من قلب العطاء حكاية بناء الإنسان والأمل..

شارك

فاطمة السحاري.

لا أرى مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مجرد رقم في سجل المانحين الدوليين بالعالم

 


أو مجرد عنوان لجهود إغاثية عابرة.
بالنسبة لي هو فلسفة متكاملة للعطاء تُرسّخ ريادة المملكة العربية السعودية في مد يد العون للعالم.
ولكن ليس بأي طريقة بل بأسلوب نوعي ومبتكر يلامس عمق الأزمة.
حين أتأمل مسيرة المركز لا أرى فقط توزيع سلال غذائية أو خيام إيواء رغم أهميتها القصوى بل أرى تحولاً في مفهوم العمل الإنساني يركز على الاستدامة والتمكين وجودة الإنفاق.
ما يميز أعمال المركز هو الجمع بين الإغاثة والتمكين.


إن القيمة الحقيقية لأعمال المركز تكمن في خروجه من دائرة الإغاثة العاجلة إلى آفاق التنمية المستدامة وهي نقطة قلّما يتوقف عندها الكثيرون
لا اعلم من اين ابدا في حديثي عن هذا المركز
1. التخصص النوعي في الجراحة والحياة:
ماذا يعني أن يُطلق المركز حملات طبية تطوعية تجري جراحات متخصصة في القلب، وزراعة القوقعة، وجراحة المخ والأعصاب في مناطق منكوبة؟
إنه يعني أن المركز لا يكتفي بإسعاف الجريح بل يسعى لإنقاذ حياته ومنحه فرصة ثانية بجودة عالية. هذه العمليات المعقدة التي يخشى القيام بها كثيرون هي جوهر إنقاذ الحياة.


أجدها لمسة إنسانية عميقة أن تهتم بطفل وُلد أصم في مخيم لجوء، وتوفر له زراعة القوقعة ليسمع العالم لأول مرة!هذا ليس إغاثة با هو إحياء للأمل ومنح للحياة الكريمة.
2. ايضا برامج إعادة الأمل ومحاربة التجند:
هذه النقطة بالذات هي التي تجعلني أشعر بفخر لا يوصف. ففي اليمن لم يكتفِ المركز بتقديم المساعدات بل أطلق برنامج رائد لإعادة تأهيل الأطفال المجندين وتأهيلهم نفسياً واجتماعياً. إنها استراتيجية بعيدة المدى، تهدف لانتزاع بذور الصراع من جذورها وإعادة بناء جيل ضائع. هذا هو العمل الإنساني الذي يغير موازين المستقبل.
3. التركيز على التمكين الاقتصادي والزراعة المستدامة:
مشاريع مثل تسليم معدات زراعية حديثة ودعم سُبل العيش في مناطق متضررة تُثبت رؤية المركز الثاقبة. فبدلاً من أن يبقى الفرد معتمداً على المعونات يتحول إلى منتج وفاعل في مجتمعه. الانتقال من توفير الغذاء إلى تمكين المزارع ليصنع غذاءه هو تحول جوهري يضمن صمود المجتمعات المحلية.
شمولية تتجاوز الجغرافيا والتحيز
من أفغانستان إلى غزة، ومن اليمن إلى الصومال، يصل عطاء المركز إلى أكثر من 100 دولة حول العالم. والأهم من هذا الانتشار هو الالتزام الصارم بالحيادية التي تُمليها المبادئ الإنسانية.
أشعر بأن رسالة المركز تقول: نحن هنا من أجل الإنسان بغض النظر عن دينه أو عرقه أو انتماءاته السياسية. هذه الحيادية هي شهادة دولية تُرسخ الثقة وتفتح الأبواب للوصول إلى المناطق الأكثر احتياجاً وصعوبة.

4.وفي زاوية أخرى من أعمال مركز الملك سلمان النوعية يقف “البرنامج السعودي لفصل التوائم السيامية” كقمة للريادة الإنسانية والعبقرية الطبية على مستوى العالم. هذا البرنامج ليس مجرد تدخّل جراحي بل هو مشروع إنساني متكامل تشرف عليه المملكة وتتكفل بكامل نفقاته ليصل إلى أندر الحالات من مختلف قارات العالم.
إن نجاحات هذا البرنامج المتراكمة والتي تتجاوز كونه إنجازاً طبياً تتجسد في الأرقام التي يتفرد بها عالمياً فقد قام البرنامج حتى الآن بتقييم أكثر من 149 حالة لتوائم ملتصقة من 27 دولة حول العالم وتكللت جهوده بنجاح أكثر من 64 عملية فصل في عمليات دقيقة تعد من أعقد الجراحات. هذه الأرقام لا تؤكد فقط المهارة الجراحية الفائقة للفريق الطبي السعودي بل ترسخ رسالة المملكة الثابتة: أن حياة وكرامة الإنسان فوق كل اعتبار وهو ما يجعل هذا المشروع أيقونة لا تُنسى في سجل العطاء الإنساني.
ثم المنصة العالمية للتفكير: المنتدى الإنساني الدولي
ماذا يعني أن تستضيف الرياض منتدى دولياً إنسانياً يجمع الخبراء والمفكرين؟ يعني أن مركز الملك سلمان للإغاثة لا يكتفي بالعمل الميداني بل يقود الحوار العالمي حول تحديات العمل الإنساني وكفاءة الإنفاق وتطوير القطاع. إنه محرك فكري يهدف إلى الارتقاء بالعمل الإنساني للعالم أجمع وليس للمملكة فقط.
بصمة لا تُمحى
مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ليس مجرد منظمة بل هو تجسيد لرؤية إنسانية نبيلة رؤية لا ترى في المستفيد رقماً بل تراه إنساناً يستحق الحياة الكاملة والكرامة والتمكين. هذه الأعمال المميزة والنوعية هي البصمة التي تتركها المملكة في قلوب وعقول ملايين البشر لتروي حكاية عطاء بدأ بأمر ملكي سامٍ وتجسد في كل عملية جراحية، وفي كل طفل ناجٍ وفي كل مشروع مستدام يزرع الأمل.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.