السياحة العربية

عامود السوارى.. أعلى نصب تذكارى فى العالم

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للثقافة، لجنة التاريخ والآثار، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، أن عامود السوارى هو أعلى نصب تذكارى فى العالم، كما تتوافر فيه معايير القيمة العالمية الاستثنائية.

وأوضح أنه من بين هذه المعايير ما يتمثل في اعتباره تميزًا فنيًا فى العمارة يتجسّد فيه الإبداع والعبقرية، وكذلك ارتباطه بشخصيات وأحداث تاريخية مهمة.


يقع عامود السوارى بمنطقة معبد السرابيوم وهو من بقايا المعبد المسجل كأثر بالقرار رقم 556 لسنة 2000 فى المنطقة التى كانت تعرف بأكروبوليس المدينة أى المكان المرتفع، في الحي الخامس من أحياء الإسكندرية وهو الحي الوطني أو حي راقودة وكانت تلك المنطقة قبل قدوم الاسكندر الأكبر جزءًا من 16 قرية مصرية وبعد دخول الاسكندر عرفت باسم (أكروبوليس المدينة)
وسرابيوم الإسكندرية هو المعبد الذى خصص للمعبود سرابيس رأس ثالوث الإسكندرية (سرابيس، إيزيس، حربوقراط) وسرابيس هو نفس المعبود المصرى أوزير حابى، أما سرابيس فهو مشتق من العجل أبيس الذى يتحد مع أوزير مكونًا أوزير حابى أو سرابيس وهو العجل أبيس بعد موته.

أنشئ معبد السرابيوم بطليموس بن لاجوس (بطليموس الأول) ليكون مقرًا للديانة الجديدة، المعبد مستطيل مبنى من الحجر المكسو بالرخام وكان قدس الأقداس يضم تمثالًا ضخمًا لسرابيس، وكان المعبد يضم مكتبة كبيرة أطلق عليها المكتبة الصغرى للتمييز بينها وبين مكتبة الإسكندرية الكبرى، وكان يتقدمه مسلتان وبداخل الساحة المقدسة كانت هناك نافورة وحوض والعديد من الحمامات.

وأشار الدكتور ريحان إلى تعرض المعبد للتدمير فى عهد الإمبراطور تراجان وأعيد بناؤه فى عهد هادريان وبعد أن أصبحت المسيحية الديانة الرسمية فى البلاد أقيمت كنيسة يوحنا المعمدان على أطلال المعبد.

وكشف عن العجل أبيس الملحق بالمكتبة الصغرى فى حفائر عام 1895م بواسطة “بوتى” تلتها حفائر المتحف اليونانى الرومانى برئاسة “آلان رو” مدير المتحف موسم حفائر 1943- 1944 وكشفت عن ثلاث مجموعات من الأثاث بالركن الجنوبى الشرقى والجنوبى الغربى للمعبد.

وتضم المنطقة الآن بعض الممرات تحت سطح الأرض والتى كانت تمثل المكتبة الصغرى لوجود عددًا من الفجوات بالجدران يعتقد أنها المكان المخصص لوضع لفائف البردى وكذلك العديد من التماثيل من عصر مصر القديمة والعصر اليونانى والرومانى.

وقال ريحان إن عامود السوارى هو المتبقى من معبد السرابيوم مسجل بالقرار رقم 129 لسنة 2001 وقد شيد من قطعة واحدة من الجرانيت الأحمر، طوله 20,75م، وقطره عند القاعدة 2,70م وعند التاج 2,30م، والارتفاع الكلى للعامود بالقاعدة والتاج 26,85م.

وقد أطلق على عمود السوارى فى فترة الحروب الصليبية (عمود بومبى)، لاعتقاد الصليبيين أن بومبى القائد الرومانى الذى لجأ إلى مصر هربًا من يوليوس قيصر قد قتله المصريون ووضعوا رأسه فى جرة وضعت فوق العامود تأثرًا بما تم مع الإمبراطور الرومانى تراجان حيث وضع رماد جثته فى جرة وضعت فوق عمود تراجان بروما.

وأرجع ريحان تسميته بعمود السوارى إلى المسلمين الأوائل بعد فتح مصر لارتفاعه الشاهق، أما بخصوص تأريخ العمود فقد وجدت نقوش عديدة بقاعدة العمود تؤرخ لعصور مختلفة أقدمها نقش باسم سنوسرت الثانى من الأسرة الثانية عشر.

وهناك نقش بالجانب الغربى من القاعدة باللغة اليونانية غير مكتمل لتآكل سطح القاعدة، وهو مكون من 4 أسطر ومن خلال ترجمته يتضح أن هذا العمود أقيم بعد قيام ثورة القائد الرومانى “أخيل” فى الإسكندرية ولاقت ترحيبًا من الشعب السكندرى مما أدى لقدوم الإمبراطور دقلديانوس إلى مصر وحاصر الإسكندرية 8 أشهر، وأدت الثورة لدمار المدينة وتخريب منشآتها، وقد قام دقلديانوس بإعادة تنظيم المدينة فأشاد الشعب المصرى بجهوده وأقاموا هذا العمود ونقشوا هذا النص عليه لتخليد أعماله، كما أن النص يشير إلى تمثال كان يعلو العمود للإمبراطور دقلديانوس.

وعند زيارة الرحّالة ابن بطوطة للإسكندرية عام ١٣٢٦م قال (من غرائب هذه المدينة عمود الرخام الهائل الذي بخارجها المسمي عندهم بعمود السواري وهو متوسط فى غابة نخل وقد امتاز عن شجراتها سموًا وارتفاعًا، قطعة واحدة محكمة النحت قد أقيم على قواعد حجارة مربعة أمثال الدكاكين العظيمة ولا تعرف كيفية وضعه هنالك ولا يتحقق من وضعه).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى