آخر الأخبار

مراكش.. قبلة العالم في الدورة الـ 19 للمؤتمر العالمي للماء: الابتكار والتكيف في مواجهة ندرة الموارد.

شارك

عبدالفتاح هداني
مجلة السياحة العربية – المملكة المغربية

تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، انطلقت يوم أمس الاثنين فاتح ديسمبر 2025 بمدينة مراكش أشغال المؤتمر العالمي للماء في نسخته الـ 19، تحت شعار: “الماء في عالم يتغير: الابتكار والتكيف”. ويأتي هذا الحدث الدولي البارز بعد أكثر من ثلاثة عقود على تنظيم النسخة السابعة منه بالرباط سنة 1991، متزامناً مع الذكرى الخامسة والخمسين لتأسيس الجمعية الدولية للموارد المائية.

وقد أشرف معالي الوزير نزار بركة وزير التجهيز والماء، على إعطاء انطلاقة هذه الأشغال إلى جانب شخصيات عالمية وازنة، شملت السيد يوانيوان لي، رئيس الجمعية الدولية للموارد الموارد المائية، ووزير الموارد المائية بجمهورية الصين الشعبية السيد لي غويينغ، والسيدة ريتنو مرسودي، المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالمياه، والسيد لويك فوشون، رئيس المجلس العالمي للماء. كما حضر حفل الافتتاح عدد من الوزراء من دول صديقة، ورؤساء الجهات، والسفراء، وممثلي المنظمات الدولية، مما يعكس الأهمية الكبرى التي يوليها المجتمع الدولي لقضية الأمن المائي.

في كلمته الافتتاحية، أكد معالي الوزير أن التحديات المائية التي تواجه المملكة لم تعد مجرد ظاهرة ظرفية، بل هي عنوان لمرحلة جديدة تتطلب إبداعاً، ابتكاراً، وحكامة ذكية. وبفضل الرؤية الاستباقية للملك، تتبنى المملكة سياسة مائية متكاملة تجمع بين الماء، الطاقة المتجددة، والغذاء.


واستعرضت المقاربة الشمولية للمغرب في معالجة ندرة المياه، والتي ترتكز على محاور أساسية:
* مواصلة سياسة السدود: الاستمرار في إنجاز المنشآت المائية لضمان تخزين المياه.
* تحلية مياه البحر بالطاقة النظيفة: تسريع إنشاء محطات جديدة لتحلية المياه بالاعتماد حصراً على الطاقات النظيفة، حيث أفضت التجربة المغربية الرائدة إلى خفض تكاليف الإنتاج بنسبة 50%، ليصبح سعر المتر المكعب من المياه المحلاة حوالي 40 سنتاً أمريكياً، مع الحرص على تخفيض أسعارها الموجهة للقطاع الفلاحي لدعم الأمن الغذائي.
* الحكامة والتدبير: وضع مخططات التدبير الجهوي للأحواض المائية وتطوير مخطط وطني، وتوقيع عقود الفرشات المائية كآلية ملزمة لضمان التدبير المستدام.


وشددت المداخلات على التحول النوعي الذي يقوده المغرب عبر تبني الذكاء الاصطناعي في مجال المياه، بدءاً من برنامج “غيث” للاستمطار الصناعي، وصولاً إلى إدارة العدادات الذكية لكشف التسربات. كما يجري العمل على تقنيات مبتكرة لإنتاج الماء من الرطوبة الجوية، وتشجيع الزراعات ذات القيمة العالية والمنخفضة استهلاكاً للماء.


وفي سياق التحديثات حول الحدث الرئيسي، أكدت المداخلات على التزام المغرب، استجابة للتوجيهات الملكية السامية، بتأمين 100% من مياه الشرب و80% من مياه السقي. بالإضافة إلى إنجاز مشاريع مهيكلة ضخمة مثل “الطريق السيار المائي” لتحويل المياه من المناطق الفيضانية إلى مناطق الجفاف، وربط السدود ببعضها البعض لتعزيز التضامن المائي بين الجهات.

على هامش المؤتمر، شهدت مراكش فعاليات هامة و لقاءات موازية ومحورية للأمن المائي الأفريقي عززت من مكانة الحدث كمنصة للتعاون الثنائي متعدد الأطراف موازاة مع الحدث العالمي الرفيع المستوى:
أولا: افتتاح الدورة الثانية لأيام المياه المغربية الهولندية
حيث شارك وزير التجهيز والماء في افتتاح النسخة الثانية من أيام المياه المغربية الهولندية، بجانب كل من سفير مملكة هولندا في المغرب، السيد ديرك جان نيوفينهويس، والمبعوثة الهولندية الخاصة بالمياه، السيدة ميكي فان جينكن. يأتي هذا اللقاء استمراراً لمسار التعاون الذي انطلق سنة 2023. ومن المتوقع أن يُفعِّل برنامج العمل المشترك 2025-2027 مذكرة التفاهم الموقعة في مؤتمر الأمم المتحدة للمياه مارس 2023، لتقوية التعاون في الحكامة الرشيدة، الإدارة المستدامة، ونقل الخبرات والمعارف، مما سيشكل “رافعة أساسية لتعزيز الأمن المائي على مستوى القارة الأفريقية”.

ثانيا: تنظيم جلسة نقاش وزارية حول الرقمنة والأمن المائي العالمي
كما شارك الوزير في جلسة نقاش وزارية رفيعة المستوى، بمشاركة رئيس الجمعية الدولية للموارد المائية، والمبعوثة الأممية للمياه، ورئيس المجلس العالمي للماء، ورئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، السيد عبدالله المندوس.
وشددت المداخلة على أن قضية المياه تمثل قضية كونية بالغة الأهمية، مؤكداً على ضرورة تبني مقاربة متكاملة تربط الأمن المائي بالأمن الطاقي والأمن الغذائي، حيث تلعب فيهما الرقمنة والابتكار دوراً محورياً في تحقيق الاستدامة.

إن استضافة المغرب لهذه الدورة من المؤتمر العالمي للماء تؤكد التزامه المستمر بالاستدامة، وتحول المملكة إلى مركز إقليمي ودولي لتبادل الخبرات والحلول المبتكرة لمواجهة التحديات المائية العالمية المتزايدة.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *