طوف وشوف

مدينة صبراتة بليبيا .. بقلم م/ طارق بدراوى | مجلة السياحة العربية .. #السياحة_العربية

 مدينة صبراتة بليبيا 


مدينة صبراتة إحدى المدن الليبية وكان إسمها قديما أيام حكم اليونانيين لبروتون بولس كاي ليمن وهي تقع جغرافياً في الجهة الشمالية الغربية من ليبيا حيث تمتد المدينة شرقي مدينة زوارة التي تبعد عن العاصمة الليبية طرابلس حوالي 120 كيلو متر غربا ونحو 60 كيلو متر عن حدود تونس شرقا كما تمتد مدينة صبراتة غربي مدينة  صرمان التي تبعد عن العاصمة طرابلس حوالي 60 كيلو متر ويحدها الجبل الغربي من الجنوب ومنطقة العجيلات من الجهة الجنوبية الغرببة والتي تبعد عن العاصمة طرابلس نحو 80 كيلو متر ويمتاز مناخها بأنّه غير حار في فصل الصيف وعليل الهواء وخالٍ من الغبار ومعتدل في فصل الربيع مما ميز منطقتها عن غيرها من المناطق المحيطة بها وقد تأسست مدينة صبراتة كما يقول المؤرخون علي أيدى الفينيقيين في موقعها الحالي نظرا لمناخها المتميز في مطلع الألف الأولى قبل الميلاد في الفترة التي تلت إقامة المستوطنات الفينيقية الأولى في الشمال الأفريقي والتي كانت على رأسها مدينتا قرطاج وعتيقة أو أوتيكا في تونس وكانت صبراتة واحدة من المدن الثلاث التي ضمت إليها قديما أراضي الجزء الشمالي الغربي من ليبيا والذي أطلق عليه قدماء اليونانيين إسم تريبوليس أى إقليم المدن الثلاث كما أطلقوا عليه إسم لامبوريا أى المراكز التجارية حيث كانت هذه المدن الثلاث المشار إليها من أنشط الأسواق والموانئ التجارية الليبية الفينيقية وذلك حتى إنهيار الحكم القرطاجي والذى كان يطلق عليه أيضا البونيقي وهو الإسم الذى أطلقه الرومان علي القرطاجيين تمييزا لهم عن الفينقيين الذين كانوا بالشام وقيام الدولة النوميدية عام 202 ق.م علي أرجح الأقوال وهي مملكة شمال أفريقية قديمة  تأسست في الجزائر الحالية وجزء صغير من تونس وليبيا ثم بدأت في الإنهيار علي أيدى الرومان في منتصف القرن الأول قبل الميلاد ومن ثم تمكن الرومان من بسط نفوذهم الذى واجه مقاومة عنيفة من النوميديين ومن ثم وقعت مدينة صبراتة في أيديهم على أثر الحرب الأهلية الرومانية التي إمتدت آثارها إلى الشمال الأفريقي وإنتصار الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر على خصمه بومبي في موقعة تايسوس ومن ثم تأسست الولاية الأفريقية التي ضمت إليها أراضي لامبوريا وذلك عام 46 ق.م وترجع أطلال المدينة الحالية في معظمها إلى القرنيين الأول والثاني من تأسيس الإمبراطورية الرومانية حيث تم تجديد بناء المعابد البونيقية السابقة بالمدينة والمحيطة بساحة السوق المسماة الفورم والإيوان القضائي أو البازيليكا والمجلس البلدي أو الكوريا في القرن الرابع الميلادي .                         

thumbnail (1)                                                                               

وكانت أبهي عصور مدينة صبراتة إزدهارا خلال فترة حكم الإمبراطورين أنطونيوس بيوس وماركوس أوريليوس مابين عام 138م وعام 180م وذلك كان بسبب إزدهار النشاط التجاري فيها وليس بسبب أى نوع آخر من الأنشطة كالزراعة أو الصناعة ويؤكد ذلك مقر وكلاء تجار صبراتة الذي تم العثور عليه في مرفأ أوستيا القديم على الساحل القريب من مدينة روما حيث تزدان قائمة المقر المذكور بفسيفساء تمت تسميتها صور الفيل وقد إستنتج من هذا أن تجارة صبراتة الرئيسية كانت تقوم على تصدير العاج والمنتجات ذات السمعة الأفريقية الأخرى وذلك عن طريق منطقتي فزان وغدامس الليبيتين وظلت البلدة مزدهرة طوال القرن الثالث الميلادي إلى عهد الأباطرة الرومان السوريين الذين ينتمون إلي شرق البحر المتوسط أو الشمال الأفريقي في أواسط القرن الرابع الميلادي حتى وقع زلزال بالمدينة فضلا عن غزوات السلب والنهب والتخريب التي قامت بها بعض القبائل المناهضة للحكم الروماني مما أدى إلي تراجعها تراجعا كبيرا ولكن المدينة عادت وإستردت مكانتها السابقة في فترات لاحقة وذلك حتى مجئ قبائل الوندال وهي قبائل جرمانية شرقية إجتاحت الشمال الأفريقي في القرن الخامس الميلادي وإقتطعت أجزاء من الإمبراطورية الرومانية وأسسوا لهم دولة في شمال أفريقيا مركزها مدينة قرطاج وضموا إليها جزيرة صقلية والعديد من جزر البحر المتوسط وإستهدفت هذه القبائل صبراتة نهبا وتخريبا عام 455م شأنها شأن بقية المدن الأفريقية التي إحتلوها في تلك الحقبة التاريخية وظلت المدينة مهملة إلى أن إحتلها الجيش البيزنطي ثانية عام 533م وفي عهد الإمبراطور جستينان الذي إستمر في الحكم إلى سنة 565م أعيد تحصين القسم الأقدم من المدينة المجاور لمينائها وذلك بإنشأء وإقامة سور له أبراج كذلك شيدت فيها كنيسة كبيرة غطيت أرضية بهوها بالفسيفساء وقد تم نقل هذه الأرضية الفسيفسائية الرائعة إلى العاصمة طرابلس عام 1931م في فترة الإحتلال الإيطالي لليبيا وهي محفوظة الآن بقاعة خاصة في المتحف الجماهيري بطرابلس وتم في هذه الفترة أيضا بناء مساكن جديدة وعبدت الطرق التي تتخللها فوق أنقاض المدينة القديمة علي مستوى يعلو من 3 إلي 4 قدم فوق المستوى القديم لها كما يتبين لنا من قطاع التنقيب الواقع داخل الباب البيزنطي للمدينة في الجهة اليمنى منه مباشرة .                 

thumbnail (3)   

وفي منتصف القرن السابع الميلادى جاء الفتح الإسلامي إلي الشمال الأفريقي والذى بدأ في عصر الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وذلك عندما تم فتح برقة شرقي ليبيا لتأمين حدود مصر من الجهة الغربية والتي تم ضمها لولاية مصر والتي كانت قد  فُتحت أولا على يد الصحابي عمرو بن العاص عام 21 هجرية الموافق عام 642م ولم يسمح عمر بن الخطاب للمسلمين بتجاوز هذه النقطة حيث تخوف أن يتشتت المسلمون في تلك البلاد وذلك لأنها مجهولة بالنسبة لهم ولا يعلمون عنها وعن تضاريسها ومسالكها وطرقها وسكانها الشئ الكثير ومن ثم سيكون التوغل فيها بمثابة مغامرة ومخاطرة كبيرة غير معروفة النتائج أو مأمونة العواقب ومن ثم وجب علي المسلمين وقف الفتوحات عند هذا الحد حتي يثبتوا أقدامهم في البلاد المفتوحة وينشروا فيها الإسلام ثم يمكن بعد ذلك وطبقا لتقدبرات سليمة للموقف الإستمرار في الفتح بعد ذلك وفي عصر الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه وبداية من عام 27 هجرية الموافق عام 648م تجاوز المسلمون منطقة برقة ووصلوا إلي حدود تونس الحالية وقاموا بفتح ولاية أفريقيا الرومية بأكملها وعندما قتل الخليفة عثمان بن عفان عام 35 هجرية الموافق عام 656 م توقفت الفتوحات على جبهة شمال أفريقيا حيث إنشغل المسلمون في تهدئة الفتن التي إستمرت في زمن الخليفة الرابع علي بن أبي طالب وعندما قامت الدولة الأموية عام 41 هجرية الموافق عام 661م تواصلت الفتوحات الإسلامية في شمال أفريقيا بداية من عهد الخليفة الأموى الأول معاوية بن أبي سفيان وإنتهت في زمن الخليفة الأموى السادس الوليد بن عبد الملك بسقوط كافّة بلاد المغرب العربي والجزء الجنوبي من أسبانيا والمعروف بإسم بلاد الأندلس في قبضة المسلمين ودخول الكثير من أبناء هذه البلاد في الإسلام وإلتحاقهم بجيوش الفتح الإسلامية وذلك خلال العقد الثاني من القرن الثامن الميلادى .           

thumbnail (2)                                                                                      

ويذكر العلامة إبن خلدون في تاريخه إن هذه المدينة كانت قبل الإسلام ملكا لقبيلة نفوسة البربرية ثم هجرها سكانها بعد الفتح الإسلامي حيث فضل ساكنوها من البيزنطيين وكانوا يقدرون بزهاء خمس عشرة ألف نسمة بحسب ما تذكر بعض المصادر الرحيل عنها إلى بلادهم الأصلية وقد كان الإسم الذي عرفت به هذه المدينة عند العرب هو صبرة وبه ذكرها إبن خلدون في تاريخه والتيجاني في رحلته وغيرهما وكان يقطن بجانب المدينة بعد الإسلام وربما قبله مجموعة من بربر زواغة فأخذت المنطقة بكاملها إسم زواغة وبهذا الإسم تذكرها المصادر التاريخية ككتاب التذكار وكتاب المنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب وبهذا الإسم ذكرها أيضا الرحالة المغربي العياشي في رحلته مخطوطة وذكر التيجاني أيضا أن زواغة وهي أكبر قرية في ذلك الموضع وأضخمها وبها نخل كثير ومنها يظهر للمتوسم بعض مباني طرابلس وبينهما نحو خمسين ميلا وقد أخذت هذه المدينة وضواحيها الطابع العربي بعد هجرة قبائل بني سليم إليها والذين يتحدر سكانها الحاليون منهم حيث إستوطنتها قبيلة العلالقة وهي كما ورد في بعض المصادر بطن من بطون بني علاق بن عوف من بني سليم ككتاب المنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب وكما ذكر الإيطالي أجسطيني في كتابه سكان ليبيا الذي ترجمه إلى اللغة العربية خليفة محمد التليسي وكما جاء في بعض موسوعات القبائل كموسوعة القبائل العربية لمؤلفه محمد سليمان الطيب وموسوعة قبائل العرب لمؤلفه عبد الحكيم الوائلي إضافة إلى مصادر أخرى وإسم  صبراتة اليوم لا يشمل المدينة الأثرية القديمة فحسب بل إنه يشمل أيضا المدينة الحديثة أيضا إضافة إلى كل المنطقة المحيطة بها والممتدة من زوارة غربا وصرمان شرقا والجبل الغربي جنوبا ومنطقة العجيلات من الجنوب الغربي وتشمل هذه الأراضي العديد من القرى المعروفة الليبية مثل الخطاطبة ودحمان والنهضة والوادى .    

thumbnail (4)                                                       

 وبعد أن إحتلت إيطاليا ليبيا عام 1911م قررت الحكومة الإيطاليّة إرسال بعثة تتألّف من كبار علماء الآثار والمؤرخين للتنقيب عن الآثار الرومانية في مدينة صبراتة وإستمرت أعمال التنقيب والحفائر من عام 1923م إلى عام 1936م حيث تم خلال هذه المدة الكشف عن نصف مساحة المدينة القديمة تقريبا بما في ذلك المباني العامة وعدد من المساكن والشوارع ومن بين المنشآت المهمة التي تم العثور عليها في تلك الآونة مسرح صبراتة وفي الخمسينيات إستؤنفت أعمال الحفر والتنقيب وإتسع نطاقها فشمل القسم الغربي من المدينة والكائن جنوب السور البيزنطي لها حيث إكتشف حي سكني يرجع للفترة الأولى من تأسيس الامبراطورية الرومانية ويتميز هذا الأثر المعماري بطابعه الليبي الواضح هذا وتتميز مدينة صبراتة بشاطى رملي على البحر الأبيض المتوسط تطل عليه غابات الصنوبر والمنتزهات مثل منتزة صبراتة العائلي وحديقة الحيوانات وكذلك منتزة ظهرة بنور ومنها تستطيع رؤية المنطقة بكاملها والمدينة الأثرية كما يوجد سوق شهير بالمدينة يسمي سوق العلالقة وهو من أكبر الأسواق في ليبيا ومن مميزات هذا السوق أنه مقصد لكل التجار من جميع المناطق الليبية وتونس ومصر حيث تعرض فيه جميع أنواع البضائع ويستمر ليومين كاملين وهما يوما الخميس والجمعة من كل أسبوع  وبإعتبار مدينة صبراتة مدينة سياحية فإن السياح الأجانب لاتفوتهم فرصة زيارة هذا السوق وقد عقدت بها عدة مؤتمرات على مستوى القمم لجمال طقسها ووجود المرافق السياحية الجيدة بها وقد أقام المستعمرون الطليان بها العديد من مزارع الزيتون واللوز لجودة وخصوبة تربتها وتوافر المياه الجوفية العذبة بها وهي لا تزال قائمة حتي الآن على الرغم من العبث ببعضها وتفتيتها وتقسيمها إلى قطع أراضي صغيرة لغرض البناء حالها حال العديد من المناطق الزراعية بمنطقة إقليم طرابلس الغرب.

thumbnail (5)

ومن أبرز المعالم الأثرية الرومانية في مدينة صبراتة مسرحها والذى تم إختياره ضمن أشهر المسارح الرومانية والإغريقية على مستوى العالم وذلك طبقا لتصنيف موقع تروبيا المتخصص في إصدار قوائم أفضل المعالم والمواقع الأثرية والمناظر الطبيعية والجزر والحياة البرية في العالم وقد تم تصنيفه ضمن أشهر 10 مسارح من بين 230 مسرحا رومانيا وإغريقياً على مستوى العالم منها مسرح جرش والمدرج الروماني في الأردن وأوديون هيرودوس أتيكيوس ومسرح دلفي في اليونان والمسرح البرتقالي في فرنسا ومسرح أسبيندوس في تركيا ومسرح بصرى في سوريا ويعد مسرح مدينة صبراتة الأثري الذي يتسع لنحو 5 آلاف متفرج من أكمل النماذج المعبرة عن معمار المسارح الرومانية وتشير المصادر التاريخية إلى أن المسرح الواقع على مسافة 230 متر عن شاطيء البحر الأبيض المتوسط قد بني على الأرجح خلال عهد الإمبراطور كومودوس مابين عام 92م وعام 161م ويتألف من منصة خشبية زينت واجهتها الأمامية بنقوش رخامية بارزة وأعمدة تنتهي بنقوش رائعة لدلافين على الجانبين وتزين واجهة الخشبة سلسلة من الزخارف البارزة تمثل آلهة ومشاهد تاريخية والتي تحمل تيجانٍ كورنتية وسلسلة من محاريب مستطيلة ونصف دائرية في المحراب الأوسط منها الآلهة روما وشخصيات يرتدون ملابس مسرحية مثل الأمازونيات وفي الجوانب نحت آخر يمثل اللاهوت الذي يمثل صبراتة وتتألف خلفية المنصة من ثلاثة طوابق محمولة على أعمدة كورنثية جميلة المنظر مصنوعة من الرخام بأسطوانات محززة رأسيا ولولبيا في الدور الأرضي تشكل أروقة به وبباقي الطوابق وكانت أعمدة الأروقة في الطوابق العليا فوق الطابق الأرضي غير محززة ويبلغ عدد هذه الأعمدة 108 عمود موزعة وفق متوالية مرتبطة بتوزيع الأصوات وهندسة الصوت حيث تعمل الفراغات بين الأعمدة كمكبرات للصوت مما يدل علي تقدم الرومان المذهل في مجال الصوتيات تقدما مذهلا .

thumbnail (7)                                                    

ومن الآثار الرومانية الأخرى التي تم إكتشافها في مدينة صبراتة الفورم وهي السوق العامة للمدينة الذى شيده الرومان فيها وهو يتألّف من ساحة غير مسقوفة ولا يسمح للعربات بالدخول إليه ويحيط بهذا الفورم العديد من المعابد الخاصة بالآلهة الرومانية إضافة إلى بعض الحوانيت والمباني العامة الحكومية وكانت هذه الساحة في زمانهم هي المقر الذي تتم فيه عملية الإقتراع إضافة إلى كونه منبرا يرتاده الخطباء وكانت تقدم في الفورم أيضاً القرابين للآلهة إضافة إلى أنها كانت مكان التجمع والقضاء بين الناس كل ذلك إضافة إلى مزاولة أعمالهم التجارية بها وكان يوجد فيها العديد من الأعمدة إضافة إلى تماثيل خاصة بالآلهة وأيضاً تماثيل للأباطرة ومن المعابد التي كانت تحيط بالفورم معبد ليبرباتر ويوجد هذا المعبد قريبا منها حيث يقع في جهتها الشرقية ويعود تاريخ هذا المعبد إلى القسم الأخير من القرن الأول للميلاد ويوجد فيه بهو محاط بستة أعمدة في نهايته إضافة إلى ثمانية أعمدة في جانبيه وكلها من النوع الكورنثي وكانت مصنوعة من الحجارة الرملية وما زالت هذه الأعمدة حتى أيامنا هذه موجودة ويعتقد أنها لبنائين أحدهما كان منزلا والآخر معبدا وكان ثاني المعابد حول الفورم معبد الإله هرقل وهو يقع في شارع الديكومانوس في مدينة صبراتة وبحسب الكتابات به فإنه يعود لعام 186م ولم يبق اليوم منّه إلا بعض أساساته وقد كان فيه قديماً درج وبجانبه يقع تمثال كبير لهرقل وهو في وضعية الجلوس وثالث المعابد كان معبد الإله إيزيس ويقع هذا المعبد إلى الجهة الشرقية من الحمامات الشهيرة التي كانت موجودة بالمدينة ويعود تاريخ بنائه إلى القسم الأخير من القرن الأول للميلاد وقد أُقيم على أنقاض أحد المعابد الصغيرة في المدينة ولم يبق منه إلا أرضيته التي تدل على وجود أعمدة كورنثيّة تحيط به ورابع المعابد هو معبد سيرابيس ويقع في الجهة الشمالية الغربية من ساحة الفورم وقد وجد في الأنقاض الموجودة في الموقع رأس لتمثال الإله سيرابيس الإسكندري ويعتبر هذا المعبد هو الأقدم بين المعابد الرومانية الموجودة في مدينة صبراتة ويعود تصميمه إلي العمارة الهلينستية التقليدية وتدل المكتشفات على أنّه كان يتضمن عددا من الأعمدة المصنوعة من الأحجار الرملية إلا أن معظمها تم إستبدالها بأعمدة رخامية كما يوجد بمدينة صبراتة أيضا مرسي الكابوط التاريخي الذى يقع أمام المدينة الأثرية والذى نزلت به قوات الإمبراطور جستنيان البيزنطية لتأديب المتمردين البرابرة وقد تم تخريبه بعد الفتح الإسلامي لقطع خط الرجعة على فلول الصليبيين ويوجد بها أيضا مرسى زواغة الذى يقع غرب المدينة الأثرية ويستخدم الآن كمرفأ للصيادين كما يوجد مرفأ آخر شرق المدينة الأثرية يسمى مرسى الوادي وهو أكبر مراسي صبراتة وأقدمها وذلك بالإضافة إلى مرافيء صيد صغيرة تقع حاليا قبالة مستشفى صبراتة والمعهد القومي لعلاج الأورام .    

thumbnail

وإلي جانب الآثار الرومانية فلقد إكتشف العديد من الآثار المسيحية المبكرة بمدينة صبراتة ولكن ما تم إكتشافه يعد قليل من كثير ويعتقد أن القدر الأكبر من هذه الآثار مازال مدفونا تحت الأرض والحفريات التي ستقام مستقبلا سوف تكشف عن الكثير من الآثار المسيحية في هذه المدينة ومن أهم ماتم إكتشافه حتي الآن بها مقبرة مسيحية تسمي الديماس تم إكتشافها عن طريق الصدفة عام 1942م أثناء حفر قناة للمجاري من قبل الجيش الإنجليزي الذي كان قد وصل إلي هذه المنطقة بعد إنتصار الإنجليز علي الألمان والطليان في معركة العلمين وقد تم العثور على جزء من هذا الديماس على بعد 200 متر من البحر وهو يتكون في الوقت الحاضر من ممرين أحدهما يتجه من الغرب إلى الشرق والآخر يتجه من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي وتنتمي غرف الدفن في هذا الديماس إلى النوع المعروف بإسم المدافن القبوية وتزدان بعض هذه المدافن برسومات جدارية جميلة ويتم الدفن في هذه المدافن بوضع التوابيت الحجرية المستطيلة المغطاة بألواح حجرية ورخامية على أرضياتها مباشرة ولقد دلت الحفريات على أن القبور كانت موجودة حتى في ممر الديماس وهذا يدل على أنه إستعمل لمدة زمنية طويلة وهو دليل على تزايد المسيحيين في هذه المدينة ومما يؤكد ذلك العثور على أطلال أربع كنائس بالمنطقة ومن خلال الحفريات التي أجريت خلال عام 1972م في عهد الرئيس معمر القذافي تم التعرف على أن هذا الديماس كان قد إستخدم منذ نهاية القرن الثالث وحتى نهاية القرن الخامس الميلادي وعلاوة علي هذا الديماس تم العثور علي كنيستين بالقرب من حمامات المسرح بمدينة صبراتة ويبدو أن الإختصاصات الدينية لهاتين الكنيستين كانت واحدة ويعتقد أن بداية تشييدهما كان في فترة أواخر القرن الرابع الميلادي ونلاحظ أن المخطط العام وتصميم هاتين الكنيستين مطابق للتخطيط والتصميم البازيليكي التقليدى المتبع في بناء الكنائس في ذلك الوقت علي شكل الصليب الإغريقي كما وجدت آثار لكنيسة ثالثة هي كنيسة البازيليكا وكانت تتكون من صحن في الوسط وجناحين وحنية بالجدار الغربي ولقد أقيم مذبح في الجانب الغربي من هذه الكنيسة وكان في البداية من الخشب ولكن بقاياه الحالية تدل على أنه قد إستبدل بالرخام في فترة لاحقة وقد تم الإستغناء عن حوض التعميد بهذه الكنيسة بإقامة معمودية في منطقة قريبة من الزاوية الشمالية الغربية للكنيسة ومن الكنائس الهامة التي تم إكتشافها أيضا بمدينة صبراتة  كنيسة جستنيان البيزنطية التي إشتهرت بتنسيقاتها وتصميماتها الجميلة والمعروضة الآن بمتحف المدينة .     

thumbnail (9)

ومن المعالم الحديثة في مدينة صبراتة متحف صبراتة الكلاسيكي الروماني والذى تم إفتتاحه عام 1936م ويعود تاريخ الموجودات به ما بين القرن السادس قبل الميلاد والسادس الميلادي وقد تم إغلاقه أثناء الحرب العالمية الثانية وظل مغلقا بعدها لفترة طويلة وأعيد إفتتاحه عام 1966م في عهد آخر ملوك ليبيا الملك إدريس السنوسي وقد تم تصميم المتحف وتنفيذه بواسطة المهندس المعماري الإيطالي فينيشي فوري حيث شرع في بنائه عام 1930م وتم الإنتهاء من بنائه عام 1934م وجاء تصميمه علي شكل مربع وبه فناء داخلي يتوسطه ثلاثة أجنحة أو صالات للعرض فيما يطل الفناء الخارجي على مدخل مدينة صبراتة الأثرية وهذه الصالات الثلاث أولها صالة النحت وتضم عددا من ألواح الفسيفساء التي تم العثور عليها في معبد لبتر باتر في صبراتة ولوحات جدارية من الفريسكو إضافة إلى حمامات البحر ورؤوس لتماثيل بينها رأس الإله الروماني جوبيتر التي تم العثور عليها في معبد الكابيتوليوم بروما إضافة إلى منحوتات جدارية بيزنطية والصالة الثانية هي صالة كنيسة الإمبراطور جستنيان وتتضمن مجموعة من المصابيح والأواني الفخرية وأرضيات من الفسيفساء التي كانت موجودة في كنيسة الإمبراطور جستنيان أو بازيليكا أوغسطين عثر عليها أثناء حفريات تمت عام 1934م أما القاعة الثالثة فهي تضم عددا آخر من القطع المختلفة الإستعمالات والأواني والمصابيح المصنوعة من الرخام والفخار والعاج تم العثور عليها في مناطق مختلفة أثناء حفريات جرت في المنطقة بين عام 1936م وعام 1940م وفي عام 2008م قامت مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية والتنمية برعاية برنامج خاص بعملية صيانة وترميم المتحف بدأت في في شهر أغسطس من هذا العام وبمساهمة شركة إيني شمال أفريقيا الإيطالية .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى