محمية سالوجا وغزال | مجلة السياحة العربية .. #السياحة_العربية
بقلم : م/ طارق بدراوى
محمية سالوجا وغزال وتسمي أيضا محمية جزر الشلال الأول والتي سميت بهذا الإسم نظراً لأنها تقع في نطاق مدينة أسوان في جنوب مصر بمنطقة الـشلال الأول أو الجنـدل الأول ضمن 6 جنادل تقع على إمتداد نهر النيل فى كل من مصر والسودان وتقع المحمية على بعد 3 كم شمال خزان أسوان وهي عبارة عـن جزيرتين رئيسيتين هما جزيرة سالوجا وجزيرة غزال وبينهما عدد مـن الجزر الصغيرة والتي تتصل يبعضها البعض عند إنخفاض منسوب المياه في النيل في فصل الشتاء خاصة في شهرى يناير وفبراير ويعود إسم جزيرة سالوجا إلي أن تلك الكلمة معناها الشلال باللغة النوبية بينما يعود إسم جزيرة غزال إلي أنه يشير فيما يبدو إلى إنتشار نوع من الغزلان في المنطقة في فترة زمنية سابقة بينما لا توجد أية غزلان بجزر المحمية في وقتنا الحالي وإلي الجنوب من المحمية توجد جزيرة سهيل أما شمالا فتوجد جزرأسبونارتي وآمون والحديقة النباتية وقد أعلنت المنطقة محمية طبيعية بقرار من السيد رئيس مجلس وزراء مصر عام 1986م بهدف الحفاظ على التنوع البيولوجي للحيوانات والنباتات والثدييات النادرة المهددة بالإنقراض والمتواجدة بالمحمية كما أعلنت كمحمية محيط حيوي عام 1993م من جانب برنامج الإنسان والمحيط الحيوي بهيئة اليونيسكو في العاصمة الفرنسية باريس وتصنف تلك المحمية ضمن محميات الأراضي الرطبة وهي المناطق التي تغمرها الميـاه بداية مـن عـدة سنتيمترات وحتي عدة أمتار خلال العام وتبلغ مساحتها 5 كم مربع وهي مـن أصغر المحميات الطبيعية على مستوى جمهورية مصر العربية وتضم العديد من النباتـات التي يتميز بها وادي نهر النيل .
![thumbnail (2)]()
ويوجد في المحمية تنوع في الكائنات الحية من المملكتين الحيوانية والنباتية رغم صغر حجم المحمية ووجودها في وسط النيل ومن أشهر الحيوانات الموجودة في المحمية الجمال والماعز والحمار البري والضباع والثعلب الأحمر والذى على الرغم من أنه لا يعيش أساسا في جزر المحمية ولكنه يعيش في الضفة الغربية للنيل ويعبر النهر سباحة ليبني جحرا له على جزر المحمية كما يعيش بالمحمية أيضا 135 نوع من الطيور المقيمة والمهاجرة وبعضها مهدد بالإنقراض ومن أشهر هذه الطيور النادرة أبو منجل الأسود الذي إتخذ رمزا للمحمية والواق الأبيض والأخضر والعقاب النسارية والصقور والوروار والهدهد وعصفور الجنة والبلبل واللقلق الأبيض والأسود والحباري والحجل والرخمة والنعام والبط والأوز المصرى والفرخة السلطانية ودجاجة الماء الأرجوانية والتي لها فائدة كبيرة في تطهير البيئة من الآفات الزراعية ومن البقايا المتحللة وغيرها وبالإضافة إلي الحيوانات والطيور توجد بالمحمية بعض أنواع من الزواحف مثل الحيات والعقارب كما تتميز المحمية أيضا بوجود عدد كبير من اللافقاريات التي يعيش معظمها تحت الشجيرات مثل النمل والخنافس والتي لها دور مهم في التوازن البيئي والبيولوجي وخصوبة التربة بالمحمية .
![thumbnail (3)]()
أما الحياة النباتية في المحمية فهي أكثر تنوعا ووضوحا حيث تم تسجيل أكثر من 140 نوع مختلف من النباتات بالمحمية وبعض هذه النباتات خاص بجزر النيل ولا ينبت خارجها ومن أشهر أشجار المحمية السنط أو الطلح الذي يوجد منه بالمحمية خمسة أنواع ومن النادر تواجد هذا العدد من أنـواع السنط في مكان واحد والذي يوجد منه 13 نوع على مستوى جمهورية مـصر العربية والأنواع المتوافرة من أشجار السنط بالمحمية هي القرض والسيال والخشب والطلح والخروب بالإضافة إلي أشجار الحنة والنبق والعبل والبوص علاوة علي شجرة الست المستحية التي تتميز بالإحساس الشديد والتي تنكمش أوراقها حينما يلمسها أى شخص كنوع من أنواع الدفاع عن النفس والتفسير العلمي لهذه الظاهرة هي أن النبات يسحب الماء من الأوراق إلي الساق حينما يشعر بالخطر وإلي جانب أنواع الأشجار المذكورة توجد بالمحمية أيضا أشجاراللويث والهجليج والكلخ والحنظل والسينامكي والأراك والطرفة والحرجل كما تتميز المحمية بمناظر طبيعية خلابة تجمع ما بين الغطاء النباتي الهادئ غالبا والمسطح المائي لنهر النيل مما جعل منها مزارا سياحيا مهما يحرص الكثيرون من زوار أسوان من المصريين والأجانب علي زيارته وكذلك الكثير من الباحثين والدارسين في مجال العلوم الطبيعية والبيولوجية والجيولوجية .
![thumbnail (4)]()
وتتميز جزر المحمية بطبيعة خاصة قد لا تتوافر فى أماكن أخرى فنجد الطبيعة والطبوغرافية تتباين من منطقة لأخرى داخل المحمية وهذا أعطى لها تنوعاً بيولوجياً فريدا رغم صغر مساحتها فالمناطق الجنوبية من جزر المحمية يغلب عليها الطابع الصخري الجرانيتي الذي تتخلله بعض النباتات ويعد بيئة مناسبة لمعيشة أنواع معينة من الثعابين والمناطق الوسطى من هذه الجزر يطلق عليها مناطق المروج وهي مناطق ترسيبات طبقات الطمي عبر عشرات السنين ويتخللها بعض مساحات من المناطق الصخرية الصغيرة وهذه المنطقة تتميز بكثافة شجرية عالية من أشجار السنط أما المناطق الشمالية من الجزر فتتميز بأنها سهلة ومنبسطة تغطيها الرمال وهذه المناطق يغطيها الماء أثناء فترات إرتفاع منسوب مياه النيل في وقت الفيضان صيفا .
![thumbnail (5)]()
والمحمية تتميز بأنها منطقة خصبة للبحوث العلمية الأساسية وبخاصة تلك المتعلقة بدراسات الجيولوجيا والحيوان والنبات وكان الهدف الأساسي من إقامة المحمية هو الحفاظ على الحياة البرية والنباتية بها إلي جانب تشجيع سياحة المحميات الطبيعية في مصر والإنتفاع من الموارد الطبيعية الموجودة بأرض المحمية بطريقة مقننة وتوفير الحماية للحيوانات والطيور المهددة بالإنقراض وحماية نباتات المنطقة والعمل على إستقرارها وزيادة إنتاجها وزراعة النباتات ذات الأهمية الإقتصادية في مواطن مناسبة بيئيا لضمان دوامها وإستقرارها وزيادة إنتاجها وزراعة شتلات لنباتات إختفت من الجزء السفلي من وادى النيل مثل نبات الهجليج الذي تمت زراعته في صوبات وتوزيعه على قبائل البدو الذين يسكنون في المحمية في صورة شتلات لزراعتها في مناطق وجودهم مما يتيح فرصة إعادة إنتشار هذا النبات بالمنطقة بالإضافة إلى نشر الوعي البيئي بين قبائل البدو وعمل حملات توعية لهم وإرشادهم إلى النباتات التي يمكن أن تستغل بشكل معقول وإتاحة الفرصة لنباتات قليلة الوجود إلى الإنتشار وقد قامت إدارة المحمية بالإشراف على مزارع صغيرة تضم نباتات تستخدم كعلف مثل الذرة وغيرها وذلك لتغطية جزء من إحتياجات البدو وتقليل الضغط على النباتات الطبيعية وأيضا مزارع أخرى لنبات الأراك الذي يستخدم كسواك وعلاج للكثير من أمراض الفم واللثة وكذلك نبات الحرجل وهو من النباتات الطبية الشهيرة بأسوان ويوجد بشكل كبير في وادي حريجل ومناطق أخرى من الوادي .
![thumbnail (6)]()
وبالنسبة للأنشطة بالمحمية فهناك أنشطة كثيرة تقوم بها إدارة المحمية مثل الرصد الدوري للكائنات الحية بالمحمية من حيوانات وطيور ونباتات علاوة علي إجراء دراسات عن الطيور المهاجرة من خلال أعمال محطة ترقيم الطيور التي تم إنشاؤها بالمحمية بالتعاون مع الخبرة البولندية في هذا المجال إلي جانب القيام بأعمال التوعية البيئية اللازمة لسكان المنطقة وإستقبال زائرى المحمية والأفواج السياحية والرحلات المدرسية والقيام بتوضيح وشرح مكوناتها لهم وعن الخطة المستقبلية لتنمية وتطوير المحمية فمنها ربط جميع جزر المحمية من خلال إنشاء عدد من المعابر بالخامات الطبيعية المتوافرة بالمنطقة وإنشاء مركز إستقبال للزوار بالمحمية يشتمل على متحف للتاريخ الطبيعي وقاعة محاضرات ومسرح مفتوح وصالة عرض ومعمل أبحاث والإستمرار في جميع الأنشطة السابقة بجانب العمل على وضع جزر المحمية على الخريطة السياحية بأسوان هذا ويمكن الوصول الى المحمية عن طريق اللنشات التي ترسو بمرسى جزيرة أسوان الذي يقع علي شاطئ النيل أمام مبني سنترال أسوان العمومي والتي تتجه جنوبـا عبر نهر النيل إلـى المحمية وهذه الرحلة النيلية تستغرق للوصول إلى المحمية حوالي 15 دقيقة ولا يوجد رسوم دخول للمحمية لكن يجب الحصول على موافقة لزيارة المحمية في صورة تصريح يصدر من إدارة المحمية يحدد فيه يوم الزيارة وعدد الـزوار ويمكن الحصول على هذا التصريح من مكتب إدارة المحمية المتواجد بقسم إدارة المحميات الطبيعية بالدور الرابع بجهاز شئون البيئة بمدينة أسوان الذى يقع في طريق السادات بجوار بنك الدم .
هذا وتجذب محمية سالوجا وغزال العديد من هواة نوع نادر من السياحة وهي السياحة المعروفة بإسم سياحة مراقبة الطيور وكان من أشهرهواة هذا النوع من السياحة الأمير الياباني الراحل تاكامادو ولي عهد اليابان السابق الذى كان يعشق هذه الهواية النادرة وظل لعدة سنوات يكرر زيارته للمحمية حتي أصبح وجوده فيها يمثل نوعا من العلاقة الخاصة بينه وبين المحمية وعقب وفاته حرصت اليابان علي المساهمة في إقامة مركز بالمحمية تمت تسميته مركز زوار الأمير تاكامادو تخليدا لذكراه وهو يعد أيضا رمزا لمجهودات جمعية الصداقة المصرية اليابانية في حماية البيئة هذا وتحرص زوجة الأمير الياباني الراحل علي زيارة المحمية وممارسة الهواية التي كان يمارسها زوجها وكما تقول دائما إنها تفعل ذلك وفاءا لزوجها الراحل وأيضا من أجل تدعيم العلاقات المصرية اليابانية ورفع الوعي البيئي لدى جموع المصريين وأيضا من أجل وضع محمية سالوجا وغزال علي الخريطة السياحية العالمية كمزار سياحي متميز بوجه عام ومن أجل جذب هواة سياحة مراقبة الطيور إلي تلك المحمية بوجه خاص .