كتاب مجلة السياحة العربية

ربيع زروق دليل سياحي بصفات وسمات نادرة لا يمتلكها غيره من الأدلاء

 

جليلة كلاعي: مكتب تونس  مجلّة السياحة العربية

إن كان الدليل السياحي – كما يدل على ذلك الاسم – سفيرا لبلده لدى الوافدين من السياح الأجانب والمحليين بكل اختلافاتهم و لغاتهم المتعددة إلا أن الدليل المغوار ربيع زروق يتجاوز هذه التسمية ليكون عين المنطقة التي يسكنها ولسانها ونبضها بل هو نبض منطقة برقو، عين بوسعدية، سيدي حمادة وجبل السرج… في كل حركة وأينما حل يتحدث عن المنطقة بحيواناتها ونباتاتها واكلاتها الشعبية المتعارف عليها. 

يتحاور مع الإكليل والزعتر والشيح وغيرها من النباتات التي تميز المنطقة ويؤسفه أن تفل بحلول فصل الصيف، اتخذ من حيوانات الجبال أصدقاء كثر له قصص طريفة مع صديقته ريمة (الغزالة الأطلسية) وصديقه عصفور (البومزين) كما يحلو له أن يسميه أما الأبقار الوحشية للمنطقة فيلقي عليها التحية من بعيد ويمضي في حال سبيله مستكشفا الثنايا والوعور الجبلية وما نحتته الطبيعة على الأماكن ويسرع ليلتقط سورة للمكان من اتجاهات عديدة باحثا عن مكامن الجمال في منطقته، لا يعبأ بتغيرات الطقس تراه في أقصى أيامات البرد سائحا متوغلا في أرجاء المنطقة يبحث عما أضافه المناخ من عناصر جديدة لتلك الوجهة يفرح لنزول الأمطار ويستقبلها ولا يعبأ إذا ما ابتلت ثيابه، ويقصد سفوح الجبال إذا ما تساقطت الثلوج ليصافح ضيفه الأبيض.

في الربيع لصاحبنا قصة أخرى ونشاط أخر، فللربيع في هذه الربوع جمال يغري بالنزهة والتجوال ويتفنن ربيع زروق في نقل الحدث بإخراج لا يتقنه اكبر المخرجين السينمائيين في هوليود فتراه ينتقل بين زهرة وأخرى ونبته يقطعها ويلتهمها معلنا عن مذاقها الرائع وفوائدها الصحية، او ينقل لنا طريقة طبخها ويشبعها بهارات متعددة ويدعونا لوليمته الرائعة المذاق ومن إن ينتهي من هذا العرض حتى ينتقل لعرض أخر وهو على حماره في جولة جديدة لمكان أخر واستكشاف جديد.

يظل صاحبنا يسرد لنا كل يوم قصة جديدة وحركية جديدة في ربوع المنطقة مع كل مكونات الطبيعة وعادات وتقاليد المنطقة وتاريخها، يتحدث إلينا عن أوديتها وسدودها وبِركها وجبالها وهضابها ونباتاتها وحيواناتها وشمسها وبردها ونسيمها ولفحيحها فلكل هذه العناصر جمال يغذي فينا حب المغامرة والاستكشاف ومصاحبة هذا الدليل الشاب الطموح الذي يتقد حيوية ونشاط متجدد وهمه الوحيد التعريف بالجهة ككل لجلب الاستثمار وتنشيط الجهة.

هو بذلك الواجهة الثقافية لمنطقته ومن القلائل الذين يثق فيهم السائح عند القدوم إلى وجهته النهائية أثناء قضاء عطلته. 

الدليل السياحي إذن هو بطاقة تعريف البلاد و عنوانها و خارطتها  و إزاء ما يتمتع به من قدرة على تفكيك و تحليل و إبراز العناصر الثقافية و التاريخية و السياسية و الجغرافية و تقديمها للسائح بشكل مبسط و غالبا في قالب ترفيهي يكون الدليل السياحي الشخص المحمول على انه مدرك لكل شيء  وبأدق التفاصيل و الخبايا و هو من منظور السائح الدليل و الدال.

لا احد يتكلم عن الإدلاء السياحيين وظروفهم المادية وهشاشة القطاع الذي ينتمون إليه وتأثرهم بالأزمات التي تحل بالبلد.

أليس – و الحال تلك – من الإنصاف الالتفات إلى ما أضحى علية الإدلاء السياحيون أم انه لابد من إغلاق الطرق و إشعال النيران حتى إذا بلغكم دخانها تيقنتم أنها نار؟

إذا كان لابد من الاهتمام بعملة النزل و مساعدتهم على الاستمرار و العمل على ضمان وظيفتهم فان الإدلاء السياحيين لا يختلفون في شيء عنهم، فهؤلاء عملة فقدوا مواطن شغلهم و الإدلاء فقدوا منذ الثورة ما بقي من مهنتهم و هيبتهم   فالإنصاف ما كان يوما انتقائيا يا أولي الألباب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى