مقالات

مدينة ماضي الأثرية | مجلة السياحة العربية .. #السياحة_العربية

بقلم : م/ طارق بدراوى 

مدينة ماضي الأثرية أو نارموثيس باللاتينية مدينة أثرية تقع في جنوب غرب محافظة الفيوم وتضم بقايا وأطلال عدد 3 معابد بناها أمنمحات الثالث وأمنمحات الرابع من الأسرة الثانية عشر الفرعونية ثم أضيفت إليها عدة إضافات خلال العصر الروماني حيث وضعت بها تماثيل أسود لها رؤوس آدمية وتفخر تلك المدينة بتلك المعابد الثلاثة وكذلك ببعض الآثار الأخرى التي تتواجد بها ومنها مقصورة إيزيس وطريق الإحتفالات والعديد من تماثيل أبي الهول وتماثيل الأسود والميدان الروماني الرائع بحيث يمكننا إعتبار المدينة بحق أول حديقة أثرية بمصر ولذلك يطلق عليها الأثريون الأقصر الجديدة أو أقصر الفيوم ويعتبر المعبد الرئيسي منها أكبر معبد متبقي من عصر الدولة الوسطي في مصر وكان هذا المعبد مخصصا لإلهين هما الإله التمساح سوبك إله إقليم الفيوم والآلهة الثعبان أو الحية رننوت ربة الحصاد والتي تعد من الآلهة المرتبطة ببعض الأنشطة في المجتمع مثل الزراعة والحصاد وغيرهما و كانت هذه الآلهة أقل شأنا من باقى الآلهة الأخرى التى كانت لها كهنة وطقوس خاصة بها وكانت تلك الآلهة منشرة بين الطبقة العاملة من الشعب المصرى القديم نظرا لإرتباطها بالحرف والمهن وأنشطة المجتمع المختلفة وتقع هذه المدينة الأثرية علي بعد حوالي 35 كيلو متر جنوب غرب مدينة الفيوم بالقرب من عزبة الكاشف جنوب بحر البنات ويمكن الوصول إليها من مدينة الفيوم إلي طريق قرية أبو جندير ثم إلي طريق بحر البنات ثم إلي المعبد أو من ناحية إطسا إلي قرية لاشين حمد ثم إلي المعبد وبعد جهود مضنية من جانب بعثات إيطالية تابعة لجامعة بيزا الإيطالية بالإشتراك مع محموعة من الباحثين والأثريين والمرممين المصرين تم فتح أبواب هذه المدينة منذ سنوات قليلة للزوار والسياح مما يشكل إضافة قوية ومهمة للمعالم السياحية بمحافظة الفيوم مما يساعد ويسهم بشكل فعال في تحقيق أهداف التنمية السياحية بالمحافظة .     

thumbnail (5)   

 والآن تعالوا بنا لنلقي الضوء علي مدينة ماضي الأثرية حيث أنها مدينة لها تاريخ طويل ممتد عبر آلاف السنين بدأ منذ حوالي 4000 سنة وقد عاصرت وتعاقبت عليها الأحداث والأجيال وقد بدأ مولد المدينة خلال فترة الدولة الوسطى في بداية الألفيه الثانية قبل الميلاد مع تأسيس قرية إسمها جيا في إطار أعمال دولة أمنمحات الثالث مابين عام 1842 ق.م وعام 1794 ق.م بغرض أن تكون هذه القرية مركزا للإستصلاح الزراعي لإقليم الفيوم الحالي وصاحب ذلك إنشاء المعبد الكبير بالقرية والذى أكمله إبنه الملك أمنمحات الرابع بعد ذلك ومع نهاية عصر الدولة الوسطي هجر السكان المدينة والمعبد تدريجيا ففقدت المدينة والمعبد الذى غطته الرمال أهميتهما ومع بداية العصر البطلمي مابين القرنين الرابع والأول قبل الميلاد إستعاد إقليم الفيوم أهميته على يد بطليموس الثاني وخلفائه ومن هنا نهضت قرية جيا من جديد بإسم يوناني هو مدينة نارموثيس حيث تم ترميم المعبد وتوسيع مساحته جهة الجنوب والشمال بإضافة معبد جديد وسور طويل حول أرض المعبد المقدسة وفي العصر الروماني ظلت المدينة حية منتعشة حتى أواخر القرن الثالث الميلادى وأوائل القرن الرابع الميلادي حيث هجر السكان منطقة المعابد القديمة تدريجيا وغطت أرضها أكوام الأتربة والرمال والأحجار وتزايد بإستمرار إنتقال السكان جهة المنطقة العمرانية الجنوبية ونشطت الحياة أكثر فأكثر ومما يؤكد أهمية المدينة الإستراتيجية أنه في خلال فترة حكم الإمبراطور الروماني دقلديانوس مابين القرن الرابع الميلادى والقرن الخامس الميلادي تم بناء معسكر نارموثيس فى الطرف الشرقي من المدبنة وتم تزويده بصهريج وإمداده بشبكة قنوات مياه قديمة وكان هذا المعسكر يستضيف جنود كتيبة كوهوس الرابع وبعد ذلك وفي خلال العصر القبطي إستقر السكان في المنطقة الجنوبية من المدينة وشيدوا كنائس متعددة خلال القرون الخامس والسادس والسابع الميلادية وتتميز إحدى هذه الكنائس بتخطيط فريد يتألف من 13 جناح وأيضا تمت أعمال حفائر من جانب باحثين من جامعة بيزا الإيطالية عام 1978م وتم إكتشاف حوالي 10 كنائس تعود للعصر القبطي وفي القرن الثامن الميلادى وحتي القرن الحادى عشر الميلاديين بعد الفتح الإسلامي لمصر أقام العرب المسلمون بعض أجزاء من المدينة وتم تسميتها مدينة ماضي ولكنهم ما لبثوا أن هجروها وهذا الإسم هو الإسم الذى جاء ذكره في كتاب وصف مصر الذى ألفه فريق العلماء المصاحب للحملة الفرنسية علي مصر مابين عام 1798م وعام 1801م بتكليف من نابليون بونابرت قائد الحملة ثم بداية من منتصف حقبة الثلاثينيات من القرن العشرين الماضي وبفضل عالم الآثار والبرديات الإيطالي أكيلى فوليانو وفريق العمل الذى كان يعاونه والتابع لجامعة ميلانو الإيطالية تم إكتشاف موقع مدينة ماضي والمعابد التي تضمها عام 1937م في عهد الملك فاروق ثم عكف بعد ذلك على دراستها ثم تم إستكمال مسيرته منذ أواخر السبعينيات من القرن العشرين الماضي بواسطة جامعة بيزا الإيطالية والتي تعمل في موقع مدينة ماضي مع مجموعات من الأثريين والمرممين المصريين حيث تنظم الجامعة سنويا عددا من البعثات الأثرية من أجل إستكشاف مالم يتم إكتشافه من هذه المدينة الأثرية حيث حصلت على إمتياز للقيام بأعمال الحفر والتنقيب بالموقع مع المجموعات المصرية وحاليا تولى الحكومة المصرية إهتماما كبيرا بالمنطقة لتصبح مزار سياحي رئيسي بعد المشروع الذي تقوم به المحافظة بتمويل من وزارة الخارجية الإيطالية لربط المنطقة ببعضها من خلال طريق خاص يصل بين الحديقة الأثرية للمدينة ومنطقة محميتي وادي الريان ووادي الحيتان والذى سوف يتصل مباشرة بطريق القاهرة الفيوم الصحراوى الأمر الذى من شأنه توفير الوقت والجهد علي الزوار والسياح الذين يفدون للمحافظة مما سيكون له شأنه علي تطوير وتنمية النشاط السياحي بالمحافظة .   

thumbnail (3)

ويتميز المعبد الرئيسي بمدينة ماضي الرئيسية بالنقوش الهيروغليفية التي تزينه والمناظر المنحوتة علي جدرانه كما يضم المعبد العديد من المعالم الأثرية التي تعود للعصر البطلمي والعصر الروماني والعصر القبطي وتصميم المعبد بسيط للغاية يتفق مع السمة العامة لتخطيط معابد الدولة الوسطي الفرعونية ومحوره مستقيم ويتجه من الشمال إلي الجنوب وهو يتكون من صفة يتصدرها عمودان لهما تاجان كانا يحملان سقف المعبد الذى ضاع بأكمله الآن وكان يتصدر واجهة المعبد كورنيش هيروغليفي مصرى ومن هذه الصفة يتم الدخول إلي مدخل يؤدى إلي صالة عرضية تنتهي بثلاثة مقاصير أكبرهم المقصورة الوسطي التي عثر بداخلها علي تمثال من قطعة واحدة لربة الحصاد رننوت تتوسط الملكين أمنمحات الثالث وأمنمحات الرابع وأمامهم جميعا مائدة قربان أمكن تحديد موضعها علي الأرض كما توجد العديد من النقوش في الجانب الشرقي من المعبد تحمل إسم الملك أمنمحات الرابع كما زينت المقصورة اليسرى بمناظر تقديم القرابين للإله سوبك وأمامه في الجهة المقابلة يقدم الملك أمنمحات الرابع إناء به عطور إلي الالهة رننوت التي تأخذ شكل ثعبان الكوبرا ومن بقايا المناظر والنصوص الموجودة بهذا المعبد يتضح لنا أن بعضها يمثل إحدى مراحل شعائر تأسيس المعبد وهي المناظر التي تمثل شد الحبل لتحريك ونقل الحجارة التي تم إستخدامها في بناء هذا المعبد ومنها أيضا مايشير إلي تسمية الصالة الأولي بصالة التجلي أما الردهة المستعرضة فكانت تسمي صالة القرابين وتظهر بها مناظر تقديم القرابين إلي آلهة المعبد الرئيسية سوبك ورننوت وإيزيس وأيضا مناظر لمراسم التطهير .

thumbnail (2)

thumbnail (6)

thumbnail

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى