طوف وشوف

القوش ..احدى مراكز السياحة الدينية في محافظة نينوى

سامر الياس – العراق

اثار تصريح بابا الفاتيكان البابا فرنسيس مؤخرا بشان نيته زيارة العراق العام المقبل ردود افعال في الاوساط العراقية خصوصا من جانب المسيحيين الذين وجدوا في هذا التصريح بارقة امل نحو اضاءة الراي العام الدولي بشان ما تعرضوا له من استهدافات في غضون السنوات السابقة لاسيما مع تهجير قسم كبير منهم اثر سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في مناطق سهل نينوى ومدينة الموصل مما عرض حواضر مسيحية واقعة في تلك المناطق مع هذه السيطرة للتخريب والدمار والعبث وانهيار منظومة من التراث المسيحي تناهز تواريخها مع مطلع تباشير المسيحية الاولى في هذه المناطق التي وجدها رهبان وقسس انها من المناطق الامنة التي التجاوا اليها ليؤسسوا فيها حواضرهم الدينية كما هو الحال مع الراهب متي الذي ادى استهداف طاله مع زملائه الرهبان للالتجاء الى جبل مقلوب او ما يعرف بجبل الفاف لكي يؤسس فيها ديره المعروف بدير مار متى في القرن الرابع الميلادي فوق ربوة من هذا الجبل الشاهق ولتتكاثف صومعات الرهبان حتى عرف بجبل الالف الراهب او بالسريانية جبل الفاف ..

وبالعودة مع مبادرة البابا فرنسيس التي ستمثل الى جانب غايتها الرئيسية بمنح الدعم لمسيحيي العراق وابراز دورهم في مناطقهم فان للزيارة البابوية بعد اخر يتمثل في التعريف بالحواضر المسيحية الموجودة في اغلب المحافظات العراقية لاسيما ما تمثله تمركز تلك الحواضر بمدينة الموصل او على عموم محافظة نينوى وقد اخترنا اليوم احد المناطق التاريخية التي ترتكز على بعد حضاري في هذه المنطقة وهي المعروفة بناحية القوش والتي تتميز حواضرها باقترانها بمحطات بارزة في اسفار التاريخ ولابد لنا ان نضيء اولا الى ما تمثله هذه المنطقة تاريخيا حيث يؤكد المؤرخ المنحدر من البلدة بينامين حداد في كتابه المعنون (سفر القوش الثقافي) بان البلدة تربض على سفح جبل القوش وهذا السفح يؤكده حداد بكونه مستوطن بشري تمتد جذوره في اعماق عصور الانسان الاولى تتخلله عشرات الكهوف والمغاور كنخاريب قفير نحل سكنها الانسان وقد قام العمران فوق تلك الكهوف التي لازال بعضها قيد الاستعمال البشري ضمن ما شيد فوقها من بيوت بمادتي الحجر والجص ويندر خلو بيت من بيوت القوش السفحية من واحد من تلك الكهوف وبالاضافة لطبيعة القوش التاريخية فان المؤرخ بينامين حداد يستطرد للاشارة الى ان القوش ايضا تعد مستوطنا اشوريا قديما على مسافة 30 ميلا شمال عاصمة الدولة الاشورية نينوى ..

وتزخر القوش بالعديد من الحواضر المسيحية التي تدعم ملفها في حال اختيارها احدى مدن السياحة الدينية مستقطبة بذلك السياح ممن يرمون زيارة حواضر تاريخية تقترن بعهود من المسيحية التي كان فيها للرهبان دور حيوي في انشاء تلك المباني والتعبد فيها اضافة لمساهمتهم في ادامة شؤون الحياة بالعمل عبر حقول الزراعة وانتاج عصير العنب وغيرها من الاعمال التي تساهم بايجاد دخل اضافي لادامة حياة الاديرة ومنها دير السيدة والمعروف بدير حافظة الزروع وهو يعد امتدادا لدير الربان هرمزد الذي انشيء ديره في القرن السابع الميلادي حيث يقع دير السيدة في سهل منبسط امام سفح جبل القوش ويعد من اكبر ديارات الكلدان ويقع شمال الموصل على بعد 53 كم منها وعلى نحو 2كم شرق القوش وقد ترسخت فكرة انشاء هذا الدير في عام 1857 بعد ان فكر الرهبان بصعوبة تنقلهم للوصول الى ديرهم المعروف بدير الربان هرمزد الواقع على منتصف جبل القوش ففكروا بانشاء دير اخر قرب السفح نظرا لوقوع الدير السابق في موقع ذي تضاريس صعبة قاسية اضافة لشح المياه وصعوبة بناء الدير السابق في بيئته الجبلية ..

ويتوسع المؤرخ بينامين حداد عبر موسوعته المعروفة بالديارات وعبر المجلد الخامس من تلك الموسوعة في عرض ما تعرض له دير السيدة حافظة الزروع عبر سني انشائه منذ ذلك التاريخ المدون حتى اليوم اذ تعرض للكثير من عمليات التجديد والتاهيل فضلا عن استعراض لمناسبات دينية جرت فيه وشهدها اهالي بلدة القوش وعادة ما كانت حاضرة ذلك الدير مناسبة لاقامة تلك المناسبات الدينية التي يحتفل بها المسيحيون لاسيما مع وجود سهل منبسط امام الدير اذ يعمد الكثير من المسيحيين لاقامة مسيرة السعانين التي تسبق الاحتفال بهم الاعياد المسيحية وهو عيد القيامة قرب الدير كما يلبي الدير متطلبات زيارة افواج كبيرة من الزوار والسياح الذين يرمون تتبع خطوات الرهبان او الوقوف بشكل متصل مع دورة الحياة اليومية التي كانوا يحيونها في اروقة الدير ..

67159547_392489601396250_5845817035249942528_n

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى