مقالات

بعد عقود من الحفريات اكتشف علماء آثار أمريكيون آثار المدينة التوراتية “سدوم” التي كان يسكنها النبي “لوط” في تل الحمام بـ”الأردن”

كتبت_شـيـمـاء سـيـف 

فى 15 أكتوبر عام 2015 نشرت صحيفة “ديلى ميل” البريطانية، تقريرًا صحفيًا مطولا عن إعلان مجموعة من العلماء الأمريكيين أنهم عثروا على آثار يعتقد أنها تعود لمدينة “سدوم” التاريخية التى كان يسكنها النبى “لوط”، عليه السلام، ويعتقد الخبراء أن الآثار التى وجدت شرقى نهر الأردن تتطابق مع الوصف المذكور فى الكتاب المقدس لمدينة العصر البرونزى “سدوم” التى يعود تاريخها إلى ما بين 3500 و1540 سنة قبل الميلاد.
ووفقًا للتقرير فإن مجمل الدلائل تشير إلى أن المدينة المكتشفة هى مدينة سدوم، وجزء من مدينة عمورة، المذكورة فى سفر التكوين بالعهد القديم، وهاتان المملكتان كانتا واقعتين على نهر الأردن نحو الشمال من البحر الميت الآن، وتم وصف سدوم بأنها فخمة ودائمة الخضرة، وأن ماءها عذب.
واستندت البعثة إلى آيات من الكتاب المقدس، والقرآن الكريم، حيث قال ستيفين كوللينز رئيس البعثة الأثرية، فى تصريحات نقلها موقع “العربية”: “إن  تلك المدينة، التى ذكرت التوراة فى “سفر التكوين” بأن الله عاقبها بالنار والكبريت “لم تتهدم بكاملها بحسب ما كان متوقعا” وفق ما أكده كوللينز الذى اعتبر أن ما تم العثور عليه أشبه “بكنز حقيقى فى كل ما يخص علم الآثار من ناحية نشوء وإدارة مدن/دولة بين 1540 إلى 3500 قبل ‏الميلاد”، مضيفاً أن المعلومات عن الحياة فى منطقة غور الأردن بالعصر البرونزى لم تكن متوفرة قبل تنقيبات البعثة الأميركية، ولا وجود حتى لإشارة فى معظم الخرائط الأثرية عنها بأن مدينة قديمة كانت فيها.
كما استنج إلى النص القرآنى فى آية رقم 35 من “سورة العنكبوت”، بقوله: “ولقد تركنا منها آية بيّنة لقوم يعقلون”، أو فيما معناه أن الله أبقى من المدينة على درس وموعظة للأجيال.
وزارة الآثار والسياحة الأردنية، لم تعلق على الاكتشاف الأمريكى، والتزمت الصمت، فيما صرح مدير دائرة الآثار العامة منذر جمحاوى لموقع “صحح خبرك” الأردنى، بنفى صحة هذه الإكتشافات، معتبرا إياها تقوم على فرضيات وهمية ولا تستند إلى موجودات مادية على أرض الواقع، مؤكدا على أنه لم يتم الكشف عن معززات علمية تشير إلى ذلك.. وبعيدا عن التصريحات السابقة، ما هى حقيقة سدوم، وهل عاش لوط فى تلك البلاد، وكيف تناولتها الأديان الإبراهيمية؟

 

فيما صرح الدكتور عمر الغول، أستاذ الكتابات القديمة والآثار بكلية الآثار والإنثروبولوجيا فى جامعة اليرموك، بأن الفريق الذى قام بالكشف، فريق معروف منذ سنوات بتبنى مقولات دينية على أساس نتائج علمية للتنقيبات الأثرية، ولا يشعر الفريق بالإحراج من تأويل الاكتشافات الأثرية على حسب رؤيته الدينية”.
ويذكر لوط كأحد الشخصيات المقدسة فى الكتاب المقدس لدى اليهود والمسيحيين، كما إنه أحد أنبياء الله، عند المسلمين، وتحدث الكتاب المقدسة والقرآن الكريم، عن فاحشة قوم النبى لوط، الذين كان يعاشرون الرجال دون النساء، قبل يعاقبهم الله بالهلاك، كما ذكر فى سورة الأعراف: “وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ  (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ  (82) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ  (83) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84)”.
وجاء ذكر هذه القصة أيضا من قبل فى سفر التكوين بالكتاب المقدس، حيث سجل النص التوراتى زيارة ملاكين إلى النبى لوط، وما أن دخله بيته، جاء أهل المدينة كى يعاشروهم جنسيا كما”وَقَبْلَمَا اضْطَجَعَا احَاطَ بِالْبَيْتِ رِجَالُ الْمَدِينَةِ رِجَالُ سَدُومَ مِنَ الْحَدَثِ الَى الشَّيْخِ كُلُّ الشَّعْبِ مِنْ اقْصَاهَا. فَنَادُوا لُوطا وَقَالُوا لَهُ: ايْنَ الرَّجُلانِ اللَّذَانِ دَخَلا الَيْكَ اللَّيْلَةَ؟ اخْرِجْهُمَا الَيْنَا لِنَعْرِفَهُمَا(نعاشرهما)” (تكوين 19: 4-5).
فكان العقاب الذى قاما به الملاكين بضرب جميع رجال المدينة وهى سدوم وعمورة، وطلب من لوط وأهله الخروج منها: “امْطَرَ الرَّبُّ عَلَى سَدُومَ وَعَمُورَةَ كِبْرِيتا وَنَارا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ. وَقَلَبَ تِلْكَ الْمُدُنَ وَكُلَّ الدَّائِرَةِ وَجَمِيعَ سُكَّانِ الْمُدُنِ…” (تكوين 19: 24).
وبحسب ما يذكر كتاب “101 أسطورة توراتية: وكيف أبتدع الكتبة القدماء التاريخ التوراتى” لـ جارى جرينبرج، فأن النبى لوط عاش فى الأردن بمدينة سدوم، وذلك بعدما عاد مع خليل الله إبراهيم من مصر إلى كنعان (فلسطين)، وهناك رأى إبراهيم أن الأرض لن تكون كافية لإعالته هو وابن أخيه لوط، لذا أعطى حق انتقاء الأرض لـ”لوط”، ورضى بأخذ ما بقى له من أرض بعد انتقائه، فنطر لوط وقرر العبور إلى شرق الأردن التى تقع على الحدود الشرقية لنهر الأردن، حيث أقام مدينة سدوم.
وهو ما يؤكده أيضا كتاب “التلمـود البعث والحساب والثواب والعقاب”، فإن سدوم المذكورة فى الكتاب المقدس، هى إحدى المدن التى تقع فى دائرة الأردن، بعدما انفصل عن النبى إبراهيم.

وبعد عقود من الحفريات، اكتشف علماء آثار أمريكيون، آثار المدينة التوراتية “سدوم” التي كان يسكنها النبي لوط والتي عاقبها الله بالنار والكبريت في تل الحمام بالأردن.

ويعتقد الخبراء أن الآثار التي عُثر عليها شرقي نهر الأردن تتطابق مع الوصف المذكور في الكتاب المقدس لمدينة العصر البرونزي “سدوم” التي يعود تاريخها إلى ما بين 3500 و1540 سنة قبل الميلاد.

وتشير مجمل الدلائل إلى أن قرية “سدوم” وقرية عمورة الواردة أيضا في “سفر التكوين” العهد القديم، وكانتا مملكتين تقعان على ضفاف نهر الأردن شمال البحر الميت الآن، وتم وصفهما في الكتاب المقدس بأنهما تميزتا بالفخامة والخضرة والماء العذب.

وتعد “سدوم” من إحدى أكبر قرى شرق الأردن المذكورة في جميع نصوص “سفر التكوين” و”العهد الجديد”، وكانت محصنة بأبراج طويلة وجدران سميكة.

 وتتوافق رواية الكتاب المقدس العهد القديم مع رواية القرآن الكريم على أن القريتين ومجموعة أخرى من القرى خسفها الله بسبب ما كان يقترفه أهلها من مفاسد وفق ما جاء في النصوص الدينية، وبعد أن فشلت الملائكة في العثور على رجال صالحين فيها.

 وقال ستيفن كولينز، من جامعة ترينيتي في نيو مكسيكو، المشرف على عمليات التنقيب إن قرية الخطيئة هذه تتطابق مواصفاتها مع الآثار التي عثر عليها والتي يعود تاريخها للفترة ذاتها تقريبا.

يذكر أن عمليات التنقيب عن بقايا العصر البرونزي في جنوب وادي نهر الأردن بدأت عام 2005؛ لكن القرية-المدينة كانت ضخمة للغاية وتشير إلى مجتمع متطور، وكان فريق التنقيب قد عثر على مجموعة من الأدلة كالجدران والأسوار السميكة التي يصل سمكها إلى 5.2 أمتار والمبنية من الطوب واللبن السميك، ويصل ارتفاعها إلى 10 أمتار.

وتتضمن المدينة بوابات وأبراج مراقبة وطريقاً واحداً، وقد تم استبدال الجدران خلال العصر البرونزي ليصل سمكها إلى 7 أمتار كما تمت زيادة ارتفاعها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى