عبدالفتاح هداني
مجلة السياحة العربية – المملكة المغربية
اختتم المؤتمر التاسع عشر للموارد المائية العالمية (XIX World Water Congress) أعماله في مدينة مراكش بالمملكة المغربية، تحت الرعاية السامية من جلالة الملك محمد السادس. أصدر المؤتمر، الذي نظمته الجمعية الدولية للموارد المائية (IWRA) ووزارة التجهيز والماء، تحت شعار “المياه في عالم متغير: التكيف والابتكار”، “إعلان مراكش” الختامي الذي يمثل نداءً عاجلاً لجميع الجهات الفاعلة لتعزيز الأمن المائي العالمي.

عبر الخبراء والعلماء والمشاركين من جميع أنحاء العالم عن قلقهم العميق إزاء التحديات العالمية المتزايدة للمياه في ظل التغيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية العميقة. وأكد الإعلان أن الأمن المائي مهدد في جميع أنحاء العالم، مما يؤثر على الصحة، والزراعة، والطاقة، والنظم البيئية، والاقتصادات، ويهدد أسس السلام والاستقرار.حيث تم التأكيد خلال الجلسة الختامية للمؤتمر على أن:
• لأمن المائي شرط أساسي للسلام والاستقرار: أوضحت النقاشات التي شهدتها الجلسات والموائد المستديرة أن الأمن المائي لم يعد مجرد هدف تنموي، بل أصبح شرطاً أساسياً للسلم والاستقرار والازدهار الاقتصادي والاجتماعي.
• لسياسات التقليدية لم تعد كافية: أجمع المشاركون على أن السياسات التقليدية المتبعة في تدبير الموارد المائية لم تعد تلبي متطلبات المرحلة، وأن العالم بحاجة إلى نهج جديد قائم على الابتكار والتكيف.
• المغرب “مختبر حي” للحلول المستدامة: اعتبر وزير التجهيز والماء المغربي أن نجاح المؤتمر يرسخ مكانة المغرب كـ”مختبر حي” للحلول المستدامة” في مجال تدبير المياه في ظل التغيرات المناخية والضغوط المتزايدة على الموارد المائية.

يستهدف “إعلان مراكش” دعوة صريحة قصد تسريع تحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة (SDG 6). وشدد المشاركون على الحاجة الماسة للابتكار والتكيف في إدارة المياه، وتشمل الإجراءات الرئيسية التي دعا إليها الإعلان:
• تشجيع الابتكار المسؤول والأخلاقي في إدارة المياه، من خلال الاستفادة من التقنيات الرقمية، والذكاء الاصطناعي، والحلول القائمة على الطبيعة، ومعارف الشعوب الأصلية.
• الاستثمار في التكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره، عبر تحلية المياه باستخدام الطاقات المتجددة، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، وحصاد مياه الأمطار.
• تعزيز حوكمة المياه الفعالة والشاملة بتعميق تطبيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية (IWRM).
وجه الإعلان إلى الحكومات، والمنظمات الدولية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، وجميع الجهات الفاعلة “نداء مراكش للعمل المائي” من أجل الارتقاء بمكانة المياه كأولوية عالمية في جميع المنصات الدولية، بما في ذلك مؤتمر الأطراف (COP 31) ومؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2026 والمنتدى العالمي الـ11 للمياه في 2027. و العمل على تعبئة ودمج موارد مالية أكبر لضمان أن تكون جميع المشاريع والاستثمارات مرنة ومبتكرة وتساهم بنشاط في الأمن المائي. و بذل جهود مضاعفة لدعم الحق في الماء من خلال سياسات وممارسات وتعاون دولي معزز.

يُعتبر “إعلان مراكش” وثيقة مرجعية تدعو إلى الارتقاء بقضية الماء إلى مصاف الأولويات العالمية، واعتباره ارضية عمل ومتابعة للتحديات القادمة، مع التأكيد على أن التعاون الدولي هو المفتاح، حيث وجه الوزير المغربي دعوة صريحة لجميع البلدان لتكثيف التعاون من أجل تحقيق الأمن المائي المشترك في ظل القلق العميق إزاء تنامي التحديات المائية. مع الإعلان رسمياً عن تنظيم تركيا للمؤتمر العالمي للمياه في دورته القادمة عام 2027 (المنتدى العالمي الحادي عشر للمياه في إسطنبول). واعتبر المؤتمرون أن هذه الدورة القادمة ستكون محطة مفصلية لاستمرار هذا الزخم وفرصة جديدة لترجمة مبادئ “إعلان مراكش” إلى التزامات عملية قابلة للتنفيذ والمتابعة. بهذا، يضع “إعلان مراكش” الأساس لخارطة طريق دولية، مؤكدين أن الحفاظ على الموارد المائية المشتركة لم يعد خياراً، بل هو مسؤولية عالمية مشتركة تستوجب الابتكار والتعاون.



