مقالات

السياحة الثقافية : الأبعاد السياحية في رواية شمتو للآديب “مصطفى القرنة” بقلم / لطفى العيادى | مجلة السياحة العربية

تعد رواية شمتو للأديب الأردني مصطفى القرنة أثرا إبداعيا يروج لمنتوج سياحي هام من خلال الأدب.

و ينتقي الروائي فصولها من مخزون جنان جندوبة التاريخي ليغوص في أعماق مدينتين نوميديتين أثريتين : “بلاريجيا” و “شمتو ” بالشمال الغربي التونسي ليبوح بأسرار ها وينحت من سحر الطبيعة فيهما ومن أساطيرها نسيج هذه الرواية التي كانت موضوع اللقاء الأدبي الثاني لبرنامج الكتاب تحت شعار : جندوبة في عيون أدباء وشعراء المنتظم يوم السبت 28جانفي 2017 بفضاء المركب الثقافي عمر السعيدي وفي هذه الورقة أستعرض حوصلة ضافية عن الجلسة العلمية التي عرض فيها الناقد الأستاذ فيصل عبيد مقاربته النقدية لرواية شمتو تحت عنوان: البناء الروائي للتاريخ و أبعاده في رواية شمتو خصائص خطاب الرواية التاريخية:

استهل الكاتب دراسته بتقديم لمحة عن خصائص خطاب الرواية التاريخية معتبرا أنه خطاب يهتمّ بسردية الأحداث التاريخية من ناحية و ببنيته الأسلوبية والجمالية التخييلية من ناحية ثانية كما أنه لا يخلو من خلفية فنية و إيديولوجية في مقاربة المادة التاريخية …وحيال اللبس

حين تلقّي الرواية التاريخية سلط الأستاذ فيصل عبيد الضوء على ما يميز العلاقة بين الروائي و التاريخي مشيرا إلى أن الخطاب الروائي ليس وثيقة تاريخية بل هو عمل إبداعي يتيح التفاعل بين الروائي و المعطى التاريخي وينحصر مدار الأحداث في هذا الأثر الروائي في موقع مقطع الرخام بشمتو

كما يتضمن رسوما في شكل لوحات فنية أثرية و صور فوتوغرافية وهي تندرج ضمن الجانب التوثيقي لتأكيد حقيقة الخلفية التاريخية .

أما محتوى الخطاب فإن استناد الروائي إلى مصادر تاريخية غير معلنة في الهوامش عززت فرضية بحث واسع قام بها المؤلف قبل الكتابة وهو ضروري للإلمام بالسياقات الثقافية و التاريخية التي أنتجتها فالرواية تسرد ثورة ” الدَّوَّارِين” وسميت كذلك لأن الفلاحين أو المساجين يقومون بعمليات دوران مستمرة حول مخازن القمح للسطو عليها وتشير بعض المصادر التاريخية أنها ثورة أمازيغية ضد الاحتلال الروماني للمملكة النوميدية قام بها الفقراء والفلاحون الذين حرموا من الانتفاع بخيرات أراضيهم الخصبة والذين سُلبت منهم ممتلكاتهم

وقد أشار عبيد أن تلك الثورة قامت داخل المناطق المتاخمة لحدود المملكة النوميدية – قريبة من جهة القصرين حاليا – وقادها القائد ” تاكفاريناس ” وليست ” شمتو” كما يوحي بذلك العنوان .

بناء التاريخية في الرواية : ومن جانب آخر اعتبر الناقد فيصل عبيد أن هذه الرواية تستلهم التاريخ وتوظفه ونسجل هنا تقاطع بين نصين وهما المادة التاريخية ونص لاحق يتمثل في النص الروائي وأما العلاقة بينهما فهي علاقة تناص فكتابة التاريخي من هذا المنظور هو إعادة بناء التاريخية ضمن آلية التحويل كما يراه د.محمد القاضي أما المادة الحكائية فمدارها شخصيتان وما لازمها من تطور للسردية الروائية- في سجن بمنطقة مجاورة تسمى بلاريجيا – مشيرا إلى أن كل الشخصيات متخيّلة رغم ما أسنده إليها الروائي من أحداث تاريخية معيرا اهتماما بالغا للجوانب الإنسانية وتردي الأوضاع الاجتماعية في حياة المهمشين والفقراء دون الاهتمام بالقدر نفسه لحياة الملوك و المترفين الميسورين بما يمثلونه من مكون هام في نسيج المجتمع الروماني آنذاك مما يتيح فرص لإعادة قراءة التاريخ وإحياء شخصيات كانت قيد النسيان .. انفتاح المعطى التاريخي على الراهن

واعتبر الأستاذ فيصل عبيد أن مقاومة النوميديين للاحتلال الروماني لم تقع في زمن محدد بل كانت على فترات ممتدة إلى حقبات زمنية متباعدة ومن هذا المنظور يرى أن الروائي وفق في جلب المعطى التاريخي من الماضي البعيد وإدماجه فنيا في الزمن الحاضر فالرواية تنفتح على عديد القضايا التي لازالت منطقة شمتو تعاني منها في الوقت الراهن فمدينة جندوبة الحاضنة لشمتو هي مدينة مقاومة تاريخيا للاستعمار الفرنسي وفي سياق الثورة الحالية تعدّ تعبيرا جديدا لحالة الرفض للحرمان من خيرات الأرض ويمكن اختزالها في الإيمان بقيمة إنسانية كبرى ألا وهي الحرية هذه القيمة التي تعمل على دحر الشعور لدى شعوب العالم بالمظلومية الممتدة على رقاع مترامية في الأرض و التاريخ …

16651710_571943689670535_1606590072_n 16684694_571946073003630_762661325_n 16684796_571944746337096_1438001940_n

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى