“عين البيّة” لا لغة إلا للجمال ولا نبس إلا للصمت المنتشر في أحشاء الغابة

شارك
كتبت – سونيا الابيضي
السياحة العربية – مكتب تونس
كان الجو منعشا، نسمات خفيفة تداعب دفء وجوهنا.. غناء عصافير من هنا وأريج ريحان من هناك… المشهد: جمع من العازفين يشد الأوتار و يتركها في لحن عذب.. قالت : تناول كفي المرتعش بيده وراح يغدو هنا وهناك في غابة غنّاء وأوراق الفلين تتشقق و تتدقدق تحت وقع أقدامنا وتحدث رنينا رومانسيا يسرّ المسامع ويطربها … هنا جذع زيتونة مائل يحاكي التاريخ و يسرد حكايات العشق للعاشقين.. هنا عين جارية يصل خريرها إلى أسفل الجبل فيستقر ثم يسافر.. كان المكان في الماضي القريب وربما لا يزال ملتقى للشاعر والمحبوبة.. كان الرحلة والراحلة.. كان بدايات بعض القصص ونهاياتها.. هنا ” عين البيّة” والبيّة هي بمثابة الأميرة في عشيرتها قالت : كان يصطحبني معه في مناطق من “عين البيّة” في مدينة فرنانة من محافظة جندوبة حيث السحر و الاستمتاع وكان يسحبني خلفه تارة وأمامه مرة وبجانبه أخرى إلى حيث لا لغة إلا للجمال ولا نبس إلا للصمت المنتشر في أحشاء الغابة إلا من وقع أقدامنا على ورق الصفصاف والفلين وبعض غناء الطيور والصرار و أشجار ونباتات هي لوحات نشرها الله في أبهى ألوانها… قالت : وكانت فيروز من ذاك الجوال تشدو : خُذْنِي بِعَيْنَيْكَ واهْرُبْ أيُّهَا القَمَرُ لَمْ يَبْقَ في الليلِ إلا الصوتُ مُرْتَعِشَاً لِي فيكَ يا بَرَدَى عهدٌ أعيشُ بِهِ عُمري ويسرِقُني من حُبِّهِ العُمُرُ وكانت كلماتها تدغدغ أوتار قلبي وكانت “عين البيّة” ترسل الماء وكأنها تروي رواية لا نهاية لها وكنت و حرارة اللقاء تحملني إلى أفق لا علاقة له بالأرض… اخضرّ المكان من حولنا ثم اصفر ثم انتقل إلى الوردي البريء الرائع ثم رنّ الهاتف بجانبي يوقظني لصلاة الفجر… كان حلما… كان صرحا من خيال فهوى…

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.