السياحة العربية
من قلب مدينة نابولي الإيطالية، حيث يلتقي عبق البحر التيراني بروح الحياة الصاخبة، ترصد كاميرا Tourism Daily News مشهدًا مدهشًا لا يلتفت إليه الكثيرون ملامح تشبهنا نحن العرب في وجوه، وحركات، وحتى في دفء المعاملة، لكن بثقافة ولغة مختلفة. هنا، في الأزقة التاريخية التي تعبق برائحة القهوة الإيطالية، وفي الأسواق الشعبية المليئة بألوان الخضروات والبهارات، تجد أن أهل نابولي يشاركوننا الشغف بالحياة، وكرم الضيافة، وحتى بعض العادات الاجتماعية التي تجعل الزائر العربي يشعر وكأنه بين أهله. إنها حكاية تشابه حضاري عابر للبحار، يعكس كيف يمكن للثقافات أن تلتقي رغم المسافات.
جولة وكاميرا ترصد.
في جولة لكاميرا Tourism Daily News بين شوارع نابولي، يتضح أن هذا التشابه لم يأتِ من فراغ. نابولي، التي احتضنت على مر القرون حضارات متعددة، من الإغريق والرومان، إلى العرب والنورمان، تحتفظ بتراث اجتماعي وإنساني يمزج بين الانفتاح الأوروبي والدفء الشرقي.
في المقاهي الشعبية، يجلس كبار السن يحتسون الإسبريسو بينما ينخرطون في أحاديث ودية بصوت مرتفع، مشهد يذكّر بالجلسات الصباحية في المقاهي العربية. أما الأسواق مثل سوق بوجوريا، فتفيض بالحيوية والألوان، حيث يعرض الباعة بضاعتهم بحماسة وابتسامة، وكأنك في سوق شعبي بالقاهرة أو دمشق أو تونس.
حتى المطبخ النابولي، الذي يشتهر بالبيتزا والمأكولات البحرية، لا يخلو من لمسات متوسطية قريبة من أذواقنا، فالزيتون، وزيت الزيتون، والطماطم الطازجة، والأعشاب العطرية، كلها مكونات نجدها في مطابخنا العربية.
ملامح التشابه الثقافي .. الدفء الأسري
الأسرة في نابولي هي محور الحياة، تمامًا كما في المجتمعات العربية، حيث يتم الاحتفاء بالمناسبات العائلية وتبادل الزيارات باستمرار.
الكرم والضيافة.
النابوليون يرحبون بالضيف بترحاب مفرط ويصرون على تقديم الطعام والشراب، وهي عادة متأصلة في ثقافتنا.
التعبير الجسدي واللغوي.
استخدام اليدين والإيماءات في الحديث أمر شائع، مع نبرات صوتية تعكس الحماسة والعاطفة، كما لو أنك تستمع لحوار عربي حيوي.
التشابه في الأسواق الشعبية.
المساومة، عرض البضائع على الأرصفة، وضجيج الباعة هي سمات تجعل الأسواق النابولية تبدو وكأنها نسخة متوسطية من أسواقنا.
خلفية تاريخية.
هذا القرب الحضاري قد يكون له جذور عميقة في التاريخ. ففي العصور الوسطى، لعب العرب دورًا مهمًا في نقل العلوم والفنون إلى جنوب إيطاليا عبر التجارة والبحر، وكان للحضارة الإسلامية تأثير على العمارة، والزراعة، وحتى بعض الكلمات في اللغة الإيطالية ذات أصل عربي.
أبرز المشاهد التي التقطتها الكاميرا
أطفال يلعبون في الأزقة الحجرية الضيقة، يذكرونك بحواري المدن العربية القديمة.
نساء يقفن أمام أبواب المنازل يتبادلن الأحاديث بصوت عالٍ وابتسامات واسعة.
مطاعم عائلية تقدم البيتزا على طاولات خشبية قديمة، محاطة بصور الأجداد.
باعة يعرضون البهارات والمأكولات البحرية على عربات خشبية كما في أسواق الإسكندرية أو بيروت.
زيارة نابولي ليست مجرد رحلة إلى مدينة إيطالية ساحلية، بل هي تجربة إنسانية عابرة للحدود، تكشف أن القرب الثقافي يمكن أن يكون أكبر من المسافة الجغرافية. هنا، بين ألوان المباني التاريخية وأصوات الباعة، وبين نكهة الإسبريسو ورائحة زيت الزيتون، يكتشف الزائر العربي أن في نابولي قطعة من روحه، لكنها تروي الحكاية بلسان إيطالي ونكهة بيتزا طازجة.