آخر الأخبار

“فاس ” تتصدر قائمة الوجهات السياحية لعام 2026

شارك

عبدالفتاح هداني
مجلة السياحة العربية /مكتب المغرب

في تأكيد جديد على المكانة المتميزة للمملكة المغربية كقوة سياحية وثقافية رائدة، اختارت مجلة “Travel and Tour World” الدولية، المتخصصة في السفر والسياحة، مدينة فاس العريقة ضمن أبرز الوجهات السياحية العالمية لعام 2026. هذا التصنيف الرفيع يضع العاصمة العلمية والروحية للمغرب عاصمة الثقافة والسياحة المستدامة في صدارة الخيارات للمسافرين حول العالم، واصفًا إياها بـ “الجوهرة الثقافية” للمملكة. وقد أشارت المجلة بشكل خاص إلى أن فاس تمثل نموذجًا مغربيًا للسياحة المستدامة، يوفق بذكاء بين متطلبات التنمية الاقتصادية والحفاظ على الهوية الثقافية الأصيلة.

تعتبر المدينة العتيقة لفاس، المدرجة ضمن التراث العالمي لليونسكو، أكبر منطقة حضرية خالية من السيارات في العالم. وقد وصفتها المجلة بأنها “متحف نابض بالحياة”، حيث ينغمس الزائر في رحلة عبر العصور بين أزقتها المتشابكة، ومنازلها ورياضاتها المزينة بالزليج والفسيفساء المغربي الأصيل. كما لا تزال فاس مركزًا حيويًا للحرف التقليدية التي لم تتغير تقنياتها منذ قرون، وعلى رأسها دباغة الجلود، وصناعات النحاس، والخزف الفاسي الشهير، مما يوفر للزوار تجربة ثقافية أصيلة وعميقة.

لم يأتِ هذا التتويج من فراغ، بل هو اعتراف دولي بالجهود الضخمة التي تبذلها المملكة المغربية للحفاظ على هذا الإرث. وقد استفادت برامج تثمين ورد الاعتبار للمدينة العتيقة لفاس من استثمار إجمالي يناهز 3 مليارات درهم مغربي (حوالي 300 مليون دولار) خلال الفترة الممتدة حتى عام 2025. هذه الأوراش العملاقة لم تقتصر على ترميم المآثر التاريخية فحسب، بل شملت معالجة ما يزيد عن 4600 بناية آيلة للسقوط وتأهيل البنية التحتية، مما عكس أثرًا سوسيو-اقتصاديًا ملموسًا على سكان المدينة.

و في إطار تعزيز الجاذبية الثقافية، أطلقت المدينة مؤخراً مشروعاً طموحاً يحمل اسم “الحواس الخمس”. ويهدف هذا المشروع إلى إحياء الفنادق التاريخية (الفنادق العتيقة) التي تم ترميمها، وتحويلها إلى منصات حية للإبداع والتراث اللامادي. يسعى هذا البرنامج إلى تمكين الزوار من عيش تجربة سياحية فريدة تمس حواسهم الخمس، من خلال ورشات تفاعلية في الصناعة التقليدية، والموسيقى، وفن الطبخ الفاسي الأصيل، بهدف رفع معدل إقامة الزوار في المدينة من 1.3 يوم إلى ما يقارب 2.5 أو 3 أيام، استعداداً للاستحقاقات الكبرى القادمة، بما في ذلك كأس العالم 2030.

تأكيدًا على هذا الزخم، تتزامن مكانة فاس العالمية مع دينامية سياحية غير مسبوقة على المستوى الوطني. وقد سجل قطاع السياحة المغربي أرقامًا قياسية جديدة، حيث بلغت عائدات السياحة بالعملة الصعبة 87.6 مليار درهم حتى نهاية أغسطس 2025، مما يمثل نموًا كبيرًا. على المستوى المحلي في فاس، أدت جهود التأهيل إلى تضاعف عدد وحدات الإيواء، وسجل عدد الأسرة ارتفاعاً بنسبة 132% ما بين 2010 و2023، كما ارتفعت حركة النقل الجوي بمطار فاس – سايس بنسبة 131% (لتصل إلى 1.7 مليون مسافر)، مما يؤكد الجاهزية المتصاعدة للمدينة لاستقبال أفواج الزوار.

وقد سبق لمدينة فاس العتيقة، ان صنفت خلال 2024 من طرف منصة TripAdvisor كأفضل 4 وجهات للسياحة الثقافية، و اليوم تصنفها مجلة Travel and Tour World كأبرز الوجهات السياحية العالمية لسنة 2026، إن هذا التتويج الأخير هو حافز إضافي لتعزيز الجهود في قطاع السياحة بجهة فاس-مكناس، التي تزخر بأكثر من 335 مؤسسة فندقية مصنفة. فاس، إذن، لا تستعرض تاريخها فحسب، بل هي وجهة تجمع بين عراقة الماضي وإشراقة المستقبل، وتعد بتقديم تجربة سياحية وثقافية لا تُنسى في عام 2026 وما بعده.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *