Uncategorized
اللواء بحرى/ نبيل عبد الوهاب .. بقلم “م” طارق بدراوى
القاهرة – السياحة العربية
اللواء بحرى/ نبيل محمود عبد الوهاب يحيي ضابط بحرى مصرى ولد في مدينة الإسكندرية في يوم 21 من شهر فبراير عام 1947م ونشأ فيها في أسرة ترجع أصولها لقرية أسطنها بمحافظة المنوفية ومن إخوته الكبار سبقه إثنان للإلتحاق بالحياة العسكرية هما الملازم بحري/ طلعت عبد الوهاب واللواء/ رفعت عبد الوهاب وقد إستشهد طلعت عبد الوهاب إبان العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م حين أغرق الطراد الإنجليزي نيوفاوندلاند الفرقاطة المصرية دمياط و كان طلعت عبد الوهاب من طاقمها بعد أن أبدى هو وقائده الرائد بحري شاكر حسين وباقي زملائهما بطولة وبسالة نادرة وقد أثر إستشهاد الأخ الأكبر في نبيل عبد الوهاب بعمق وعقد العزم على دخول الكلية البحرية للإلتحاق بالقوات البحرية المصرية والإنتقام لأخيه وحاول عدة مرات حتى نجح بعد أن أجرى عدة عمليات جراحية لإجتياز الكشف الطبي وبالفعل إلتحق بالكلية البحرية بالإسكندرية وتخرج منها عام 1966م واصبح أحد الأبطال البارزين في تاريخ البحرية المصرية خلال عمله بقوات الصاعقة البحرية رجال الضفادع البشرية عندما شارك في الهجوم علي ميناء إيلات الإسرائيلي وعلي مدمرتين إسرائيلتين كانتا تستخدمان في العمليات العسكرية ضد مصر كان منها محاولة إحتلال جزيرة شدوان بالبحر الأحمر في شهر يناير عام 1970م وهى البطولات التي حولتها المخرجة المبدعة أنعام محمد على إلي فيلم يحمل إسم الطريق إلي إيلات في عام 1995م ألقت من خلاله الضوء علي بطولات الضفادع البشرية المصرية وقام ببطولته كل من الفنانين عزت العلايلي ونبيل الحلفاوى وناصر سيف وعبد الله محمود ومحمد سعد وهشام عبد الله وعلاء مرسي وطارق النهرى وأمين هاشم والفنانات مادلين طبر وشيرين وجدى بالإضافة إلي الفنان الكبير صلاح ذو الفقار في دور قائد القوات البحرية والفنان مدحت مرسي في دور مدير المخابرات الحربية والفنان محمد الدفراوى في دور رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية وكان من أهم أعماله البطولية والتي لم تحدث في تاريخ البحرية العالمية عندما سبح لمسافة طويلة قدرها حوالي 14 كيلو متر حاملا زميله الشهيد محمد فوزى البرقوقي ورافضا أن يتركه وقال كما خرجنا لتنفيذ المهمة سنعود معا كما سنعرف في السطور القادمة .
وعن خلفيات عمليات الإغارة علي ميناء إيلات ففي عام 1968م أمدت أمريكا إسرائيل بناءا على طلبها بناقلتين بحريتين إحداهما من الممكن أن تحمل 7 مدرعات برمائية وإسمها بيت شيفع وأخرى ناقلة جنود وإسمها بات يم وإستغلت إسرائيل تفوقها الجوي الكاسح وشنت نحو 3 أو 4 عمليات قوية بواسطة الناقلتين على السواحل الشرقية لمصر مدعومة بسلاحها الجوى لذا وافق الرئيس الراحل عبد الناصر على إقتراح قائد القوات البحرية بتنفيذ أول عملية للضفادع البشرية المصرية في العمق الإسرائيلي داخل ميناء إيلات الذى تبيت فيه هاتين الناقلتين ويقول البطل نبيل عبد الوهاب إن أول مهمة شارك فيها بناءا علي تعليمات وتوجيهات اللواء بحرى محمود عبد الرحمن فهمى قائد القوات البحرية خلال المدة من شهر سبتمبر عام 1969م وحتي شهر أكتوبر عام 1972م هي مهاجمة سفن العدو فى ميناء إيلات والتي تمت ليلة يوم 16 نوفمبر عام 1969م حيث أنه بعد نكسة الخامس من شهر يونيو عام 1967م والتي تسببت في صدمة كبيرة للمصريين جميعا وبناءا عليه فقد قررت جميع وحدات الجيش المصرى الأخذ بالثأر دون رحمة كما فعل العدو الإسرائيلي مع أبنائنا الجنود والضباط الأسري وكان من هذه الوحدات وحدة القوات الخاصة بالسلاح البحرى المصرى الذين كانوا يتدربون بشدة ويواصلون الليل بالنهار وكأنهم يحاربون حتى حانت الفرصة وتم تكليفهم بعملية في ميناء إيلات وهنا لم تسعهم الفرحة وهللوا وأخذ كل منهم يتسابق لكي ينال شرف المشاركة في هذه العملية والتي كانت أول عملية تقوم بها مجموعات من الضفادع البشرية في العالم وتم إختيار 3 مجموعات كل مجموعة تشمل ضابط برتبة ملازم أول أو ثان يبلغ من العمر حوالي 21 سنة وصف ضابط برتبة رقيب وذلك نظرا للتميز وللكفاءة العالية التي أبداها أفراد هذه المجموعات الثلاث أثناء التدريبات وكان من الضباط الذين تم إختيارهم بطلنا نبيل عبد الوهاب وكان الضابطان الآخران هما عمر عز الدين وحسين جاويش أما صف الضباط فكانوا محمد فوزى البرقوقي ومحمد العراقي وعادل البطراوى .
وتوجه الرائد رضا حلمى قائد لواء الوحدات الخاصة بالقوات البحرية إلى ميناء العقبة الأردنى قبل تنفيذ العملية تحت ستار أنه ضابط إشارة فى مهمة تفتيش على أجهزة نقطة المراقبة البحرية المصرية الموجودة بجوار ميناء العقبة الأردني وبذلك يكون بوسعه رؤية ميناء إيلات الإسرائيلى وجمع البيانات والمعلومات اللازمة عنه ومعرفة توقيتات رسو القطع البحرية الإسرائيلية علي أرصفته ثم عاد رضا حلمى من مهمته بعد جمع معلومات مهمة ويقول نبيل عبد الوهاب عن ذلك إن رضا حلمي قام بإختيار مجموعة الضفادع البشرية التى ستقوم بالعملية وبدأ على الفور في تدريبها علي تنفيذ المهمة وهى تدمير السفينتين بيت شيفع وبات يم وتم إستدعاء كل ضابط من أفراد العملية بمفرده فى مقر المخابرات الحربية بحلمية الزيتون بالقاهرة وتم تصويرهم وعمل جوازات سفر وهمية لهم لزوم السفر إلى الأردن وتم بالفعل السفر إلى هناك وكان مكتوبا في جواز سفره إنه طالب وقد تعرضت المجموعة إلي تشديد المراقبة والتفتيش فى مطار عمان بالأردن ويستكمل اللواء نبيل حديثه قائلا إن أفراد العملية لم يودعوا أهاليهم وقامت المخابرات الحربية بتوصيل رسالة إلى الأهالي تخبرهم أننا فى مهمة تدريبية فى بور سعيد ومن المصادفات أن كل أفراد المجموعة كانوا غير متزوجين بإستثناء ضابط واحد وقد تم السفر إلى الأردن على دفعتين ولم يعلم كل أفراد المجموعة بأى خطوة سيخطوها منذ وصوله إلى الأردن ولكن كان كل شىء مرتب ومنسق حيث أنه تم إستقبال كل فرد من أفراد المجموعة لوحده منفردا فى المطار وتم توصيلنا إلى بيت مؤمن فى العاصمة الأردنية عمان وكان قد سبقنا بعض الأشخاص من المخابرات الحربية بالأسلحة والمعدات والألغام والقارب المطاطى والتى تم توصيلها إلى العراق فى مطار عسكرى إسمه إتش تى فى بمدينة الحبانية قبل وصولنا إلى عمان بالأردن .
ويتذكر اللواء نبيل كيف تم نقل الأسلحة والمعدات من العراق إلى الأردن على أنها أسلحة خاصة بمنظمة فتح الفلسطينية وكانت منظمة فتح فى هذه الفترة لها قوة ونفوذ قوى فى الأردن فكان من السهل أن تدخل الأسلحة والمعدات إلى الأردن بإسم منظمة فتح وإستهدفت هذه العملية إغراق السفينتين التجاريتين داليا وهيدروما اللتين كانتا تستخدمهما إسرائيل للمجهود الحربى وكان قائد اللواء المرحوم رضا حلمى والمرحوم مصطفى طاهر قد أخبرا الضفادع أنه سيتم تنفيذ العملية ليلة 9 نوفمبر 1969م وتم نزول الضفادع إلى نقطة على طريق الأردن السعودية علي طريق يسمى طريق المهربين وكان معهم دليل يقودهم إلى الطريق وإستخدموا هذا الطريق لأن مجموعة الضفادع كانت تقوم بالعملية من وراء ظهر دولة الأردن ودون علمها ولم تكن السلطات ولا المخابرات الأردنية علي علم بتنفيذ هذه العملية أو حتى تعلم بنية المخابرات الحربية المصرية بتنفيذها ويضيف اللواء نبيل عبد الوهاب لم يكن أحد من أفراد العملية يفكر أنه من المحتمل أن يموت أو لا يرجع بعد تنفيذ العملية وكان الهدف الوحيد والشئ الوحيد المسيطر على تفكير كل أفراد العملية هو نجاحها فقط حيث أن هذه العملية تعتبر أول عملية تقوم بها الضفادع البشرية فى الشرق الأوسط بأكمله وقام الدليل بقيادة الضفادع حتى نقطة الإنزال وتم تحرك الضفادع من نقطة الإنزال بقارب مطاطى إلى ميناء إيلات ليلة 9 نوفمبر عام 1969م .
ومن المفارقات القدرية أنه عند وصول الضفادع إلى الميناء لم يجدوا السفن المراد تفجيرها فى ميناء إيلات فقام القائد رضا حلمى قائد العمليات بإحتواء الموقف وأخبر الضفادع أنه ليست هناك أى مشكلة وعليهم أن يعتبروا أنفسهم قد قاموا بمهمة تدريبية أو إستطلاعية مع إختلاف مكان التدريب من ميناء أبو قير بالإسكندرية إلى ميناء إيلات داخل إسرائيل التي كانت فى ذلك الوقت متفوقة إعلاميا وتروج شائعات بأنها العدو الذى لا يقهر وأن جيشها له اليد الطولى حيث أنها قامت بعمليات فى العمق المصرى وأصابت مدنيين ابرياء وكانت تشيع أن الجندى الإسرائيلى هو جندى لا يقهر لكى تزرع الرهبة فى قلب المقاتل المصرى ومن المفارقات أيضا التى لا تصدق أن مجموعة الضفادع كانت تتحرك بقارب مطاطي مملوء بمواد مشتعلة إلى جانب أسطوانات التنفس التى تحتوى على أوكسجين صافى بجانب 6 ألغام يحتوى كل لغم منها على 50 كيلو جرام من مادة التي إن تي شديدة الإنفجار التى سينفذون بها العملية وظهر فجأة فى الظلام الدامس لنش إسرائيلي يحمل فى مقدمته مدفع نص بوصة مسلط الكشاف الخاص به على مجموعة الضفادع فقام المرحوم رضا حلمى قائد العملية بتحريك ذراع القارب الذى تحرك عن غير قصد فى مواجهة اللنش الإسرائيلى والشيء الذى لا يصدق أن اللنش الإسرائيلى أطفأ الأنوار الخاصة به في هذه اللحظة وإختفي فى الظلام وبعد هذه الواقعة والإنتهاء من الإستطلاع تم رجوع مجموعة الضفادع البشرية إلى نقطة الإنزال ومنها إلى القاهرة ثم عادت مرة أخرى إلى الأردن ومنها إلي ميناء إيلات بعدها بحوالي أسبوع واحد من أجل تنفيذ العملية ليلة 16 نوفمبر عام 1969م .
وكانت هناك نقطة مراقبة مصرية بميناء العقبة الأردني بعلم السلطات الأردنية كما ذكرنا سابقا تستطيع أن ترى وتشاهد وتراقب السفن فى ميناء إيلات الإسرائيلي وكان هناك إتفاق في هذه المرة أنه عند ظهور السفن فى الميناء تذيع الإذاعة المصرية في إذاعة صوت العرب أغنية بين شطيين وميه لمحمد قنديل وفى حالة عدم ظهور السفن تذاع أغنية غاب القمر يا إبن عمى لشادية وكان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يتابع بنفسه الإذاعة المصرية وتم وصول أفراد المجموعة إلى نقطة الإنزال مرة أخرى فى يوم 15 نوفمبر عام 1969م وتم تجهيز القارب والألغام وكل المعدات وإلتف أبطال العملية حول الراديو وبعد إذاعة أغنية محمد قنديل إنطلقت مجموعة العملية إلى إيلات لتنفيذ المهمة بعوامة من العقبة حتى منتصف المسافة ثم نزلوا منها وقاموا بالسباحة لمسافة 2 كيلو متر لكنهم لم يتمكنوا من دخول الميناء الحربي فقاموا بتلغيم سفينتين إسرائيليتين هما هيدروما ودهاليا كانتا تشاركان في المجهود الحربي الإسرائيلي كانتا ترسوان في ميناء إيلات التجاري وكانوا مقسمين على 3 مجموعات مجموعتان قامتا بتلغيم السفينة هيدروما ومجموعة قامت بتلغيم السفينة داليا وكان كل ضفدع يحمل لغم لوضعه فى مكان محدد أسفل السفينة المطلوب تدميرها ويقول اللواء نبيل عبد الوهاب قمت بوضع اللغم الخاص بي فى منتصف السفينة داليا أسفل غرفة الذخيرة بينما قام رفيقي الرقيب محمد فوزى البرقوقى بوضع اللغم الخاص به فى مؤخرة السفينة أسفل غرفة الماكينات ويستطرد اللواء نبيل عبد الوهاب قائلا وبعد أن أتممنا هذا العمل بدأنا في السباحة نحو نقطة الإنزال وفي طريق العودة حدث أن أصيب رفيقي الرقيب محمد فوزى البرقوفي بتسمم الأوكسجين وهي حالة تحدث أحيانا للضفادع البشرية والغطاسين وهم تحت الماء وكان يمكنه أن يتجنب الوفاة لو صعد للسطح ليستنشق الهواء الطبيعي ثم يعود للغطس ولكنه آثر إستكمال الغطس كي لا تنكشف العملية وتفشل ضاربا أعلى مثل في التضحية والفداء وكان هو الشهيد الوحيد في هذه العملية وقمت بسحب جثته وسبحت بها لمسافة 14 كيلو متر تقريبا فى سابقة هى الأولى من نوعها فى تاريخ البحرية فى العالم وقد حرصت على سحب جثة رفيقي الشهيد وعدم تركه للإسرائيليين حيث كانوا سيستغلون ذلك إعلاميا لصالحهم وذلك بعرضه في التليفزيون الإسرائيلي متفاخرين بتمكنهم من قتله .
وكان لهذه العملية صيت ودوى كبيرين وأثارت ضجة كبيرة داخل وخارج إسرائيل فقد رفعت الروح المعنوية للقوات المسلحة المصرية وللشعب المصرى وفي الوقت ذاته أدركت إسرائيل أن المصريين تمكنوا من الوصول إلى ميناء إيلات وأنهم يريدون الناقلتين بيت شيفع ناقلة المعدات وبات يم ناقلة الجنود فاصدروا تعليمات للناقلتين بعدم المبيت في ميناء إيلات والتواجد داخله طوال النهار فقط علي أن تقومان بالتجول في البحر بداية من آخر ضوء في اليوم وحتى أول ضوء في اليوم التالي لأن قوات الضفادع البشرية لا يمكنها العمل نهارا ولم تتوقف الناقلتان عن مهاجمة السواحل المصرية على العكس فقد قامتا تحت الغطاء الجوي بالهجوم على جزيرة شدوان وهي جزيرة صخرية مصرية تقع في البحر الأحمر في شهر يناير عام 1970م كما ذكرنا سابقا وأسروا عددا من الرهائن وإستولوا على كميات كبيرة من الذخائر ونقلوها بواسطة بيت شيفع وأثناء تفريغ الذخيرة إنفجر بعضها مما أدى لمقتل نحو 60 إسرائيلياً وتعطل باب الناقلة الذي كان يعمل بطريقة هيدروليكية بالإضافة إلي تعرض جسم الناقلة لبعض الأضرار وقد إستلزم ذلك وجود الناقلة في ميناء إيلات لإصلاح ما أصابها من أضرار وأعطال وقد تم نقل هذه المعلومات للقيادة المصرية عن طريق نقطة المراقبة الموجودة في ميناء العقبة وقدرت إسرائيل أن المصريين لابد وأنهم سيستغلون فترة وجود الناقلة بيت شيفع بالميناء في الهجوم عليها وعلي الناقلة الأخرى بات يم بعد أن إضطرت قيادة القوات البحرية الإسرائيلية إلي إصدار تعليمات بمبيتهما بالميناء ولذلك فقد تم عمل تجهيزات كثيرة جدا لإعاقة أي هجوم محتمل علي الناقلتين فتم إغلاق الميناء بالشباك وتم تحريك لنشات لضرب عبوات ناسفة مضادة للضفادع البشرية مع إنتظام خروج الطائرات الهليكوبتر من بعض غروب الشمس لإطلاق قنابل مضيئة للرؤية ليلا كما تم وضع كشافات قوية جدا حول الناقلتين بحيث يتم إكتشاف أي حركة غير عادية تحت الماء حتي عمق 100 متر فضلا عن زيادة الحراسة على الناقلتين .
وطبقا لما تم تجميعه من معلومات تمت دراسة كل هذه المتغيرات وحصلت القوات البحرية على الضوء الأخضر للقيام بعملية إغارة علي ميناء إيلات للمرة الثانية قبل إصلاح العطب في الناقلة بيت شيفع وتم تشكيل مجموعتين الأولى بقيادة ضابط بحري إسمه عمرو البتانوني وكان برتبة ملازم أول ومعه الرقيب علي أبو ريشة والثانية بقيادة الملازم أول رامي عبد العزيز ومعه الرقيب محمد فتحي ولم يشارك اللواء نبيل عبد الوهاب في هذه العملية وتحرك الأفراد الأربعة من الإسكندرية بمعداتهم إلى العراق حيث هبطوا في أحد المطارات العسكرية وإستقبلهم أعضاء من منظمة فتح الفلسطينية ومنها سافروا برا إلى العاصمة الأردنية عمان حيث قاموا بالمبيت لليلة واحدة قاموا خلالها بتجهيز المعدات والألغام بمعدل لغم مع كل فرد ثم إنتقلوا إلى ميناء العقبة حيث إستقبلهم ضابط أردني برتبة رائد تطوع للعمل معهم بغير علم سلطات بلاده لأن المنطقة كلها هناك كانت مغلقة عسكريا فكان من الضروري أن يحصلوا على معاونة من أحد أفراد القوات المسلحة الأردنية وتم الدخول إلي المنطقة العسكرية الأردنية وقاموا بالتجهيز النهائي ونزلوا إلي الماء بالفعل في الساعة الثامنة والثلث مساء يوم 5 فبراير عام 1970م بدون عوامة لأنها كانت تحتاج لتجهيزات خاصة وإعتمدوا على السباحة والغطس وفي منتصف المسافة إكتشف الرقيب محمد فتحي أن خزان الأوكسجين الخاص به أوشك على النفاذ نتيجة تسرب الأوكسجين منه بفعل النقل في وسط الجبال فتم إتخاذ قرار بعودته إلى نقطة الإنزال في العقبة وأكمل الأفراد الثلاثة الباقون المهمة بدونه إلى أن وصلوا في منتصف الليل تماما إلى ميناء إيلات بعد السباحة والغطس لنحو 5.5 ميل بحري .
وفي الساعة 12.20 مروا من تحت الشباك وهجم الملازم أول رامي عبد العزيز بمفرده على الناقلة بات يم بينما هجم زميله عمرو البتانوني والرقيب علي أبو ريشة على الناقلة بيت شيفع وقاموا بتلغيمهما وضبطوا توقيت الإنفجار على ساعتين فقط بدلا من أربع ساعات كما كانت الأوامر تنص ففرد القوات الخاصة له أن يقوم بالتعديل في الخطة الموضوعة حسب مقتضيات الظروف وفي الساعة الثانية من صباح يوم 6 فبراير عام 1970م بدأت الإنفجارات تدوي في إيلات وخرجت الدوريات الإسرائيلية للبحث عن منفذي الهجوم ولكنهم كانوا قد وصلوا بنجاح إلى الشاطئ الأردني وفي ميناء العقبة قبضت عليهم المخابرات الأردنية فقد أدركت أن هذا الهجوم لابد أنه إنطلق من أراضيها وكانت القصة التي ينبغي أن يذكروها في هذه الحالة طبقا للتعليمات الصادرة إليهم وهي أنهم ضفادع بشرية مصرية ألقتهم طائرة هليكوبتر قرب ميناء إيلات وكان من المفترض أن تعود لإلتقاطهم لكنها لم تفعل وأن لديهم توصية بتسليم أنفسهم لأشقائهم في الأردن لإعفائها من حرج إستخدام أراضيها في تنفيذ هجوم عسكري دون علمها وبعد هذه العملية الناجحة للمرة الثانية لرجال الضفادع البشرية المصرية بالإغارة على ميناء إيلات والتي أسفرت عن غرق الناقلة بات يم وإصابة الناقلة بيت شيفع بأضرار جسيمة تم تغيير قيادة السلاح البحري الإسرائيلي وإتبعت القيادة الجديدة أسلوب إخلاء الميناء قبل الغروب بساعة حتى صباح اليوم التالي وكان ذلك يكبدهم خسائر فادحة فضلا عن الإرهاق لأطقم السفن والوحدات البحرية .
وبعد هذه العملية تم التخطيط والتجهيز لعملية ثالثة للإغارة علي ميناء إيلات الإسرائيلي فى منتصف شهر أبريل عام 1970م بعد وصول معلومات للقيادة المصرية بأن السفينة بيت شيفع تم إصلاحها بعد الخسائر التى لحقت بها جراء الإنفجار الذى تسبب لها في أضرار جسيمة أثناء عملية الإغارة الثانية علي ميناء إيلات المذكورة في السطور السابقة وأنها تغادر الميناء كل ليلة وتعود فى صباح اليوم التالى فتم تشكيل مجموعة واحدة من الضفادع البشرية بقيادة الملازم أول عمر عز الدين والرقيب على أبو الريشة واللذان وصلا إلي ميناء إيلات وكان مخططا أن يقوما بالإختباء فى الجزء الظاهر على الماء من السفينة الغارقة بات يام ليلا وإنتظار وصول السفينة بيت شيفع فى الصباح إلا أنهما إكتشفا أن الجزء المتبقى من السفينة الغارقة لا يكفى لإيواء فردين فغادرت المجموعة المكان دون أن تحقق الهدف وفى مساء يوم 14 مايو عام 1970م تقرر تنفيذ العملية مرة أخرى وتم تشكيل مجموعتين من الضفادع البشرية الأولي بقيادة الملازم أول نبيل عبد الوهاب ومعه الرقيب فؤاد رمزى والثانية بقيادة الملازم أول عمر عز الدين ومعه الرقيب علي أبو ريشة من أجل تنفيذ عملية خططت لها القيادة تكمن فى وضع لغمين يحتوى كل منهما على 150 كيلو جرام من مادة الهكسوجين شديدة الإنفجار بقاع الرصيف الحربى لميناء إيلات ليلا وضبط جهاز التفجير لكي ينفجر اللغمان بعد 12 ساعة عندما تأتى السفينة بيت شيفع لترسو على الرصيف الحربى فى الصباح إلا أن اللغم الأول إنفجر فى الساعة السابعة و35 دقيقة صباح يوم 15 مايو عام 1970م خلافاُ لما تم ضبطه نظرا لقيام القوات الإسرائيلية بإلقاء مواد متفجرة فى المياه بإستمرار تحسبا لتسلل قواتنا من الضفادع البشرية مما عطل توقيت جهاز الإنفجار بينما إنفجر اللغم الثانى فى الساعة التاسعة والنصف فى اليوم نفسه مما أسفر عن مقتل عدد كبير من الضفادع البشرية الإسرائلية التى تصادف نزولها أسفل الأرصفة لتفقدها بعد إنفجار اللغم الأول كما شوهدت أكثر من ست عربات إسعاف تنقل الجرحى والمصابين من مبنى الضباط المقام خلف الرصيف الحربي مباشرة وقد منعت هذه العمليات المننالية إسرائيل من إستخدام ميناء إيلات لرسو الوحدات العسكرية البحرية بها لفترة طويلة .
ومن المواقف الطريفة أنه عندما زار الرئيس الراحل أنور السادات قيادة القوات البحرية بالإسكندرية بعد أن تولي الحكم في شهر أكتوبر عام 1970م وكان فخورا جدا بما فعلته الضفادع البشرية المصرية في عمليات الإغارة علي ميناء إيلات وسأل اللواء بحرى محمود عبد الرحمن فهمي قائد القوات البحرية آنذاك عما قدمه لهم فأجابه بأنه صرف لهم مكافأة مجزية فأجاب السادات لا هذا لا يكفي أعطهم ترقية إستثنائية وكان الملازم أول نبيل عبد الوهاب سيترقى لرتبة النقيب خلال أشهر قليلة حينها إستأذن الرئيس السادات للحديث و قال له لكنني يا أفندم سأترقى خلال شهرين حينها خاطب السادات قائد القوات البحرية يا محمود تنفذ تعليماتي بعد شهرين من النهارده وحين رأت والدة بطلنا نبيل عبد الوهاب أن نبيل يحمل نسرا على كتفيه مثل رفعت أخيه الأكبر والذي يكبره بسنوات خاطبت رفعت بعفوية قائلة له مش تشد حيلك يا إبني وتتجدعن ده أخوك الصغير حصلك ويذكر أنه في يوم السبت 11 يناير عام 2014م قام الفريق أول عبد الفتاح السيسي نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والإنتاج الحربي آنذاك قبل توليه رئاسة الجمهورية في شهر يونيو من نفس العام خلال الندوة التثقيفية بتكريم عدد من رموز وأبطال القوات البحرية المصرية ومنهم إسم الفريق محمود عبد الرحمن فهمي قائد القوات البحرية الأسبق والفريق أشرف محمد رفعت رئيس شعبة العمليات البحرية خلال حربي الإستنزاف وأكتوبر وقائد القوات البحرية الأسبق تقديرا لما أدوه من خدمات جليلة للوطن والمساهمة في دعم وتكامل القدرة القتالية للقوات المسلحة خلال معارك الإستنزاف ونصر أكتوبر عام 1973م وصدق المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية المؤقت حينذاك على منحهما رتبة الفريق فخري كما كرم وزير الدفاع أبطال الضفادع البشرية الذين نفذوا عمليات الإغارة علي ميناء إيلات الإسرائيلي عدة مرات خلال حرب الاستنزاف وقام رئيس الجمهورية بالتصديق على منحهم وسام النجمة العسكرية تقديرا لهم ولبطولاتهم وهم رائد بحري بالمعاش عمر علي عز الدين ورائد بحري حسنين علي جاويش واللواء بحري نبيل محمود عبد الوهاب والذى ضجت قاعة مسرح الجلاء بالتصفيق أثناء صعوده لإستلام الوسام كما حضرت هذه الندوة زوجة الفريق الراحل محمود عبد الرحمن فهمي قائد القوات البحرية الأسبق لتتلقى التكريم من الفريق أول عبد الفتاح السيسي والذي قام بتقبيل رأسها بعد أن إنهمرت دموعها وهى تصافحه .
وجدير بالذكر أن اللواء نبيل عبد الوهاب قد شارك في العديد من الأعمال البطولية الأخرى كان منها عدد 18 عملية عبور لفناة السويس مع الجيش الثالث الميداني أثناء حرب الإستنزاف خلال الفترة مابين عامي 1968م و1970م حيث كانت قوات الصاعقة المصرية تعبر إلي الضفة الشرقية للقيام بعمليات ضد العدو الإسرائيلي حاملين معداتهم على قارب زودياك صغير وحتى لا ينكشف أمرهم كان لابد من عدم تشغيل محرك القارب فكانت الضفادع البشرية تعبر قبلهم وتقوم بشد حبل بين الضفتين فيقون أفراد الصاعقة بالإمساك به من القارب الزودياك ويعبرون القناة علاوة علي مشاركته في عملية تدمير مجمع البترول الرئيسي لحقل بترول بلاعيم خلال حرب أكتوبر كما أنه حصل علي نوط الجمهورية من الطبقة الأولى بالإضافة إلي وسام النجمة العسكرية المذكور في السطور السابقة وحقا لنا أن نفخر بأبطال الضفادع البشرية المصرية الذين إستطاعوا الإغارة علي ميناء إيلات الإسرائيلي 5 مرات في 5 عمليات تم في 3 منهم تنفيذ المهمات المطلوبة منهم وفي العمليتين الباقيتين رجعوا سالمين دون تنفيذ المهمة الموكلة إليهم لظروف خارجة عن إرادتهم وليس لتقصير منهم علي الرغم من التشديدات الأمنية التي كانت تقوم بها قيادة القوات البحرية الإسرائيلية لمنع وصولهم إلي الميناء ومع ذلك لم يستطع الإسرائيليون ولو مرة واحدة رؤيتهم أو معرفة من قام بهذه الغارات ولم يقبضوا على أى فرد من رجالنا مما يجعل هذه الغارات عمليات ناجحة بنسبة مائة في المائة وجدير بالذكر أن رجال الضفادع البشرية المصريين لم يقتصر عملهم علي المهمات الخاصة في وقت الحرب بل نجدهم قد شاركوا بعد حرب أكتوبر بتكليفهم بمهمة تطهير قناة السويس من الألغام ذلك العمل الذى إستمر لمدة عامين تقريبا وليتم إتتاح قناة السويس من جديد يوم 5 يونيو عام 1975م بعد مرور 8 سنوات من إغلاقها بسبب حرب الخامس من يونيو عام 1967م .