مجلة سعودية حائزة على جائزتي أوسكار

آخر الأخبار

سهل الزبداني … فاكهة الصيف وسحر الخريف

بقلم : دانه بشكور – السياحة العربية

فصل من فصول الحياة والسنة يرخي بظلاله على العالم، ينتظره محبو الطبيعة وعشاقُ التصوير، لحظات تلوّن أوراق الشجر وتساقطها معلنةً انتهاء الصيف وبدء الخريف ، يتغير المكان والزمان فترتدي الطبيعة ثوباً جديداً بلون الذهب وتتحول كل ورقة إلى زهرة، وتصبح الغابات لوحاتٍ زيتية، ويتنقّل الناس بين المدن والقرى في كثيرٍ من دول العالم ليشهدوا هذه التغيرات ويعيشوا سحر الخريف.

أما نحن في دمشق وفي سورية بشكل عام لا نلحظ فصل الخريف إلا بتغيّر الطقس وازدياد برودته فألوان الأشجار تبقى كما هي، لا تظهر عليها علامات الفصول وتبدلاتها، فقد اعتاد الناس في سورية أن يزرعوا الشوارع وطرقات السفر بأشجار دائمة الخضرة، وحتى الجبال الطبيعية تكسوها أشجار دائمة الخضرة كالسرو والصنوبر.

ولأنني كثيرة التجوال وأحب أن أقضي وقتي في الطبيعة بين الغابات والجبال، كنت دائمة الشغف والرغبة في أن أجد مكاناً يكون الخريف فيه خريفاً كاملاً، ووجدته بمحض الصدفة حيث لم أتوقع أبداً.

في يوم من أيام تشرين الثاني كنا نتجول على طريق بيروت دمشق حيث تكثر المقاهي والمنتزهات، وليس صدفة أن نمر قرب بحيرة زرزر فمعظم الطرق هناك توصلك إليها ، لكن الصدفة والمفاجأة الكبرى كانت من ذهول ما رأينا، فسحر المكان يأخذك بكليتك ولا يترك من بعضك شيئا لبقية الفصول.

أجل لم نتوقع أن نشهد الخريف الحقيقي بألوانه في مكان قريبٍ جداً من دمشق في سهل الزبداني، لم أعلم يوماً أن أشجار الفاكهة التي نستمتع بمذاقها طوال الصيف هي الأشجار التي تتغير ألوانها، لم أعلم بأن سهل الزبداني الذي لا يبعد عن دمشق أكثر من 30 كم يشهد خريفاً رائعاً كل عام.

وقفت أمام طريقٍ طويلٍ وضيق تغطيه الأشجار من جانبيه، أغصان جرداء وأخرى تتطاير منها الأوراق الذهبية هنا وهناك ، نسمات باردة تلفح وجهي ودفء غريب يعتري قلبي، بدأت أحدث الفلاحين الذين لا يبخلون عليك بمعلومة وأسالهم عن كل شجرة ونوعها لأتفاجأ بما أرى وأسمع ، أشجار الرمان تصبح جرداء ويبقى الرمان الأحمر معلقاً بها كزينة شجرة الميلاد، أما أشجار لتفاح تصبح صفراء، والإجاص أحمراً، وأشجار المشمش والكرز والكاكي تصبح برتقالية اللون فلا تميز الورقة من الثمرة في جو وطقس خص به الله أرض دمشق وريفها.

نعم… إن سهل الزبداني ليس فقط مصدر فاكهة دمشق، بل ومصدر الروعة الخريفية التي نفتقدها. وإلى هذه اللحظة وأنا أكتب مقالتي هذه، أشعر بأنني وجدت كنزاً لن يقدره إلا عشاق الطبيعة ومحبو الخريف.


اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *