سياحة دينية

من قصص القران الكريم .. قـصــــة حـادثـــة الإفــك

كتب_أحمد الزهراني

خرج النبيّ -عليه السلام- في إحدى غزواته، وكانت معه السيدة عائشة ، وكان عمر السيدة عائشة حين ذاك نحو خمس عشرة سنةٍ، فقد وصفت نفسها بقولها: (كنت جاريةً حديثة السنّ) ولمّا فرغ النبيّ -عليه السلام- من غزوته، وعاد منتصراً محمّلاً بالغنائم، ومعه أسرى من بني المصطلق، نزل في أحد المنازل بقصد المبيت ليلاً، وهناك خرجت السيدة عائشة مبتعدةً عن الجيش بقصد قضاء حاجتها، ولمّا عادت وجدت الجيش تجهّز منادياً للرحيل، وتلمّست السيدة عائشة عقداً في رقبتها فلم تجده، فعادت إلى مكانها تبحث عنه، وحمل المكلّفون بهوادج النساء هودج السيدة عائشة دون أن يشعروا أنّها ليست موجودةً فيها لخفّة وزنها، فلمّا وصلت السيدة عائشة مكان الجيش، كانوا قد انطلقوا دونها، فتلفّعت عباءتها، وبقيت تنتظر من يفتقدها، فيرجع للبحث عنها، وكان هناك من كُلف بمسح المنطقة للتأكّد من عدم نسيان متاعٍ للجند بعد طلوع الفجر، وهو صفوان بن المعطّل، فلمّا رأى السيدة عائشة عرفها، فأناخ لها راحلته لتركب عليها، وأوصلها إلى حيث قوافل المسلمين بعد ذلك.[٦] رأى بعض المنافقين قدوم عائشة مع صفوان، وانضمامهما للجيش، فبدؤوا ينشرون بين صفوف المسلمين إشاعاتٍ كذِباً حول ما حدث بينهما في غيابهما، وكان ذلك ممّا تقصّده هؤلاء المنافقون، وهو إيذاؤها وإيذاء النبي بها، فهي زوجته الحبيبة، وأقرب الناس إليه، وابنة صديقه وخليله أبي بكرٍ، فانتهزوها فرصةً ليدخلوا الإشاعات في صفوف المسلمين حول طهر عائشة، وسُرعان ما انتشر الخبر بين المسلمين منهم من صدّقه، ومنهم من أنكره فور سماعه، وممّا زاد الأمر صعوبةً على النبي -عليه السلام- أنّ الوحي تأخّر عليه عشرين يوماً لا يتنزّل عليه بشيءٍ، وكان من حكمة الله أن أصاب عائشة مرضاً أقعدها عن الخروج بين الناس قرابة الشهر، لا تعلم ما يقولون عنها، ولقد شعرت عائشة اختلافاً في حديث النبيّ -عليه السلام- إليها لم تتفهّمه، وبقيت على حالها هذا حتى تعافت قليلاً وخرجت، وبلغها شيءٌ من حديث الناس عنها، ففزعت وأرادت أن تتحقّق من هذه الأقوال طلبت السيدة عائشة من النبيّ -عليه السلام- أن تُمرّض في بيت أهلها فوافق، فسألت والدتها عن هذه الأقوال فأخبرتها والدتها بما أسمته كيد الناس وحديثهم، فبكت عائشة ليلها كلّه، ولم يرقأ لها دمعٌ بعد ذلك، واحتار النبيّ فيما يفعل، وشاور أصحابه بين فراق عائشة، أو إبقائها حتى يتثبّت من الأقوال والإشاعات، وطال الأمر حتى بلغ قرابة الشهر، وبينما عائشة بين والديها، حتى استأذن النبيّ للدخول، فجلس بعيداً عن عائشة، وقال لها: (ياعائشةُ، إنّه بلَغَني عنك كذا وكذا، فإن كنتِ بريئةً، فسُيُبَرِّئُك اللهُ، وإن كنتِ أَلْمَمْتِ بذنبٍ، فاستغفري اللهَ وتوبي إليه)،نزل هذا الكلام كالصاعقة على عائشة، التي ابكتها هذه الاشاعة المغرضه ، ولم تدرِ بمَ تجيب النبيّ -عليه السلام، ثمّ قالت: (لقد سمعتم هذا الحديثَ حتى استقرَّ في أنفسِكم وصدقتم به، فلئِن قلتُ لكم: إنّي بريئةٌ، لا تصدقوني، ولئن اعترَفْتُ لكم بأمرٍ، والله يعلمُ أنّي منه بريئةٌ، لتُصَدِّقُنِّي، فواللهِ لا أَجِدُ لي ولكم مثلًا إلّا أبا يوسفَ حين قال: فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون) إظهار الله للحقّ بآياتٍ قرآنيةٍ تحوّلت عائشة بعد هذه الكلمات عن مجلس النبيّ واضطجعت، وهي لا تعلم كيف سيبرّئها الله تعالى من هذه الفريّة، وكانت تظنّ أنّ الله سيُري نبيه رؤيا في منامه، يبرأها بها،

وما هي إلّا لحظاتٍ، حتى جأتها البراءة الإلهية. من فوق سبع سنوات بآياتٍ كريمةٍ تتُلى إلى يوم القيامة، تثبت براءة عائشة، وتدحر ظلم وافتراء من جاء بهذا الكذب، قال الله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ والإفك هو أشدّ الكذب، وهو رمي بريءٍ، واتّهامه بما ليس فيه،وما إن تنزّلت الآية وخُفّف عن النبي -عليه السلام- حتى ضحك ونادى عائشة فقال: (يا عائشةُ، أما والله فقد برَّأَكِ)فكانت هذه الآيات الكريمة براءة السيدة عائشة -رضي الله عنها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى