مقالات

البمبوطي | مجلة السياحة العربية

القاهرة – السياحة العربية 

البمبوطية هم تجار البحر الذين يعملون على المراكب مع السفن العابرة في قناة السويس وكلمة البمبوطية كلمة إنجليزية الأصل وأصلها مان بوت أو رجل القارب وتحرفت مان بوت إلى بمبوطي وقد عرفت مدن القناة تلك المهنة منذ افتتاح قناة السويس في شهر نوفمبر عام 1869م في عهد الخديوى إسماعيل فكان بعض أبناء منطقة القناة يتجهون إلى مينائي بورسعيد والسويس وفور رؤيتهم لسفينة قادمة لعبور القناة يتجهون إلي الأرصفة التي سترسو عليها أو يذهبون إليها بمراكب صغيرة لكي يبيعوا لركابها وبحاراتها ما معهم من بضائع وكان الأجانب فور رؤيتهم يسعدون ويدعونهم بالمان بوت ويشترون ما معهم من بضائع وأنتيكات وعاديات تحف ويعطونهم بعض الهدايا من الملابس أو الأجهزة الكهربائية أو النقود في بعض الأحيان ونتيجة التعامل مع الأجانب كان البمبوطية يتقنون عدة لغات يتعاملون بها مع السياح ومع السفن الأجنبية العابرة لقناة السويس علي الرغم من أن غالبيتهم لم يحصلوا على أية شهادة دراسية أو درسوا اللغات الأجنبية ومع ذلك فقد أتقنوا اللغات الأجنبية المختلفة عن طريق السمع والممارسة العملية أثناء تعاملهم مع الأجانب وخاصة اللغتين الإنجليزية والفرنسية بالإضافة إلي اللغة الإيطالية كما أنهم برعوا في التجارة والبيع والشراء فوق السفن منذ نشأة المهنة مع بداية إفتتاح قناة السويس ومرور السفن من كل الجنسيات بها وهذه المهنة تعد مهنة عالمية وتتواجد فى جميع موانئ العالم وليست فقط فى مصر وهى مهنة يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد وقديما كان البمبوطى المصرى الجنسية يعمل مساعدا للبمبوطي الأجنبي إبان وجود الأجانب ببورسعيد والسويس وبعد تأميم القناة في شهر يوليو عام 1956م ورحيل الأجانب عنها أصبح البمبوطى المصرى هو سيد الموقف والمسيطر على المهنة وجاءت الأجيال المتعاقبة لتتوارث تلك المهنة والتى جلبت الكثير من الرزق للعاملين بها وساعدت فى فتح العديد من البيوت كما كانت هذه المهنة فرصة جيدة جدا لتسويق المنتج المحلى للأجانب من البحارة والمسافرين الذين يتواجدون على متن السفن والبواخر العابرة للقناة وأيضا كانت مصدرا هاما من مصادر العملات الأجنبية التي تحتاجها البلاد .     

thumbnail (2)                                                                                            

وكانت البضائع التي يحرص البمبوطي على حملها وبيعها تشمل في البداية المياه الصالحة للشرب وأنواع وأصناف الفاكهة والخضر والأطعمة إلا أنه سريعا ما تغيرت طبيعة السلع التي يحملها البمبوطي على قاربه ليبيعها لركاب السفن والمراكب المرابطة بالميناء حيث أصبحت تشمل بالإضافة إلي ماسبق سلعا تراثية مثل السلع المتداولة في سوق خان الخليلي والبازارات ولم تشهد مهنة البمبوطية هذا التغير فقط في نوعية السلع بل وصل التغير أيضا لطبيعة عمل البمبوطي نفسه كما تغيرت أدوات عمل البمبوطي حيث كان البمبوطي في البداية يحمل بضائعه الشرقية من أسواق بورسعيد أو السويس ويذهب على الحمار إلى الرصيف الذي تنتظر عليه السفينة إما أن يبيعها مقابل عملات أجنبية أو يقايضها ببضاعة أخرى مع البحارة أو السياح ثم تطورت وسيلة نقل البضائع من الحمار إلى التريسيكل ثم القوارب الخشبية الصغيرة وكانت تسمى الواحدة منها فلوكة حتى وصلت إلى الوسيلة الحالية وهى اللنش البحري ومن ثم أصبح لدى البمبوطية  طريقتان لعرض بضائعهم وبيعها فبعضهم ينتظر وصول السياح إلى رصيف ميناء بورسعيد أو السويس حيث يتم عرض بضائعهم بفرشها على رصيف الميناء بينما السفن والناقلات الراسية بالميناء والبعيدة عن الرصيف فيتم الوصول إليها بقوارب صغيرة يستقلها البمبوطي حتى الوصول لسلم السفينة فيعتليه للوصول إلى سطح السفينة حاملا بضائعه في حقيبة جلدية معلقة على الظهر وما أن يصل إلى سطح السفينة حتى يقوم بعرض بضائعه في فترة زمنية لا تتعدى ثلاث ساعات تقريبا وهي فترة رسو السفينة بالميناء لتستكمل رحلة إبحارها .  

thumbnail (3)                                                                                                                              

وقد كانت هناك  للبمبوطية دائما شخصية خاصة إرتبطت بهذه المهنة حيث كانت لهم طريقتهم الخاصة في الحركة والتي تميزهم عن باقى المهن الأخرى ومن هنا نشأت رقصة البمبوطية التي يتم أداؤها من خلال مجموعة من الحركات والخطوات والأهازيج والأغاني تجسيدا لهذه الشخصية وهى معروفة في المدن الساحلية وتعبر عن الواقع اليومى لأهل البحر وطقوسهم وإحتفالاتهم بيوم العمل والرزق والتى قدمتها العديد من فرق الفنون الشعبية على العديد من المسارح بملابس الصيادين والعاملين بالميناء وكانت أشهر هذه الفرق فرقة رضا للفنون الشعبية وكانت أشهر هذه الأغاني تقول كلماتها فى الألف دا مش ممكن يمكن يصادف يمكن قبطان طالع يتمشي عينه على طرف الممشي فتنا الأشراف بشويه والسطه يا باشمهندس جانا الحكيم يانا يكشف وأعطانا بطندا نضيفه يا مراكبي إنت وهو مجدافك والفلوكة خللي الحجاج هنا تنزل تنزل وتزور نبينا يا خوفي المحبوب يقابلني بابا محرج عليا يا بنات إملوا وشيلوا للنهار يطلع عليا باساجيري يا بو القبايل وإفتح لنا المزاريطة شكشك مرزوقة تعالي جنبي تعالي جنبي تعالي جنبي تعالي جنبي يا مركب الهند يا أم دقلين يا ليتني كنت ربانك و أسعي بيكي البر والبحرين وأخزن الرز بأخنانك تك تك براتك شنشيلا بحرين واسعين وأنا شاب حزين ياختي عليكي ياختي عليكي بفرح وبخاف وأنا ع المجداف ملك أديكي ملك أديكي تايه يا ناس والشط منين بحرين واسعين جوه عنيكي ياختي عليكي رموشك شط وشمسية آآآآآآآآآآه والضحكة نغم سمسمية آآآآآآآآآآه توهتي بحور ومركبيهة آآآآآآآآآآه رايحين فى الموجة ومش راجعين تايه يا ناس والشط منين بحرين واسعين جوه عنيكي ياختي علي عنيكى كما إشتهر البمبوطية أيضا بترديد بعض الأنغام مع بعض الكلمات البسيطة والمعبرة بمصاحبة آلة السمسمية منها تسلم يا قنال يا أبو رزق حلال ومنها أيضا أنا بورسعيدى وبمبوطي وببيع بضايع أسيوطي وبحب أهل القابوطي أنا بورسعيدى وبمبوطي بحرية يا ريس بحرية كسيبة وأجدع رجولية وحياتنا تمام زى السمكة ما نطقش نعيش بره الميه وقد قدمت هذه الرقصة العديد من فرق الفنون الشعبية وفي عام 1989م تأسست فرقة الطنبورة للفنون الشعبية بهدف جمع تراث البمبوطية وإعادة إحياء أغانيهم ورقصاتهم التي كانوا يؤدونها أثناء عملهم .

     thumbnail (4)                                                               

ومن الجدير بالذكر أن مهنة البمبوطية تتعرض حاليا للكثير من المصاعب والمعوقات التي برزت بشدة خلال السنوات الماضية مما جعل العديد من الخبراء يؤكدون أنها فى طريقها للإندثار وأن الوضع الحالى لو إستمر فبعد فترة وجيزة ستندثر هذه المهنة تماما وتتحول لجزء من التاريخ حيث لم يعد هناك إعتراف بالبمبوطى داخل الميناء فمكاتب التوكيلات الملاحية لا تساعدهم فى الصعود على البواخر الراسية فى ميناء بورسعيد أو السويس وأيضا التى تمر مباشرة من قناة السويس دون إنتظار في أى من المينائين ويتم منعهم من مزاولة المهنة مع العلم بأنه ليس للبمبوطى أى مورد رزق آخر غير العمل على البواخر وعرض بضائعه من الصناعة المصرية على طقم البحارة الذين يعملون على تلك البواخر وعلي الركاب الذين يستقلونها كما يخضع البمبوطية للعديد من الإجراءات الأمنية المعقدة والمشددة من أجل إستخراج التراخيص والتصاريح الخاصة بعملهم ولذا فهم يطالبون التوكيلات الملاحية بالسماح لهم بمزاولة المهنة دون إعتراض منها حيث أنها ترسل خطابات مباشرة موجهة إلى كل من إدارة شرطة المسطحات المائية وإدارة شرطة الميناء بمنع البمبوطية من الصعود على البواخر رغم حاجتهم لمزاولة عملهم لكسب رزقهم بالشرف والكرامة كما أنهم يطالبون الجهات المختصة إعتبار البمبوطى من منظومة العمل المعترف بها داخل الميناء إذا ما كان رفض الصعود على البواخر من قبل قبطان أو إدارة البواخر حيث في هذه الحالة يكون ليس من حق ربان الباخرة منع أفراد البمبوطية المعترف بهم من قبل الجهات المسئولة عن الميناء علي البواخر ويكون واجبا على التوكيل الملاحي التابعة له كل باخرة توصيل هذه الفكرة وإعطاء صورة محترمة عن مهنة البمبوطى لإدارة الباخرة التابعة له كما أن البمبوطية حاليا يعانون من قلة دخول البواخر إلى مينائي  بورسعيد والسويس ورسوها بمنطقة الغاطس حيث تعبر القناة مباشرة دون إنتظار وهذا الأمر يضر بالبمبوطية ويحرمهم من ممارسة أعمالهم نظرا لقلة البواخر التي تدخل الميناء ولذا يطالب البمبوطية شركات السياحة أن يتم إدراج بورسعيد والسويس ضمن برامج البواخر السياحية العابرة للقناة بحيث تدخل البواخر هذين الميناءين أو أحدهما وقضاء بعض الوقت حتي تكون هناك فرصة لركابها للنزول من الباخرة والتجول في المدينة وزيارة معالمها ومن ثم تتاح لهم الفرصة لمزاولة مهنتهم وعرض بضاعتهم وبيعها لهم كما أنه من ضمن المشاكل التى يعانى منها البمبوطية تزاحم العاملين بشركة الرباط وأنوار السفن على مزاولة عمل البمبوطى مستغلين صعودهم على البواخر العابرة إلى قناة السويس مباشرة بحكم عملهم على الرغم من صدور قرار بمنع العاملين بهذه الشركة من مزاولة هذه المهنة وعدم القيام بعرض أو بيع البضائع على البواخر ولذا يجب على السلطات المختصة مصادرة هذه البضائع وإخطار إدارة الشركة التى يعمل بها هؤلاء الأفراد لمجازاتهم وعقابهم لقيامهم بعمل مخالف وغير مسموح لهم بموجب القرار المشار إليه بالقيام به .

thumbnail (5)

thumbnail (6)

thumbnail (7)

thumbnail (8)

thumbnail (9)

thumbnail (10)

thumbnail (11)

thumbnail

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى