جليلة كلاعي ـ تونس
تُعدّ مدينة طبرقة التونسية، الواقعة في ولاية جندوبة، جوهرة حقيقية على ساحل البحر الأبيض المتوسط. وتتميز بجمالها الطبيعي الخلاب الذي يجمع بين خضرة الجبال وروعة البحر، ولكن أبرز معالمها التي تجذب الزوار هي “إبرها” . هذه التكوينات الصخرية الفريدة ليست مجرد صخور، بل هي منحوتات طبيعية شكّلتها عوامل التعرية على مدى آلاف السنين.
“إبر طبرقة” هي عبارة عن أعمدة صخرية عملاقة، يصل ارتفاع بعضها إلى حوالي 20 مترًا، تبرز من مياه البحر بشكل مذهل، نحتتها عوامل التعرية، مثل الرياح والمياه، هذه الصخور الرملية الصلبة التي تعود للعصر الأوليغوسيني، مُشكلةً أشكالًا مدببة ومسننة، مازجةً بين الصلابة والجمال وتتمتع بألوان طبيعية مميزة والتي غالبًا ما تكون ذات درجات لونية حمراء أو صفراء، مما يضيف سحرًا بصريًا خاصًا.
إبر طبرقة هي عبارة عن لوحة طبيعية فريدة بانورامية تشكلت مع البحر، حيث تتناغم الأعمدة الصخرية مع زرقة المتوسط الصافية، وتمنح الزائر شعورًا بالانبهار والسكينة.
هذا الموقع يُعدّ مكانًا مثاليًا للمصورين ومحبي الطبيعة لالتقاط صور رائعة، خاصةً عند شروق الشمس وغروبها، حيث تتغير ألوان الصخور مع الضوء.
تُعتبر “إبر طبرقة” من أبرز معالم الجذب السياحي في المنطقة، عند أقصى الطرف الشمالي الغربي من تونس، وعلى مقربة من الحدود الجزائرية.
يمكن للزوار التنزه تحتها على طول المسار المتعرج الممتد على طول الساحل.
وتستغرق الرحلة بالسيارة الى حيث الإبر دقيقتين فقط. فما عليك سوى ركن سيارتك في موقف السيارات والاستمتاع بالمنظر. إنه هادئ وجميل.
من الناحية الجيولوجية، تُعد هذه السلسلة من المرتفعات العمودية، الممتدة من الشمال إلى الجنوب، نتيجةً للتآكل التفاضلي بفعل الرياح المالحة والعواصف البحرية، لصخور رملية وطينية كروميرية، وهي الحد الأوسط من الوحدة الألوكثونية النوميدية.
تمتد هذه المنحدرات، التي تُشكل العمود الفقري لساحل المنطقة، على مسافة 6 كيلومترات على طول الساحل من ميناء طبرقة القديم إلى مركز ملولة الحدودي، بسمك إجمالي يُقارب 2000 متر.
ومن أهم الأنشطة التي يمكن للسائح القيام بها في المنطقة :
المشي: استكشاف المنطقة عبر الممرات المتعرجة التي تمتد على طول الساحل.
المغامرات البحرية: الاستمتاع برحلات القوارب والغوص في المياه الصافية المحيطة، حيث تكثر الكائنات البحرية.
الاستجمام: الاسترخاء على الشاطئ والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة.
تعد إبر طبرقة إرث طبيعي وثقافي للمنطقة و رمز لها وهويتها الطبيعية، ووجهة بحثية، حيث تعتبر ميدانًا لدراسة التكوينات الجيولوجية وكيفية تشكيلها عبر الزمن. وهو ما يستدعينا الى الدعوة للحفاظ على هذا الموقع الطبيعي من التلوث والأضرار البشرية، للحفاظ على إرثه الجمالي للأجيال القادمة.
وتبقى إبر طبرقة شاهد على جمال الطبيعة وقوة الزمن في نحت أعظم التحف الفنية. ولك ان تزور هذا المكان للاستمتاع بتجربة فريدة تجمع بين الطبيعة الساحرة والتاريخ الجيولوجي الغني.