طوف وشوف
لُؤلؤةُ البحر وعاصمة المرجان
سعيد الشعابي – تونس
لُؤلؤةُ البحر وعاصمة المرجان، امتدادٌ من اللاّزوَرْدِ البدِيعِ في المدى المفتوح مدَّ البَصَرِ يُعانق سَقف السّماء الأزرق. وخُضرةٌ تطلُّ من عَالٍ تتخللها سُقوف القِرميد الأحمر فتُكسِبُ المكانَ ملامِحَ مُدُنِ ما وراءَ البحر. والإِبَرُ الشَّاهِقَةُ، صُخُورُ شاطْئِ الأسدِ الأصفر تمتدُّ ارْتِفَاعًا كأنّما تَنْبَثِقُ من الأرضِ اِنْبِثاقًا لِتبلُغ العَنَانَ وتعانقَ سَقفَ السَّماءِ. تأتيها وُفودِ الزّائرين من كلّ الجهاتِ للاصْطِيافِ. أمّا الفينيقيون فقد جاؤوها منذ حوَالى 2800 عام وأسّسُوها فأَسْمَوْهَا “ثَابرْكة ” أو ” طَبْراقةَ ” أي ” موطن الظّلال وبلاد العُلّيق ” تسمِيَةٌ يلمَسُ تفاصِيلَها ويقِف على عِلَّتِها زائِرُ مدِينَةِ طبرقة كلّما تجوّل في أنْحائِها.
مدينة طبرقة هي نافذةُ ولاية جندوبة على المتوسّطِ. تقعُ على بعد 170 كم شمال العاصمة تونس في الجهة الغربية للبحر الأبيض المتوسّط. تقول المصادر التاريخيّةُ إنّ هذه المدينةَ عرفت عصُورًا من الازدهار طِيلةَ القرنين الثالث والرابع الميلاديين حيث نشِطت عمليّاتُ تصدير الفِلّين والرّخام والحبوب نحو ” روما “، فلقد كانت مراكبُ الامبراطوريّة الرّومانية في تلك الأثناء تنطلقُ من مينائها مُحمّلةً بأنواع البضائع والسِّلَعِ.
خضعت المدينةُ في الفترة الممتدة بين عامَيْ 1540 و1741 إلى حُكم ” جمهورية جنوة ” وهي الفترة التي شهدت بناء الحصن الضّخم الذي أُقيمَ فِي قِمّة شِبه الجزيرة غير البعيدةِ عن المدينة ويُعْرَفُ الآنَ باسمِ الحِصن الجِنوي.
عرفت مدينةُ طبرقة تطوُّرًا لافِتًا ومتنامِيًا في السّنين الأخيرةِ فأصبحت من أهمّ الوجهات السياحية في تونس واشتهرت بكونها تجمع بين السياحة الجبلية لِوُقُوعِها على تُخُوم الغابات والسّياحة الشاطئية لامْتِدَادِها بِمُحاذَاةِ البحر. غير أنّ ما يُميزها عن غيرها هو الشاطئ الصخريُّ ذُو المياه الصافية الزّرقاء التي تتكسّر على صخور خلجانها فتُحدِثُ زَبَدًا يَسْحَرُ الناظِرَ ويُبْهِجُ الخَاطِرَ، وفي أغْوارهِ يَكْمُنُ المرجانُ الذي تكثر شِعَابُهُ التي اشتهرت بها المدينةُ فأصبح المرجانُ دالًّا عليها ومُميّزًا لها. وإلى ذلك فمدينةُ فشواطئ طبرقةَ ما فَتِئَتْ تُوفِّرُ فرصةً لهُوّاةِ الغَطسِ لمُمارسة هِوايتهم بالنّظرِ إلى اِشْتِهارِ قاعِها الصّخريِّ بالمرجان وبعالم حيوانيّ فريدٍ. وتُعتبَرُ الفترةُ الممتدّةُ بين شهريْ أفريل ونهاية شهر أكتوبر أفضَلَ أوْقاتِ الغوْص.
4
بطبرقةَ أيضًا ملعبُ صوْلجان يمتدّ على مساحة 110 هك من غابات أشجارِ الكالِيتوس والصّنوبر وعلى شواطئها تمتدُّ سلسلةٌ من الفنادقِ والإقامات تستقبل سنويًّا أعدادًا مُتزايدةً من السواح والزائرين وبالقربِ من صخور شاطِئِ ” الأسد الأصفر ” فِي أعْلَى المُرتفع الذي يُقابِلُ الحصن الجنويّ الأثريّ الذي يَعْتَلِي بدوْرِهِ رَبْوَةَ شِبْهِ الجزيرةِ، أُقِيمَ مَسْرَحُ البَحرِ الذي يمتدُّ على مساحة 110 هك وهو يتَسِعُ لِيَضُمَّ 6000 مُشاهد من مُتابعِي مُختلف العروض الركحيّة الفرجويّة.
هي ذِي طبرقة الفاتنة تستوقفنا فَنَقِفُ عندها مُنبَهرِين ونحن نقْتفِي أثَرَ مواطِنِ الجمالِ وسِحْرِ الأمْكِنَة !