Saudi Magazine Obtained 2 Oscar Awards

Saudi Media License No.: 160495

London Media License No.: 160495

الاقتصاد السعودي.. التوسع الأفقي والعمودي (1 من 2)

Share

Arab Tourism

بعد غياب أكثر من ثلاثة عقود، ها أنا أعود لأكتب عن الاقتصاد السعودي، وكنت قد كتبت في كتب منشورة عنه ومقالات متخصصة في الصحف السعودية، في الفترة الزمنية التي كنت أعمل فيها باحثا اقتصاديا متعاقدا لدى وزارة البترول والثروة المعدنية (1979 إلى نهاية 1988)، وقد بحثت في كتبي ومقالاتي عن الاقتصاد السعودي في ظل الطفرة النفطية التي حدثت بعد عام 1974، وعن مرحلة بناء التجهيزات الأساسية للاقتصاد السعودي ومناقشة الخطط الخمسية الثلاث (1970-1985)، بالإضافة الى كتب وضعتها لصالح “دار المالك” لصاحبها خالد المالك الذي كان رئيسا لتحرير صحيفة “الجزيرة”، عن ثلاثة قطاعات أساسية وهي:

  • المواصلات وأهميتها في التنمية الاقتصادية.
  •  الموانئ السعودية ودورها في الإسراع بالتنمية. 
  • الكهرباء في السعودية وأهميتها كمحرك للنشاط الاقتصادي (ولم يوضع اسمي عليها).

كتبتها، طبعا بالتعاون مع مسؤولين في هذه القطاعات المهمة، فضلا عن عشرات المقالات المتخصصة في قطاعات الاقتصاد الوطني السعودي نشرت في جريدة “الرياض” لست سنوات ثم في جريدة “الجزيرة” لثلاث سنوات أخرى، وجريدة “اليوم” ومجلة “الجيل” التي كانت تصدر عن رعاية الشباب في ما يخص الجانب الاقتصادي.

أتذكر رؤساء التحرير ومديري التحرير والمسؤولين عن الاقتصاد في هذه الصحف والمجلات، وقد ساهمتُ مع الكثير من الكتّاب السعوديين في مناقشة التطورات المهمة والانتقال السريع نحو الأبنية الاقتصادية، العمرانية، والصناعية، والبنية التحتية، والمرافق العامة، وكنت شاهدا على كل ما تحقق داخل مدينة الرياض التي كان أميرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والكوادر المتقدمة التي نهضت بهذه المدينة العريقة، والتوسعات فيها، وكذلك في سائر المدن السعودية من مكة والمدينة وجدة والطائف والدمام والخُبر وعسير ونجران وجيزان ومدن القصيم وبيشة ووادي الدواسر، ومدن الشمال حائل وتبوك ورفحة وحفر الباطن والمجمعة… إلخ

من التوسع الأفقي الى العمودي

في هذه المرحلة تم التوسع الأفقي الذي شمل كل مجالات الاقتصاد السعودي، وانشئت مصانع الجبيل وينبع والصناعات العملاقة، لإنتاج الأسمدة والبتروكيميائيات، وكانت “سابك” العملاقة تقيم هذه المصانع وتديرها، إضافة إلى إقامة المصافي العملاقة في الرياض، ورابغ، وينبع، وفي المنطقة الشرقية، والطرق والأوتوسترادات المهمة في أنحاء المملكة، والبنى التحتية للاقتصاد الوطني.

وكانت الدولة السعودية بقيادة ملوكها، ابتداء من المؤسس الملك عبد العزيز والملك سعود وصولا إلى الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي لديه رؤية وحدس قوي للانتقال بالمملكة من التوسعات الأفقية المهمة إلى الانطلاق نحو التوسّعات العمودية وفق رؤية 2020-2030، حيث التطور السريع في مجالات مفيدة تنعكس إيجابيا على مستويات الدخل والمعيشة للمواطنين.

في مرحلة التوسع الأفقي ماذا نقول، وقد جاءت هذه المرحلة في كتب سجلها الباحثون في الاقتصاد والاجتماع والسياسة من أهل البلاد ومن العرب الذين عايشوا هذه المرحلة، وهي ما سمي “مرحلة الطفرة النفطية”. لقد استثمرت المملكة الكثير من الأموال في الإعمار، الذي تبدى لنا نحن المتعاقدين العاملين في المملكة. فمثلا وليس حصرا، الرياض هذه المدينة عاصمة البلاد السياسية، كانت تقتصر على أحياء وشوارع عدة أهمها، المربع حيث أبنية الوزارات، وما يسمى بحي الوزارات وحي المربع وحي الشميسي نسبة الى مستشفى الشميس المركزي، وشارع الخزان نسبة الى خزان المياه، وشارع الوزير نسبة الى الوزير الأول في المملكة، وشارع التميري، وحي الديرة، وحي القصمان، وحي العبيد.

مطار جدة الدولي في عام 1981 - Getty
مطار جدة الدولي في عام 1981 – Getty

وبدأت الرياض تنهض، فكانت الأحياء الجديدة، والمناطق المتألقة توسعا شمالا على طريق خريص، وغربا على طريق المجمعة، فظهرت الأحياء الجديدة مثل “العليا” بشارع طويل وأبنية على الجانبين، وحي الورود، وحي الدخل المحدود، والناصرية، والسليمانية، وظهرت جامعة الملك سعود، بجوار منطقة الدرعية على مساحات واسعة، تضم جميع الطلبات الجامعية على طراز معماري رائع، وتم بناء مطار الملك خالد على مبعدة من مدينة الرياض بديلا من المطار القديم الذي كان قريبا جدا من وزارة البترول والثروة المعدنية التي كنتُ أعمل فيها، ونشأت مدن ملاصقة لمدينة الرياض وأحياء مهمة (حي الروضة الأول، والروضة الثاني والثالث وحي بغلف)، وأقيم أكبر أستاد رياضي، هو أستاد الملك فهد في حي بغلف، يتسع لأكثر من ثمانين ألف مشاهد ومغطى ومكيف. وأحياء النسيم والنظيم ممتدا على طريق عريض بشوارع واسعة، وظهرت شوارع الستين في حي الملز وشوارع الأربعين، والطريق الدائري حول الرياض.

الحي الديبلوماسي وتوسع الدرعية

ونشأ الحي الديبلوماسي بتنظيمه الدقيق، واستراحاته، وكان وجهة لأهل الرياض والعاملين فيها، وجُمعت كل السفارات الأجنبية في هذا الحي ذي الحدائق والمتنزهات، وكان تحفة معمارية ذات خصوصية تعكس الذوق السعودي الرفيع والعمارة الإسلامية.

وتوسعت مدينة الدرعية، بكل ما تحمله من معانِِ تخص الدولة السعودية، تجديدا ذا قيمة حضارية، وانتشر الإسكان وشمل كل مناطق المملكة بتسهيلات قل مثيلها في العالم، حيث ساهمت البنوك، وخاصة بنك الإسكان، بتقديم القروض الميسرة دون فوائد لكل مواطن سعودي ليعمر بيتا له وليس شقة سكنية، بل فيلا جميلة ورائعة، شملت المناطق في أحياء جديدة منظمة، تصل إليها الخدمات الأساسية قبل أن تبدأ العمارة فيها، كالكهرباء والماء والشوارع والصرف الصحي في لوحة بديعة، وكنتُ أستغربُ كيف تصل الخدمات إلى القطع المخططة للبناء، قبل أن تُبنى، إنها عقلية الدولة التي تضع المخططات والمربعات الجاهزة للبناء، والخدمات الأساسية، كما قدمنا.

أما عن المستشفيات والمستوصفات فحدّث ولا حرج. أقيم مستشفى الملك فيصل التخصصي الشهير وله مشافٍ عدة في أنحاء المملكة. ومستشفى الملك خالد المتخصص بطب العيون على طريق الدرعية وجامعة الملك سعود، وتم استقدام خيرة الأطباء من العالم العربي والدول الأجنبية بخبرات متطورة. والعلاج في هذه المستشفيات والمستوصفات مجاني للمواطن والمتعاقدين مع الدولة.

القطاع المصرفي والمالي

وإذ أذكر كل هذا، لا يغيب عن بالي بناء المصارف السعودية، مبنى البنك المركزي (ساما)، والراجحي الذي هو من أكبر المصارف، وهذه البنوك قدمت خدماتها للمواطن والمتعاقد وكل من هو في الأراضي السعودية، بخدمة مصرفية ممتازة، ومحلات الصرافة الموجودة في كل حي من الرياض على أساس أسعار البورصة. أضف الى تسميات المصارف الوطنية كالبنك الأهلي والبنك العربي شراكة بين الدولة والبنك العربي العريق، والبنك الفرنسي السعودي، والبنك البريطاني-السعودي، والبنك الهولندي-السعودي، والبنك السعودي-الأميركي (سيتي بنك)، وظهرت البنوك الإسلامية غير الربوية، كبنك الملك فيصل الإسلامي، وبنك البركة، وبنوك أخرى.

مركز الملك عبد الله المالي وسط الرياض - Shutterstock
مركز الملك عبد الله المالي وسط الرياض – Shutterstock

وأطلت السعودية على النظام المصرفي العالمي بشكل يليق بالتطورات التي تم إنجازها في مرحلة الطفرة النفطية العامة بعد عام 1974. وإذا كان حديثنا عن الرياض كشاهد عيان عشته أنا، فإن هذا كان في كل المدن السعودية، فالطرق الواصلة بين المنطقة الشرقية والرياض، والمنطقة الشمالية حتى الحدود الأردنية، ثم صيانتها وإقامتها بمواصفات عالمية، وطريق الرياض مكة المكرمة والطائف واختراق الجبال العالية والعقبات كانت تسير على قدم وساق في تناغم مع التوسعات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية توسعا متقنا وذا مواصفات عالمية، وأصبح ربط الطرق يشمل كل أرجاء المملكة القارة (2,15 مليون كيلومتر مربع).

توسعات مكة والمدينة المنورة

كانت هناك توسعات كبيرة وعظيمة شملت الأماكن المقدسة في مكة والمدينة. ففي المدينة المنورة، أشرف المرحوم الملك فهد بن عبد العزيز، على هذه التوسعات، بحيث من أين ما نظرت وتطلعت تشاهد الحرم المديني حيث الجامع الكبير الذي يضم مقام الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) وصاحبيه أبا بكر وعمر (رضي الله عنهما)، وأصبح حجم التوسعة يشمل كل المدينة المنورة التي كانت في عصر النبوة.

وفي مكة جرت توسعات جديدة وإضافات، فطوعت الجبال وحفرت الأنفاق، وأصبح الحرم المكي يتسع لمئات الآلاف من الحجاج والمعتمرين الذين يلبون فريضة الحج الى البيت العتيق وليشهدوا تطور منافع تسهل عباداتهم.

وتوسعت مكة شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، وأصبحت مدينة عصرية، بفنادقها العالية المطلة على الحرم، التي تستوعب الآلاف من الزوار، واخضوضرت مكة التي كانت “بوادٍ غير ذي زرع”، فتحولت إلى خميلة جميلة بطرق وشوارع واسعة وخدمات على كل المستويات. لقد اهتمت العائلة المالكة بهذه المدينة أيما اهتمام، وبالمدينة المنورة.

في كل مدينة سعودية مطار دولي

أما المطارات والطائرات المدنية السعودية، ففي كل مدينة مطار دولي، في الظهران، والدمّام، والقصيم، والجوف، وحائل، وتبوك، والرحلات المتتابعة بواسطة الطيران التزام وطني بتقريب المسافات وإنجاز الرحلات والمعاملات. كل هذا كان في فترة قياسية، وفي طائرات مريحة، وأصبح الإنجاز لرجال الأعمال متاحا في الحركة والتوجه لتنفيذ أعمالهم داخل المملكة وخارجها، والرحلات الخارجية إلى كل دول العالم، بواسطة الأسطول الجوي السعودي والمطارات المستقبلة والمودعة في الإقلاع والهبوط، وشروط الأمان والسلامة متوفرة. كل ذلك اضافة الى الموانىء الحديثة التي نشأت في السنوات الأخيرة.

أبراج ومعالم العاصمة السعودية الرياض - Shutterstock
أبراج ومعالم العاصمة السعودية الرياض – Shutterstock

لقد خطت المملكة خطوات واسعة ومتسارعة وبدقة متناهية في تطوير الإنتاج والتقليل قدر الإمكان من الاعتماد على عائدات النفط بقصد إيجاد بدائل أخرى، وإن بدت متواضعة خلال هذه الفترة. لأن التوسع في كل المجالات بحاجة ماسة للعائدات النفطية لتغطية احتياجات المرحلة هذه، فارتفعت الموازنات السنوية سنة بعد أخرى، ويحتفل المواطنون بهذه الزيادة لأنها تنعكس عليهم لتشمل النفقات الجارية التي ازدادت بشكل كبير لمواكبة حاجات الانفتاح وتقديم الرواتب للموظفين في القطاع العام ومؤسسة التأمينات الاجتماعية، وشمول التأمين الصحي، والعجز والوفاة.

وفي الجانب الآخر للإنفاق الاستثماري الكبير على البنية التحتية، سجل توسع المدن والقرى الصغيرة عمرانيا وسكنيا، وزودت الكهرباء والمياه. ولا بد من الإشارة الى تحلية المياه من الخليج العربي والبحر الأحمر، حيث استثمرت الدولة أموالا طائلة لتزويد المدن السعودية المياه المعالجة من مشاريع التحلية، وهي ذات خصوصية في التكلفة وفي النهوض الاجتماعي، وبدأت هذه المشاريع تؤتي أُكلها تماما مع السير في طريق الإحياء الشامل لجوانب الحياة كافة.

المملكة العربية السعودية في تطور مذهل وتناغم كامل في كل المجالات في الفترة من 1974 صعودا لتغطية هذه البلاد الممتدة من الخليج العربي إلى البحر الأحمر، ومن حدود اليمن إلى مشارف بلاد الشام. مدن ومسافات طويلة وشبكات من الإنجازات الهائلة والرائعة شملت كل هذه الأنحاء المترامية.

 تملّك “أرامكو ” وتوسعها

تحقق كل ما سبقت الإشارة إليه خلال فترة وجيزة، بدأب من القائمين على سدة الأمر في المملكة. وقد تملكت السعودية شركة “أرامكو” التي كانت مملوكة لثلاث شركات أميركية باتفاق بين حكومة المملكة وتحالف الشركات عن طريق النسب ابتداء من عام 1973، وتملكتها بالكامل في عام 1980، وكان نصيب الدولة السعودية حين بدأت تتملك الدولة السعودية 25 في المئة عام 1973، ثم أصبحت النسبة 60 في المئة في عام 1974 وصولا لتملكها بالكامل 100 في المئة في عام 1980، وأنشأت بعد ثمانية أعوام (شركة الزيت العربية السعودية) لتتولى كل المسؤوليات النفطية لهذه الشركة العملاقة التي أنجزت “أرامكو العربية”، وهي شركة نفط وغاز متكاملة وعالمية وتعد من أكبر الشركات في هذا المجال.

وكانت شركة “أرامكو” مكونة من شركة “سوكال” عام 1937، بموجب عقد امتياز تقليدي مدته 60 سنة، إلا أن حكومة المملكة في النهاية تمتلك هذه الشركة بالكامل، وتمتلك “شركة الزيت العربية السعودية” (أرامكو السعودية) احتياطيات هائلة من النفط والغاز وتساهم مساهمة فعالة في اقتصاد المملكة العربية السعودية وتبلغ قيمتها السوقية نحو 5,86 تريليون ريال سعودي، ويبلغ عدد الأسهم 242 مليار سهم. وسعت “أرامكو العربية السعودية” إلى بناء القدرات المحلية والاستثمار لصالح مواطني المملكة، وقد نجحت في برنامج السعودة حيث يشكل السعوديون العاملون في الشركة 90,3 في المئة من إجمالي عدد الموظفين.

وتعد شركة الزيت العربية (أرامكو السعودية) من أكبر الشركات المتكاملة في مجالي الطاقة النفطية والمجال الكيميائي في العالم، وسط قطاع متخصص في التنقيب والإنتاج.

وتمتلك هذه الشركة عمليات في مناطق مختلفة من المملكة (الرياض، رأس تنورة، القطيف، بقيق، جازان، ينبع، الظهران، جدة، والخفجي)، كما تمتلك مكاتب في دول عدة مثل الصين، مصر، اليابان، الهند، هولندا، كوريا، سنغافورة، ويوجد مركز العمليات لهذه الشركة في بقيق، وهو مركز خدمات تكنولوجيا المعلومات. أما الشركات التابعة لها فهي سابك، أرامكو للكيماويات، وأعمال الخليج (AGOC)، التي تساهم في توريد النفط الخام. 

وحققت الشركة عام 2024 عائدات إجمالية بلغت 480,4 مليار دولار، وبلغت الأرباح الصافية 106.2 مليارات دولار.

تأسيس منظمة “أوبك”

وكانت حكومة المملكة العربية السعودية مع مجموعة من الدول المنتجة والمصدرة للنفط قد أسست منظمة “أوبك” في بغداد عام 1960، وهي السعودية، العراق، إيران، فنزويلا، الكويت، بقصد توحيد جهود الدول المنتجة للنفط والمصدرة من أراضيها لضبط العلاقة بين هذه الدول والشركات الأجنبية، وهي في معظمها خمس شركات أميركية وشركة بريطانية نروجية والشركة الفرنسية، وتسمى الأخوات السبع (Seven Majors) لزيادة حصة هذه الدول من الأرباح الكبيرة  التي تجنيها هذه الشركات التي تكاد تسيطر على إجمالي إنتاج النفط في هذه الدول بموجب عقود الامتيازات التقليدية التي تتراوح بين 60 سنة و99 سنة، وتسيطر على هذا النفط من فم البئر حتى المستهلك النهائي، بما في ذلك خطوط النقل بالأنابيب 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *