مقالات

“غرب سهيل” قرية نوبية على أجندة السياحة العالمية | مجلة السياحة العربية

قرية غرب سهيل أحد قرى النوبة التي تقع جنوب مدينة أسوان، وتقع فوق سفح رملي غرب نهر النيل، وأُنشئت منذ نحو مائة عام عند بناء خزان أسوان القديم عام 1902 ، وتعليته الأولى عام  1912.

و ترجع تسمية القرية إلى وقوعها غرب جزيرة سهيل  تلك الجزيرة المقدسة التي عبد فيها الإله خانوم . وقد عاشت القرية منذ نشأتها مثل باقي قرى التهجير النوبية في فقر وبطالة حتى بداية عام 2001 ، بعد ذلك بدأ حال القرية يتغير تدريجيًا.

                                             أبداع الشباب حول القرية لمتحف مفتوح للحياة النوبية

بعد افتتاح متحف النوبة وقيام بعض شباب القرية بالعمل في المتحف الذي يحكي الحياة النوبية بكل معطياتها ، فتولدت لديهم فكرة تحويل قريتهم إلى متحف مفتوح يحكى قصص الحياة النوبية على أرض الواقع خاصة أن قرية غرب سهيل لم يطلها التهجير ، ومعظم أهلها من النوبيين وهم الأقدر على حكي تراثهم وعاداتهم على الطبيعة .. وتبنى سمير يوسف محافظ أسوان فى ذلك الوقت فكرة شباب القرية . وسعى لتحويل القرية الى مركز للسياحة البيئية . وتم إنشاء مرسى سياحي على نيل القرية بطول 60 مترا لاستيعاب الحركة السياحية الوافدة إلى القرية صيفا وشتاء.

                                                      الفكرة أصبحت واقع

وبدأت الفكرة بتولي  16 من أهل القرية إجراء تعديلات طفيفة في بيوتهم لتصبح مصانع صغيرة أو ورشا لتصنيع وتسويق الحرف البيئية والشعبية،  بجانب أماكن لضيافة السياح، وهو المنطلق الذي جعل القرية صديقة للسياح حيث يجد فيها راحته النفسية بتعايشه مع أهل القرية، وسرعان ما وصل عدد البيوت إلى 30 ثم 50 بيتًا بعد الرواج السياحي الذي شهدته القرية، حتى أصبحت معظم بيوتها معدة لاستقبال السياح الأجانب وأفواج السياحة الداخلية، وأيضا أبناء محافظة أسوان . بعد ان أصبحت القرية مزار سياحي أهم من المواقع والمزارات السياحية التي شيدها المصريين القدماء.

وهناك طريقين للوصول للقرية التي تبعد عن مدينة أسوان بـ 15 كيلو متر. أحدهما هو الطريق البرى عبر كوبري خزان أسوان ، والأخر وهو ما يفضله كل زوار القرية  عن طريق نهر النيل بمراكب شراعية حيث ترسو القوارب عند سفح رملي يسمى “بربر” وتكون في انتظارهم قافلة جمال لنقل الزوار إلى داخل القرية لقضاء  يوما في البيوت النوبية، والاستمتاع بتجربة حية للحياة النوبية ، وبنبرة  حماسية قال نصر الدين عبد الستار، أحد أقدم أهالي القرية الذين ابتكروا سياحة (البيت النوبي المفتوح). إن السياح يحرصون على زيارة القرية في الشتاء والصيف رغم درجة الحرارة الشديدة، وأشار لان القرية في سنوات الرواج السياحي كان يقصدها يوميا حوالي 300 سائح خلال أشهر الصيف وبمعدل 6 آلاف سائح في الشهر. وغالبا ما يأتي السائح الذي يبدأ يومه في السادسة صباحا وينتهي في الثامنة مساء عن طريق نهر النيل في مراكب شراعية، عند سفح رملي يسمى «بربر» يجد في انتظاره قافلة جمال تتولى نقله إلى داخل القرية ليقضي يوما في البيوت النوبية.

ويشارك في الحديث صديقه نصر الدين قائلا : “كل ما يتعلق بتراث النوبة القديمة يجده السائح في غرب سهيل. خاصة التماسيح التي تتم تربيتها في البيوت. ويقدم لها الأجانب الطعام بعد أن يتم ترويض شراستها ومعظمها من الحجم الصغير والمتوسط . بالإضافة إلي الطعام النوبي خاصة الخبز النوبي (العيش الشمس) الذي يترك على سطح البيت ليختمر تحت أشعة الشمس، ويقدم مع الجبن والعسل الأسود للأجانب . ومرورا بالمشغولات اليدوية من الخوص ومشغولات الخرز والطواقي والملابس النوبية التقليدية مثل «الجرجار»  وهو عبارة عن جلابية شفافة سوداء بها كسرات متعددة  ويتم ارتداؤها فوق جلابية ملونة . بالإضافة للنقش بالحناء الأمر الذي تتولاه نساء القرية”.

                                                                      البيت النوبي

 وعن شكل البيت النوبي قال تامر عبد النبي (صاحب أحد البيوت)، إن البيت النوبي يعتمد معماره على الأقبية والأحواش السماوية المفتوحة ويبنى بالطوب (اللبن) أو الحجر الأسواني وهو متنفس الناس في الصيف لذلك فهو بيت صحي تستطع داخله الشمس ويدخله الهواء، وهو ما يلائم الأجانب خاصة في الصيف. وأضاف أن أهم ما في القرية هو الحفاظ على التراث النوبي والعادات النوبية التي كانت موجودة في القرى القديمة (الواقعة على بحيرة ناصر) قبل التهجير. والتي يتم الحرص على توريثها جيلا وراء جيل خوفا من اندثارها .خاصة الألوان التي تكسو كل حياة أهالي القرية وفي زي الرجال وحنة النساء ولون الرمال والبيوت.وأشار لأن بيوت  غرب سهيل بنيت على تل مرتفع عن شاطئ النيل بنحو ١٠ أمتار . ليكون الصعود من الشاطئ إلى الأرض عبر سلالم صخرية حًُفرت فى تكوين التل الطينى. وبأعلى التل تختلط المنازل بمحال بيع الهدايا التذكارية والتحف النوبية، والمنتجات التي تشتهر بها أسوان . كالفول السوداني المحمص على أشعة الشمس. والكركديه. والحناء.والتمر .

وأضاف تامر “ بعض البيوت قسمت إلى نصفين من الداخل . جزء منها تم إعداده كمكان لاستقبال السائحين بعد تزويده بالزخارف والمنتجات النوبية اليدوية مع توفير مكان لجلوسهم على هيئة المجالس في البيوت النوبية، ويقدم للسائحين فى تلك البيوت ما يتمنون الحصول عليه من شيشة، ومشروبات محلية وبعض العصائر، ليكون مقهى بالمعنى الكامل للكلمة، بينما يبقى الجزء الثاني من تلك المنازل ، سكناً للأهلها يعيشون فيه. وفى غرب سهيل تجد مشهد المرأة النوبية التي لا تكف دائما عن تنظيف بيتها وما حوله. ونفس المصاطب الموجودة أمام جميع البيوت التي تملأ بالرمال وتحرص النساء على تنظيفها وغربلتها بحيث تبدو الرمال ناعمة مشعة على الدوام .. وعلى هذه المصاطب في العديد من البيوت التي تجلس  النساء والفتيات من مختلف سنوات العمر. تنشغل كل واحدة منهن بعمل منتج يباع للسائحين مثل الطواقى المزركشه بألوان زاهية وعقود الخرز و الشال والطرح النوبية ، وما إن يشعرن باقتراب مركب يقل السياح. حتى يسرعن بحمل مشغولاتهم اليدوية والوقوف أمام الشاطئ، في محاولة لإقناع السياح بشراء بضاعتهن”.

                                                                 مزار سياحي وبلاتوه مفتوح

 “رغم أن القرية حديثة العهد بالمجال السياحي الذي بدأ منذ عام 2004 إلا أنها تخطت مراحل كثيرة من النمو والتطور السياحي ووصلت إلي مرحلة إثبات ذاتها كمزار في كل البرامج السياحية” ، قال ذلك أحمد سمبو مدير التسويق بأحد الفنادق البيئية التي أنشئت بالقرية وبلغ عددها 10 فنادق بعد شهرة القرية التي يحرص على زيارتها المشاهير من الساسة ونجوم الفن والكرة وإقامة أفراحهم ومناسباتهم بها ، بالإضافة إلى أنها أصبحت مقصدا لمخرجي أفلام السينمائية لتصوير روياتهم السينمائية بها مثل  فيلم (مافيا) الذي قام ببطولته الفنان أحمد السقا ومنى زكى وفيلم (أنت عمري) الذي قام ببطولته هاني سلامة و نيللى كريم وغيرهما .

                                                                 فكر جديد للسياحة

“القرية غيرت مفهوم السياحة في مصر”، بهذه العبارة بدأ المرشد السياحي سعيد عبد القادر حديثه لبوابة أخبار اليوم، وقال بعد أن حولت القرية مساكنها إلى مواقع و مزار سياحي، لاستقبال السياح وتجمعهم بعيدا عن صخب الحياة والمدن الكبرى، وأيضا بعيدا عن نمط السياحة الثقافية التي تشتهر بها أسوان حيث يستقبل الهالى السياح داخل منازلهم ويقدم لهم أشهى الأطعمة والمشروبات المحلية ، مما أدى لوضع أسم القرية على أجندة برامج الشركات السياحية وعلى أغلفة كتب ( الجايد ) والمجلات السياحية العالمية، مشيرًا إلى أن العديد من السياح الأثرياء فى العالم يحرصون على زيارة القرية فى الشتاء، أملا في العلاج من بعض الأمراض مثل أمراض العظام والروماتيد من خلال الدفن في رمال القرية الدافئة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى