مقالات

حكاية مغترب .. بقلم / اخلاص مجيد

بغداد: اخلاص مجيد

 المخرج. الفنان. المطرب. الملحن.. العراقي المغترب المتعدد الهوايات قيس عبد اللطيف يبدأ حكايته بمقدمة لأحدى أشعاره بعنوان وطني، فلم احلام في المنفى، وحرب وسلام، برنامج شكو ماكو، وفنانون وشعراء عراقيون في زمن الحرب، يتحدث حصرا الى الزمان من داخل فرنسا، عن اسرار الغربة والعراقيين المغتربين

متى سافرت من العراق؟ ولماذا؟

سافرت من العراق في شهر نوفمبر 1980 عند بداية الحرب العراقية- الايرانية، بهدف اكمال الدراسة، فوجدت نفسي العراقي الوحيد بين 45 مصري في الباص  متوجهين نحو عمان وكنت لا املك من المال غير مبلغ بسيط ونتيجة توقف الطيران اضطررت الى السفر برا من الاردن الى سوريا لعدم توفرت طائرات  بهدف الوصول الى فرنسا ومنها الى بريطانيا لكن بسبب تأزم العلاقات العراقية – السورية قبل ليلة واحدة، تم اخذ رشوة مني مقدارها خمسين دولار وتركوني، من تلك اللحظة علمت ان الدول العربية تقدر الانسان بالمال. – 

 اما عن ذكريات الطفولة فيقول ان الحرمان كان ملازما للطفل العراقي خاصة في المناطق الشعبية،  فانا اساسا من منطقة باب الشيخ وكانت احدى امنياتي حينها اخراج مسلسل عن هذه المنطقة ومعاناة الطفل العراقي، لذلك عندما انهيت الدراسة المتوسطة اردت الالتحاق بمعهد الفنون الجميلة، وبالرغم من انني اجتزت الاختبار وكنت من الاوائل، الا انهم طالبوا مني   الانتماء الى اتحاد طلبة العراق، لذلك اضطررت للتسجيل في اعدادية مهنية / قسم التصوير. وامنيات اي طفل عراقي كانت بسيطة تكاد لا تتعدى رحلة لحديقة الامة او مدينة الالعاب او شراء دراجة هوائية.. الخ وشخصيا كنت احلم بالحصول على كيتار او كاميرة فوتوغرافية لكن صعوبة الوضع المادي، جعل منه مجرد حلم رافقني حتى اصبحت ابلغ من العمر 17 سنة فاشتريت اول جيتار لي بمبلغ 25 دينارا ، وبدأت عندها بتعلم مبادئ الموسيقى.

ما الصعوبات التي واجهتها في الغربة؟

يقول: بعد وصولي الى باريس لم اكن اتحدث اللغة الفرنسية من هنا بدأت معاناتي في الغربة، وبالرغم من رغبتي للسفر الى بريطانيا لإكمال دراستي الا ان ظروفي المادية وصعوبة الحصول على موافقات السفر للعراقيين جعلتني اختار البقاء واستمرت مسيرتي في بوتية التي اصبحت مدينة العراقيين، حيث كان يعيش فيها ايضا عادل عبد المهدي وحسين المهداوي وبرهم صالح واخرين من سياسي العراق اليوم. اما بعد دخول صدام حسين الى الكويت تم تجميد قبولي في المرحلة الاولى من الدكتوراه فضلا عن مناقشات العديد من العراقيين، مما فرض علي الى ترك اكمال الدراسة والعمل في فرنسا، لكسب لقمة العيش فأعدت بحوث عدة تمكنت من خلالها ايضا تطوير نفسي، الا ان اكثر كتاباتي واشعاري وابرز مواضيع الافلام التي اعدها واخرجها هي عن بغداد مدينتي الحبيبة، وبغداد- باريس. كنت عندما اسير في باريس التقط الصور وتعلمت الرسم والكاريكاتير واستغليت الاسلوب الساخر لأبوح عن افكاري، وعملت عشرات الافلام عن السينما القصيرة، والريبورتاجات والافلام الوثائقية، وبرامج منها العدسة المغتربة، الكاميرة المتجولة، وحكايات مغترب وغيرها. ما السبب لعدم عودتك الى الوطن ؟ يجيب بعد انتهاء دراستي ومرور ثماني سنوات في دراسة السينما  لكن ما لبثت ان عادت الحرب الى الساحة العراقية متمثلة هذه المرة بحرب الخليج، وفي اثناء حيرتي بالعودة او البقاء كنت اتابع بحزن شديد اخبار العديد من اصدقائي الذين خسروا حياتهم بعد العودة الى العراق سواء في الحرب الاولى او الثانية، بماذا تنصح الشباب العراقيين؟ في البداية سرد حكايته ليكمل الجواب على هذا التساؤل بالقول: عندما بلغت السابعة عشر من عمري وبعد تمكني من تحقيق اول احلامي بشراء الجيتار، اشتريت ايضا حقيبة سفر، حينها نظرت الي والدتي وادركت حقيقة اصراري على السفر من اجل البحث عن الذات، نصيحتي الى الشباب العربي والعراقي بالأخص، هو البحث عن المعرفة والتجدد من خلال السفر والاطباع على ثقافات الشعوب الاخرى، والتعود على كل ظروف الحياة القاسية والجيدة، فقساوة الحياة في الغربة لها طعم تعليمي اخر ، مهما كنت تقاسي في بلدك لن تتمكن من التقدم وتطبيع النفس على كل ظروف الحياة كما هو الحال في الغربة. وانا افضل قراءة كتب التاريخ، وتحاليل كتاب من الاكاديمية الفرنسية بالفن والادب وامور اخرى، لان اي مهنة مهما كانت بسيطة ان لم تصقل بالقراءة والتعلم والابداع فلن ينجح العاملين فيها مهما كانت تلك المهنة سياسي، فنان، اعلامي وحتى لو كان نجارا. اما عن طريقة دعوتي للمشاركة في مهرجان بابل سنة 1997، عندما كنت اشعر بالحنين والاشتياق الكبير لعائلتي وللعراق، حصلت على دعوة للمشاركة في مهرجان بابل الدولي للمغتربين العراقيين، عندها وجدتها فرصة جيدة للعودة خاصة انني لم اتقدم بطلب اللجوء حينها الى فرنسا لأنني كنت دائما انتظر الفرصة للعودة الى وطني العراق بان يستقر يوما وتنتهي الحروب لكن للأسف هذا الامر بقى مجرد حلم طويل الامد عند العراقيين كافة. هل تعرضت لمخاطر معينة عند مشاركتك في مهرجان بابل الدولي  عام 1997؟  وكنت قلق من المشاركة بسبب سياسة النظام السابق . لماذا لم تعود الى العراق وتبوء مناصب حكومية، خاصة ان المعروف ان اخواتك تولوا مناصب حكومية مهمة بعد 2003.

يشير عبد اللطيف الى انه لم  يكن مرتبطا يوما باي حزب سياسي او ديني، وان من حق اي عراقي  ان يتبؤا المناصب الحكومية وفق مؤهلاتي على اساس مبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب، بغض النظر عن كونه سياسيا او تابع لحزب ما ، او يعيش داخل العراق ام مغترب.  كلنا نطالب بتسهيل العودة وتأمين الحياة، اليوم اصبحنا في الغربة مجتمعين لنكون عراق مصغر، اليوم بلدنا من يحتاج الينا اكثر من حاجته اليه الا ان العراق مازال يستغني عن كنوزه، فكل شخص في الغربة يمثل طاقات ضائعة. غنيت لاهلي جميعا ، واشتياقي للوطن والاصدقاء والجار وحتى لباب الدار.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى