليدية للترفيه وتطمس الخطوط الفاصلة بين الواقع والخيال؛ مما يفتح آفاقاً جديدة من الإمكانات غير المحدودة لعوالم الترفيه الرقمي. ليس هذا فحسب، فلم يعد الترفيه مجرد وسيلة للمتعة المؤقتة أو ما يُعرَف بـ”التسلية البحتة” (Pure Entertainment)، الذي يركز على تقديم شيء ممتع للجمهور يجذب انتباههم لفترة زمنية ما، بل أضحى إحدى أهم ركائز القوة الناعمة، وهو نسق باتت الدول تعتمد عليه لتعزيز نفوذها وتأثيرها في الساحة الدولية. 

تنعكس هذه التحولات بشكل عميق على ديناميات السياسة الدولية؛ إذ باتت تأثيرات صناعة الترفيه متنامية بفعل التكنولوجيات الحديثة التي تُعزز من انتشارها وتُوسع من نطاق تداعياتها. واليوم، أصبحت منطقة آسيا في قلب هذا المشهد العالمي، إذ تُعد صناعة الإعلام والترفيه قطاعاً ديناميكياً ومتعدد الأبعاد في المنطقة، التي تضم قاعدة سكانية كبيرة ومتنوعة، وتُمثِّل سوقاً رئيسية لإنتاج المحتوى الترفيهي واستهلاكه. وفي جوهر هذا التحول، برزت كوريا الجنوبية كقوة محورية، خاصة من خلال الدراما الكورية التي أصبحت رافداً مركزياً لقوتها الناعمة.

لا تنسج كوريا الجنوبية وحدها هذا المسعى، فكل من الهند واليابان – بتراثهما العريق في صناعة الدراما سواء من خلال بوليوود الهندية والأنمي الياباني (أعمال الرسوم المتحركة) – تقدمان نماذج مختلفة للتأثير الثقافي؛ لذا، يصبو العرض التالي إلى إلقاء الضوء على حالة الدراما الكورية الجنوبية، مع مقارنتها بتجربتي الهند واليابان. كذلك، يحاول استكشاف كيف تستفيد الدراما الكورية من الإبداع وممارسات الإنتاج الأخلاقية والتوزيع العالمي لإعادة تشكيل المشهد الثقافي، لتعزيز القوة الناعمة لكوريا الجنوبية على الساحة الدولية، مع طرح لآفاق صناعة الدراما الآسيوية في خضم عالم مُتغيِّر.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *